الثلاثاء، 18 أبريل 2017

اسم الكتاب / الملوك المحتسبون: الامر بالمعروف و النهى عن المنكر في السعودية (١٩٢٧-٢٠٠٧)
تأليف: منصور النقيدان
عدد الصفحات: ١٥٠ صفحة
اصدارات مركز المسبار للدراسات و البحوث

يواجه هنا القارئ الحديث مصاعب فكرية عندما يكون موضع النقاش منظمة هلامية التنظيم ك " هيئة الامر بالمعروف و النهى عن المنكر " لا نرى لها تحديد ان كانت حكومية ام اهلية ، دينية ام قانونية ، و عن اختصاصتها و مدى الفروق الدقيقة عن عملها و الشرطة و القضاء ، هنا يواجه القارئ الحديث صعوبة في تخيل هيئة ما تتهم و تحقق و تنفذ عقوبات. هنا يواجه القارئ الحديث حقيقة ان الوضع السعودى معقد متشابك اكثر مما يحتمل

نحن من نعيش خارج تلك البقعة من العالم لا نفهم ان تخصص حكومة و دولة و ملك مخصصات بعينها لجمع الناس -شبه قهريا- الي الصلاة ، او ان يتفرغ اشخاص بعينهم عن الرزق و السعي وراء الحياة لمراقبة من تركب سيارتها مع من ، او ان هناك بشر في عالمنا الفسيح يخصصون كل هذا الوقت و المجهود لمراقبة طول عبائة رجل فيصروا علي قصرها او امرأة فيؤكدوا علي طولها

نحن لا نتخيل ان شيخ -هو الشيخ عبد الرحمن الدوسرى- في العام ١٩٦٠ قمة حركات التحرر في عالمنا العربي يخصص وقتا و مجهود لارسال خطابات من الكويت يشجع فيها استغلال فرصة وجود الملك سعود ل"تخفيض عدد المدارس المخصصة للبنات و قصر الثانويات علي المدن الكبرى" !

نعانى نحن من حقيقة ان هذا كله موجود الي جانبنا و ان ادبيات العرب تغاضت عنها لسنوات الي ظهور كتاب قصير سريع متسرع كهذا يصدمنا بالحقائق تلك

و هو كتاب كما قلنا اسرع مما يجب ، اقصر مما نحب ، يقتصر علي المعلومة و الخبر ولا يمتد الا نادرا نحو التحليل و النقد. سريع متسرع يهدف الي تكثيف اكبر قدر ممكن من الاحداث في اضيق حيز متاح ولا يروى ظمأنا لحجب المعلومات الصارخ عن تلك الحكومة و الدولة و الملك

لكنه حين يناقش و يتحدث يضعها قاصمة صريحة بان الدولة السعودية بشكلها الحالي تقام علي وجود هذا النوع من المؤسسات صغر نشاطه حتى صار اسميا او تضخم تفحل حتى ضاقت به النفوس ، فالمصير مشترك واحد وحيد. و نحن نرى ان كل تلك الانتقادات الموجه للهيئة -هلامية التركيب و القوانين- تكتفي بكشط السطح ولا تعلو ابدا الي حقيقة ان وجود مؤسسات كتلك حدث عجيب في عصر تخطى محاكم التفتيش من قرون

فان كان هدف الهيئة النظام و كبح الجريمة فما فائدة الشرطة؟ و ان كان هدفها العقوبة و العقاب فما هدف القضاء؟ و ان كان دورها مراقبة المطبوعات و منع الحفلات فما دور وزارة الاعلام؟ ...و ان كان هدفها جمع الناس قسرا من الشوارع و البيوت و المحلات للصلاة فبئس الهدف في عصر وصل العالم فيه الي حقيقة بسيطة بان الايمان اما نابع من قلب مؤمن او من عقل منافق و ان الانسان بصير علي نفسه

و الامر يتجاوز حقائق التحقيق بدون تمثيل قانونى او التشهير قبل التحقق او التطاول او حتى حوادث القتل و تأخير وصول المطافئ الي الحرائق قبل التأكد من تغطية شعور النساء نصف المحترقات ، و الامر يتجاوز تواطأ سلطة تنفيذية مع هذا كله،  و حتى ان "اعضاء الحسبة لا يحاسبون" لان في ذلك اضعاف لسلطتهم الوعظية ، و يصل الي ثنائية دين و دولة انفصلت في العالم كله الا من شعب قرر اعادة اختراع العجلة فيفشل في مهمته المقدسة تلك يوميا.

يتعجب المواطن غير السعودى من تطور الهيئة و فزعها من كل تطور حديث فالراديو بدعه و التليفزيون حجيم و اطباق الدش كارثة و الهواتف ذات الكاميرات محل للمقاطع البلوتوث الساخنة و فقط. و فجأة يتحول هدف الميكروفون الي تلاوة اسماء من تخلفوا في صلاة الفجر ، و تتحول فائدة كاميرات الاسواق و المتاجر الي شاشات عملاقة تراقب السلوك لتصطاد من سيخطفن الي مراكز الهيئة للتعزير ، و يتحول الاخ الاكبر اورويلي المنشأ المراقب دائما من شارب عملاق و عيون شاخصة الي "قصير الثياب، طويل اللحى" المحتسب السعودى المثالي.

دينا نبيل
ديسمبر ٢٠١٦

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....