اسم الرواية: كل هذا الهراء
تأليف: عز الدين شكرى فشير
عدد الصفحات: ٣٢٥ صفحة
اصدارات دار الكرمة
التقييم ٥/٤
عشنا كل ما حدّث عنه فشير و أكثر خلال ست سنوات لكنه لم يصدمنا كما صدمنا هنا. لم يكن اقل هولا او بؤسا او سوء مصير لكنه كان متفرق علي الفين يوم و ليلة ، ظلت شهرزاد تقص علينا قصة خيبات أملنا المتتالية و احباطتنا و خططنا المجهضة الف ليلة و زادت عليهم الف ليلة و ليلة أخرى. لكن فشير قرر ان يوم واحد يكفي للمهمة نفسها.
هل كذب فشير علي لسان عمر و أمل؟ نقول لا ... هل هوّل او افترى؟ نقول لا ... هل بالغ او شوه؟ نقول لا ... لكنه بالتأكيد كثّف و ضغط كل مساوئ ستة سنوات تعيسة في حياة مصر في حيز ضيق صغير فقتل الامل معتمدا.
قالب روائي ممتع يصمم فيه فشير قصته زمانيا و مكانيا. يومان و ليلة واحدة في شقة صغيرة تحمل رجل و امرأة يمارسان ما يحبس القضاة من يذكر اسمه علي سرير. و في الحيز الضئيل هذا يصنع فشير حدود قصته و لا محدوديتها في ان واحد .
تستطيع في عمل روائي ان تنطلق من غرفة ضيقة الي العالم الفسيح عندما تحكى و تقص و هو ما اجاد استغلاله فشير. و استفاد من احداث اعماله السابقة كأنه عالم موازى كائن متوفر جاهز دائما للاستشهاد به او الرجوع اليه.
*************
"للموت أثر غريب علينا. لا ادرى ان كنتِ مررتِ بتلك التجربة و مات لكِ شخص قريب من سنك. تشعرين بعدم التصديق ، ثم بالخديعة ، كأن هناك خطأ في قوانين الكون. ليس من المفترض ان يموت الناس في هذا العمر. كأنك تدركين فجأة بشكل ملموس ، انك غير خالدة، أنك ايضا عرضة للاختفاء هكذا في اي لحظة .... و حين يكون الموت قتلا برصاص لا يتحمل مسؤوليته احد ، برصاص ينكر الجميع وجوده اصلا ، تصبح الخديعة مزدوجة ، و خلل قوانين الكون يصبح مسؤولية هؤلاء الذين تلقين انت عليهم بالمسؤولية. هكذا ينقطع ما بينك و بينهم ، مهما برروا الامر بعدها ، مهما اقسموا علي براءتهم و عدم معرفتهم بالخرطوش او القناصة او المدرعات. فيما يخصك كل هذا هراء ، هم القتلة ، و انت تعرفين هذا ، و تكرهينهم "
***************
هل اجاد فشير في القص؟ نقول ربما ، فالقصص رغم واقعيتها لكل من عاش تلك الفترة التعيسة من تاريخ مصر تنتهى دائما نفس النهاية ، فتيات بين القتلي و المغتصبات و فتيان بين السجون و المقابر. كل من دخل السجن خرج منه محطم مكسور ارهابي او يكاد
هل احسن فشير تمثيل و تأريخ ستة سنوات فى تاريخ مصر؟ نقول ربما فعلي الرغم من تأثر شرائح من المجتمع بالثورة و موجتها المتتابعة و احداثها العنيفة قبل السياسية فشريحة اخرى -ربما اكبر- لم تترمل ولا لم تتيتم و لم يقتل اصدقائها بالرصاص مجهول المصدر و رميا من اعلي مدرجات بوسعيد بل قامت الثورة فارتفعت احلامهم و أمالهم و مرتبات بعضهم و جاء كسادها الاعظم يأكل الاحلام و الامال و زيادات المرتب القليلة التى لم تصمد امام فشل الثورة في الملف الاقتصادى ، لكن الثبات لا يصنع دراما و عدم التأثر لا يخلق احداث بل هو نقيض الدراما و الاحداث لذا فالرواية ليست تاريخا ولا تصلح لان تكون تأريخ .
"كل هذا الهراء" تتبنى عالم الثورة و فيه لا تتواجد اسماء بل وجوه غامضة. الديموقراطية لا تعنى البرادعى لكن شبيه له ربما يحمل مزاياه دون عيوبه ، و مرسي ليس رئيس سابق/منقلب عليه/المخلوع بل وجه و لحية و تمثيل لماضي سياسي ممزوج برائحة الدماء الطازجة ، و السيسي ليس رئيس حالي او زعيم او حتى حاكم مستبد بل وجه مكرر لعشرات ممن اتوا عبر التاريخ و رحلوا بعد ان ملأوا الدنيا صراخا و لم يفعلوا الا ما فعله سابقيه. و هى ايضا بلا تواريخ سوى ٢٨ يناير اما كل موجات الثورة المتتابعة -و منهم ٣٠ يونيو نفسها- فمعدومة مشوشة فاقدة للمذاق.
ست سنوات لا تمثل في عمر بلد عتيق كبلدنا الا لحظة لكنها تمثل لجيلنا الفين ليلة و ليلة متتابعات يقوم فيها عمر مقام شهرزراد في انتظار منتصف الليل و ليس الفجر.
دينا نبيل
مارس ٢٠١٧
تأليف: عز الدين شكرى فشير
عدد الصفحات: ٣٢٥ صفحة
اصدارات دار الكرمة
التقييم ٥/٤
عشنا كل ما حدّث عنه فشير و أكثر خلال ست سنوات لكنه لم يصدمنا كما صدمنا هنا. لم يكن اقل هولا او بؤسا او سوء مصير لكنه كان متفرق علي الفين يوم و ليلة ، ظلت شهرزاد تقص علينا قصة خيبات أملنا المتتالية و احباطتنا و خططنا المجهضة الف ليلة و زادت عليهم الف ليلة و ليلة أخرى. لكن فشير قرر ان يوم واحد يكفي للمهمة نفسها.
هل كذب فشير علي لسان عمر و أمل؟ نقول لا ... هل هوّل او افترى؟ نقول لا ... هل بالغ او شوه؟ نقول لا ... لكنه بالتأكيد كثّف و ضغط كل مساوئ ستة سنوات تعيسة في حياة مصر في حيز ضيق صغير فقتل الامل معتمدا.
قالب روائي ممتع يصمم فيه فشير قصته زمانيا و مكانيا. يومان و ليلة واحدة في شقة صغيرة تحمل رجل و امرأة يمارسان ما يحبس القضاة من يذكر اسمه علي سرير. و في الحيز الضئيل هذا يصنع فشير حدود قصته و لا محدوديتها في ان واحد .
تستطيع في عمل روائي ان تنطلق من غرفة ضيقة الي العالم الفسيح عندما تحكى و تقص و هو ما اجاد استغلاله فشير. و استفاد من احداث اعماله السابقة كأنه عالم موازى كائن متوفر جاهز دائما للاستشهاد به او الرجوع اليه.
*************
"للموت أثر غريب علينا. لا ادرى ان كنتِ مررتِ بتلك التجربة و مات لكِ شخص قريب من سنك. تشعرين بعدم التصديق ، ثم بالخديعة ، كأن هناك خطأ في قوانين الكون. ليس من المفترض ان يموت الناس في هذا العمر. كأنك تدركين فجأة بشكل ملموس ، انك غير خالدة، أنك ايضا عرضة للاختفاء هكذا في اي لحظة .... و حين يكون الموت قتلا برصاص لا يتحمل مسؤوليته احد ، برصاص ينكر الجميع وجوده اصلا ، تصبح الخديعة مزدوجة ، و خلل قوانين الكون يصبح مسؤولية هؤلاء الذين تلقين انت عليهم بالمسؤولية. هكذا ينقطع ما بينك و بينهم ، مهما برروا الامر بعدها ، مهما اقسموا علي براءتهم و عدم معرفتهم بالخرطوش او القناصة او المدرعات. فيما يخصك كل هذا هراء ، هم القتلة ، و انت تعرفين هذا ، و تكرهينهم "
***************
هل اجاد فشير في القص؟ نقول ربما ، فالقصص رغم واقعيتها لكل من عاش تلك الفترة التعيسة من تاريخ مصر تنتهى دائما نفس النهاية ، فتيات بين القتلي و المغتصبات و فتيان بين السجون و المقابر. كل من دخل السجن خرج منه محطم مكسور ارهابي او يكاد
هل احسن فشير تمثيل و تأريخ ستة سنوات فى تاريخ مصر؟ نقول ربما فعلي الرغم من تأثر شرائح من المجتمع بالثورة و موجتها المتتابعة و احداثها العنيفة قبل السياسية فشريحة اخرى -ربما اكبر- لم تترمل ولا لم تتيتم و لم يقتل اصدقائها بالرصاص مجهول المصدر و رميا من اعلي مدرجات بوسعيد بل قامت الثورة فارتفعت احلامهم و أمالهم و مرتبات بعضهم و جاء كسادها الاعظم يأكل الاحلام و الامال و زيادات المرتب القليلة التى لم تصمد امام فشل الثورة في الملف الاقتصادى ، لكن الثبات لا يصنع دراما و عدم التأثر لا يخلق احداث بل هو نقيض الدراما و الاحداث لذا فالرواية ليست تاريخا ولا تصلح لان تكون تأريخ .
"كل هذا الهراء" تتبنى عالم الثورة و فيه لا تتواجد اسماء بل وجوه غامضة. الديموقراطية لا تعنى البرادعى لكن شبيه له ربما يحمل مزاياه دون عيوبه ، و مرسي ليس رئيس سابق/منقلب عليه/المخلوع بل وجه و لحية و تمثيل لماضي سياسي ممزوج برائحة الدماء الطازجة ، و السيسي ليس رئيس حالي او زعيم او حتى حاكم مستبد بل وجه مكرر لعشرات ممن اتوا عبر التاريخ و رحلوا بعد ان ملأوا الدنيا صراخا و لم يفعلوا الا ما فعله سابقيه. و هى ايضا بلا تواريخ سوى ٢٨ يناير اما كل موجات الثورة المتتابعة -و منهم ٣٠ يونيو نفسها- فمعدومة مشوشة فاقدة للمذاق.
ست سنوات لا تمثل في عمر بلد عتيق كبلدنا الا لحظة لكنها تمثل لجيلنا الفين ليلة و ليلة متتابعات يقوم فيها عمر مقام شهرزراد في انتظار منتصف الليل و ليس الفجر.
دينا نبيل
مارس ٢٠١٧
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....