اسم الرواية: ألف شمس ساطعة
تأليف: خالد حسيني
ترجمة: ايهاب عبد الحميد
عدد الصفحات: ٥٤٣ صفحة
اصدارات دار بلومزبرى-مؤسسة قطر للنشر
التقييم: ٥/٤.٥
عندما يتبادر الي الذهن اسم "افغانستان" تقفز الي المخيلة تلقائيا صورة امرأة ترتدى نقاب ازرق تكاد تتعثر في طيات قماشه و تمشي بين انقاض انفجار ما في مدينة مزدحمة. عندما يتبادر الي الذهن اسم "افغانستان" نتذكرها منطقة صراع لحرب بالوكالة تشارك فيها كل جيوش الدنيا بسلاحها و تجرب فيها كل تقتنيات الحرب الجديدة و ربما تتصارع الي اثبات تمدد نفوذ سياستها. عندما يتبادر الي الذهن اسم افغانستان تقفز الذاكرة الي حرب باردة طويلة بين المعسكر الشرقي و الغربي لا يؤدى الي حسمها اكثر مما يؤدى الي تسليح ميلشيات اسلامية بسلاح متقدم. يرتبط اسم افغانستان بالخطأ الاستراتيجى لسياسات امريكا في الثمانينات و ربما بتوابيت الزنك ترجع مشحونة بالجثث الي موسكو ، يرتبط بالتبرعات التى جمعت في مساجد مصر لمساعدة "اخواننا" و التى لم ترد الي مصر الا بطلقات في صدر ابناءها بشكل او بأخر ، لا يرتبط في الذهن اسم افغانستان سوى بالفشل.
في غمرة ما يقفز الي اذهاننا دون تفكير ، ننسي ان تلك "الافغانستان" تحوى بشر يتنفس و يعيش و يهمل و يكاد يموت من خيبات الامل قبل ان يقتله البرد او الرصاص او شظايا تائهة من قنبلة مزروعة.
يتحمل "خالد حسينى" ها هنا مسؤوليته التاريخية في اثبات ان افغانستان ليست "خطأ استراتيجى" بل ربما اكثر من ذلك بكثير. يلفت انتباهنا و انتباه العالم لتلك البقعة التعيسة من الكون و نحن نحب ان نشاركه رحلته تلك.
في ايقاع سريع و دراما حقيقية يتحرك بنا خالد حسينى بين جنبات قصته. يحمل ثقل خمسمئة صفحة بلا جهد و يملأ جنبات صفحاته بمزيج -نعترف انه مبهر- بين الحركة و السكون ، بين التأمل في اصغر التفاصيل الانسانية و الدرامية و بين التحرك السريع للاحداث. لا تكاد تمر صفحة من "الف شمس ساطعة" دون حدث ما. حدث عادة مؤثر في سير القصة و هو الغريب حقا لانها تحتوى علي تأملات دقيقة في نفس الوقت.
يرى خالد حسينى اين تفكر و يفعل عكسه ، في كل مرة تتوقع حدثا نمطيا مكررا يحب حسينى مفاجأتك بتحول مثير. يصدمك احيانا من سرعه الايقاع ثم يهدأ ليفكر و ليجعل الكاميرا تدور حول ليلي و مريم.
احيانا يريك مريم و نانا و جليل و عزيزة و زلماى و رشيد و طارق في مركز المشهد. بينما بالرؤية الجانبية المحيطة تتأمل حال الافغان بين دورات الامل و اليأس المتتالية. مشهد سياسي لا يبدو لنا مهم في حد ذاته بل شديد الاهمية -فقط- لتأثيره علي حياة البشر و لقمات العيش و طول الثياب و تحديد عادات حلق اللحية.
رواية تحمل عبء بطلتين كلاهما في دور رئيسي. كلاهما سيدة كاملة الملامح و الاحلام و المخاوف. يتفنن مؤلفها في صنعها من الصلصال ثم ينفخ فيها الروح عبر احداث قصته.
و هى شديدة التفاؤل رغم حزنها الدفين ، نكاد نلمح أمل -غير واقعي؟!- عند نهاية كل نفق حالم. و هى تستطيع ان تنتهى بشظايا قنبلة ضالة دائما لكن ملاك حارس يتمثل في خالد حسينى نفسه ينقل شخصياته الي بر يشبه الامان. "الف شمس ساطعة" تستطيع رغم كل حزنها ان تكون اكثر بؤسا و مأساة.
رواية ضخمة حجما تحمل روح خفيفة تجعل انهاء صفحاتها الخمسمئة في ثلاثة ايام حدث غير استثنائي لها. لكنها رحلة نحب ان نتذكر ان حسينى أخذنا فيها.
دينا نبيل
مارس ٢٠١٧
تأليف: خالد حسيني
ترجمة: ايهاب عبد الحميد
عدد الصفحات: ٥٤٣ صفحة
اصدارات دار بلومزبرى-مؤسسة قطر للنشر
التقييم: ٥/٤.٥
عندما يتبادر الي الذهن اسم "افغانستان" تقفز الي المخيلة تلقائيا صورة امرأة ترتدى نقاب ازرق تكاد تتعثر في طيات قماشه و تمشي بين انقاض انفجار ما في مدينة مزدحمة. عندما يتبادر الي الذهن اسم "افغانستان" نتذكرها منطقة صراع لحرب بالوكالة تشارك فيها كل جيوش الدنيا بسلاحها و تجرب فيها كل تقتنيات الحرب الجديدة و ربما تتصارع الي اثبات تمدد نفوذ سياستها. عندما يتبادر الي الذهن اسم افغانستان تقفز الذاكرة الي حرب باردة طويلة بين المعسكر الشرقي و الغربي لا يؤدى الي حسمها اكثر مما يؤدى الي تسليح ميلشيات اسلامية بسلاح متقدم. يرتبط اسم افغانستان بالخطأ الاستراتيجى لسياسات امريكا في الثمانينات و ربما بتوابيت الزنك ترجع مشحونة بالجثث الي موسكو ، يرتبط بالتبرعات التى جمعت في مساجد مصر لمساعدة "اخواننا" و التى لم ترد الي مصر الا بطلقات في صدر ابناءها بشكل او بأخر ، لا يرتبط في الذهن اسم افغانستان سوى بالفشل.
في غمرة ما يقفز الي اذهاننا دون تفكير ، ننسي ان تلك "الافغانستان" تحوى بشر يتنفس و يعيش و يهمل و يكاد يموت من خيبات الامل قبل ان يقتله البرد او الرصاص او شظايا تائهة من قنبلة مزروعة.
يتحمل "خالد حسينى" ها هنا مسؤوليته التاريخية في اثبات ان افغانستان ليست "خطأ استراتيجى" بل ربما اكثر من ذلك بكثير. يلفت انتباهنا و انتباه العالم لتلك البقعة التعيسة من الكون و نحن نحب ان نشاركه رحلته تلك.
في ايقاع سريع و دراما حقيقية يتحرك بنا خالد حسينى بين جنبات قصته. يحمل ثقل خمسمئة صفحة بلا جهد و يملأ جنبات صفحاته بمزيج -نعترف انه مبهر- بين الحركة و السكون ، بين التأمل في اصغر التفاصيل الانسانية و الدرامية و بين التحرك السريع للاحداث. لا تكاد تمر صفحة من "الف شمس ساطعة" دون حدث ما. حدث عادة مؤثر في سير القصة و هو الغريب حقا لانها تحتوى علي تأملات دقيقة في نفس الوقت.
يرى خالد حسينى اين تفكر و يفعل عكسه ، في كل مرة تتوقع حدثا نمطيا مكررا يحب حسينى مفاجأتك بتحول مثير. يصدمك احيانا من سرعه الايقاع ثم يهدأ ليفكر و ليجعل الكاميرا تدور حول ليلي و مريم.
احيانا يريك مريم و نانا و جليل و عزيزة و زلماى و رشيد و طارق في مركز المشهد. بينما بالرؤية الجانبية المحيطة تتأمل حال الافغان بين دورات الامل و اليأس المتتالية. مشهد سياسي لا يبدو لنا مهم في حد ذاته بل شديد الاهمية -فقط- لتأثيره علي حياة البشر و لقمات العيش و طول الثياب و تحديد عادات حلق اللحية.
رواية تحمل عبء بطلتين كلاهما في دور رئيسي. كلاهما سيدة كاملة الملامح و الاحلام و المخاوف. يتفنن مؤلفها في صنعها من الصلصال ثم ينفخ فيها الروح عبر احداث قصته.
و هى شديدة التفاؤل رغم حزنها الدفين ، نكاد نلمح أمل -غير واقعي؟!- عند نهاية كل نفق حالم. و هى تستطيع ان تنتهى بشظايا قنبلة ضالة دائما لكن ملاك حارس يتمثل في خالد حسينى نفسه ينقل شخصياته الي بر يشبه الامان. "الف شمس ساطعة" تستطيع رغم كل حزنها ان تكون اكثر بؤسا و مأساة.
رواية ضخمة حجما تحمل روح خفيفة تجعل انهاء صفحاتها الخمسمئة في ثلاثة ايام حدث غير استثنائي لها. لكنها رحلة نحب ان نتذكر ان حسينى أخذنا فيها.
دينا نبيل
مارس ٢٠١٧
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....