اسم الرواية: المجلد الاول من "الحرب و السلام"
تأليف: ليون تولستوى
ترجمة: سامي الدروبي
عدد الصفحات: ٨٥٠ صفحة
اصدارات منشورات وزارة الثقافة - دمشق
عندما تبدأ في قراءة عمل بجحم "الحرب و السلام" تشعر بكل مخاوف الدنيا ، تتسأل ان كانت قدرتك علي الاحتمال تصلح لقراءة عمل يتجاوز ال٣٠٠٠ صفحة ، تتسأل هل حقا الاعمال العظيمة مملة كما نتخيلها؟ ، تتسأل عن ضرورة قراءة العمل بنصه الاصلي ام الاكتفاء بنسخة مضغوطة بديل واقعي ... لكنك ما ان تتاخذ القرار تجد ان تولستوى يأخذك برفق -في البداية علي الاقل- الي عالمه المتشابك الجديد
"الحرب و السلام" التي تتكون من اربع مجلدات ضخمة ، و تحكى حرب روسيا مع نابليون تلك الحرب البعيدة عن ذهن القارئ العربي تتمكن بشكل ما من تجاوز محليتها و تشابكات عصرها بل و حتي شخصياتها التي احصاها النقاد فوصلوا للرقم "٥٥٩" في العد
المجلد الاول من الرواية الملحمية تلك يختبرك صبرك ، تخبرك انك لن تستطيع معاها صبرا فتصر ، يغرقك الاديب الروسي القدير بكم هائل من الصالونات الطبقية الباردة و صفحات و صفحات عن المعايير الاجتماعية المتكلسة التي عفي عنها الزمن ، صفحات و صفحات من السلام الممض الممل الممتلئ حتي حافته بفساتين مطرزة و حديث بارد دبلوماسي ، صفحات و صفحات من التفاصيل الصغيرة المنمنمة عن الشعر المستعار و الميراث المفقود و لهو الصبيان ، صفحات تمر تختبر صبرك
صفحات تبدو مملة الا من مشاهد مكتملة كمشهد الفصول الاربعة لموقف موت الكونت بيزوخوف و المنافسة علي الوصية و الميراث ، كيف استطاع تولستوى ان يصمم مشهد صراع حاد كهذا في ظل المحافظة علي الشكل الظاهرى لرقة الحاشية و الطبقة العليا ، كيف تنافست الاميرات علي محفظة ميراثهن بينما يتناول الكونت اسرار موته الاخيرة ، مشاهد يصحبه توتر شديد في ظل الحفاظ المطلق علي المظاهر و البروتوكول ، مشهد سينمائي نتخيله بديكوره و شكل اضاءته ، مشهد ربما يصلح كقصة قصيرة في حد ذاته
لكنك ما ان تصل الي الحرب حتي يفقد السلام ملله ، يضعك تولستوى هنا -في احد اقدم روايات الحرب التي قلدت لاحقا كثيرا- في قلب حدث الحرب ، مناوشات عسكرية و خطط حربية معقدة و جبن و شجاعة و سماء زرقاء بعيدة تراقب في صمت محايد ، تشاهد جنرال و كولونيل يتناطحان بين الانسحاب و الهجوم فيحيي كل منهما صاحبه بكياسة و لباقة و هو يضمر له حقدا و كراهية ، ما ان تصل الي الحرب حتي يجعلك تولستوى تراقب ان لا شئ يفصل بين الجيشين في الحرب اللهم الا الخط الرهيب خط الغيب المجهول الذى لا يشبه الا الخط الفاصل بين الاحياء و الاموات ، فيحبس كل فرد تنفسه متساءلا هل سيتخطى الخط اليوم ام ستأجل اللحظة الي يوم لاحق ، ترى طموحات الضباط في نقلة نوعية او شجاعة صارخة تغير حياتهم الي الابد ، شجاعة تجعلهم يحملون ذكراها في يوم هادئ دافئ عندما يغزو الشيب رؤسهم
ما ان تصل الي الحرب حتي تفتقد الاعيب "ناتاشا" الصغيرة في السلم البعيد ، و خجل بطرس امام مجتمع راقى لا يجيد حل الغازه ، ما ان تصل الي الحرب حتي تراقب امير اندره يحاول ان يجد الاله في دوامة اللامنطق و يجد الشجاعة فى قلب اللامعقول ، و تشاهد روستوف يتأمل في ملكيه بحب جارف يستلهم منه شجاعة في مواجهة نابليون الشجاع ، و تتابع بوريس يحقق احلام امه بدبلوماسية واقعية تختبئ في مقر الشجاعة المثالية
مجلد ربما اطول مما يجب ، لكننا نجد انفسنا بعده قد اندمجنا بشكل يصعب علينا ان نفعل نقدنا باكثر مما نكتبه ، فنسرع الي المجلد الثاني بحماس اكثر و شك اقل ...
دينا نبيل
ابريل ٢٠١٦
#مكملين #شهر_الادب_الكلاسيكي
تأليف: ليون تولستوى
ترجمة: سامي الدروبي
عدد الصفحات: ٨٥٠ صفحة
اصدارات منشورات وزارة الثقافة - دمشق
عندما تبدأ في قراءة عمل بجحم "الحرب و السلام" تشعر بكل مخاوف الدنيا ، تتسأل ان كانت قدرتك علي الاحتمال تصلح لقراءة عمل يتجاوز ال٣٠٠٠ صفحة ، تتسأل هل حقا الاعمال العظيمة مملة كما نتخيلها؟ ، تتسأل عن ضرورة قراءة العمل بنصه الاصلي ام الاكتفاء بنسخة مضغوطة بديل واقعي ... لكنك ما ان تتاخذ القرار تجد ان تولستوى يأخذك برفق -في البداية علي الاقل- الي عالمه المتشابك الجديد
"الحرب و السلام" التي تتكون من اربع مجلدات ضخمة ، و تحكى حرب روسيا مع نابليون تلك الحرب البعيدة عن ذهن القارئ العربي تتمكن بشكل ما من تجاوز محليتها و تشابكات عصرها بل و حتي شخصياتها التي احصاها النقاد فوصلوا للرقم "٥٥٩" في العد
المجلد الاول من الرواية الملحمية تلك يختبرك صبرك ، تخبرك انك لن تستطيع معاها صبرا فتصر ، يغرقك الاديب الروسي القدير بكم هائل من الصالونات الطبقية الباردة و صفحات و صفحات عن المعايير الاجتماعية المتكلسة التي عفي عنها الزمن ، صفحات و صفحات من السلام الممض الممل الممتلئ حتي حافته بفساتين مطرزة و حديث بارد دبلوماسي ، صفحات و صفحات من التفاصيل الصغيرة المنمنمة عن الشعر المستعار و الميراث المفقود و لهو الصبيان ، صفحات تمر تختبر صبرك
صفحات تبدو مملة الا من مشاهد مكتملة كمشهد الفصول الاربعة لموقف موت الكونت بيزوخوف و المنافسة علي الوصية و الميراث ، كيف استطاع تولستوى ان يصمم مشهد صراع حاد كهذا في ظل المحافظة علي الشكل الظاهرى لرقة الحاشية و الطبقة العليا ، كيف تنافست الاميرات علي محفظة ميراثهن بينما يتناول الكونت اسرار موته الاخيرة ، مشاهد يصحبه توتر شديد في ظل الحفاظ المطلق علي المظاهر و البروتوكول ، مشهد سينمائي نتخيله بديكوره و شكل اضاءته ، مشهد ربما يصلح كقصة قصيرة في حد ذاته
لكنك ما ان تصل الي الحرب حتي يفقد السلام ملله ، يضعك تولستوى هنا -في احد اقدم روايات الحرب التي قلدت لاحقا كثيرا- في قلب حدث الحرب ، مناوشات عسكرية و خطط حربية معقدة و جبن و شجاعة و سماء زرقاء بعيدة تراقب في صمت محايد ، تشاهد جنرال و كولونيل يتناطحان بين الانسحاب و الهجوم فيحيي كل منهما صاحبه بكياسة و لباقة و هو يضمر له حقدا و كراهية ، ما ان تصل الي الحرب حتي يجعلك تولستوى تراقب ان لا شئ يفصل بين الجيشين في الحرب اللهم الا الخط الرهيب خط الغيب المجهول الذى لا يشبه الا الخط الفاصل بين الاحياء و الاموات ، فيحبس كل فرد تنفسه متساءلا هل سيتخطى الخط اليوم ام ستأجل اللحظة الي يوم لاحق ، ترى طموحات الضباط في نقلة نوعية او شجاعة صارخة تغير حياتهم الي الابد ، شجاعة تجعلهم يحملون ذكراها في يوم هادئ دافئ عندما يغزو الشيب رؤسهم
ما ان تصل الي الحرب حتي تفتقد الاعيب "ناتاشا" الصغيرة في السلم البعيد ، و خجل بطرس امام مجتمع راقى لا يجيد حل الغازه ، ما ان تصل الي الحرب حتي تراقب امير اندره يحاول ان يجد الاله في دوامة اللامنطق و يجد الشجاعة فى قلب اللامعقول ، و تشاهد روستوف يتأمل في ملكيه بحب جارف يستلهم منه شجاعة في مواجهة نابليون الشجاع ، و تتابع بوريس يحقق احلام امه بدبلوماسية واقعية تختبئ في مقر الشجاعة المثالية
مجلد ربما اطول مما يجب ، لكننا نجد انفسنا بعده قد اندمجنا بشكل يصعب علينا ان نفعل نقدنا باكثر مما نكتبه ، فنسرع الي المجلد الثاني بحماس اكثر و شك اقل ...
دينا نبيل
ابريل ٢٠١٦
#مكملين #شهر_الادب_الكلاسيكي
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....