اسم الرواية: القاهرة الجديدة
تأليف: نجيب محفوظ
عدد الصفحات: ٢١٨ صفحة
اصدارات دار الشروق
التقييم: ٥/٤
ننسي احيانا عندما نطالع رواية عظيمة ظروف كتابتها ، ننسي احيانا في غمرة اعجابنا ب"القاهرة الجديدة" التى نقلت الي السينما باسم "القاهرة ٣٠" انها تقريبا اول اعمال نجيب محفوظ الادبية الحقيقية. كتبت عام ١٩٤٥ و سبقها فقط محاولات محفوظ في القصص القصيرة و في الروايات التاريخية التى لا نعتبرها اليوم اقوى اعماله. ننسي احيانا في زخم اعجابنا الطاغي بالقصة و رسم شخصياتها و حرارة مواقفها ان تلك التحفة الصغيرة كتبت قبل ٧ سنوات من ثورة ١٩٥٢ حتى.
قصة بناها محفوظ علي قواعد اربعة من الاصدقاء -قررت السينما لاحقا ان تنقل الينا فقط ثلاثة منهم- هم اليسارى و الاسلامى و الاعلامى و يقبع وحده محجوب عبد الدايم متصدر للمشهد عصي علي التصنيف. القاهرة يرسمها محفوظ تغلي في نقاشها الحاد عن الدين و الدنيا ، الخبز و الايمان ، طبقة شبعت حتى امتلأت فسادا و طبقة كادت تنسي شكل النعمة.
************
"و فيما يغادر حجرة المدير وقع نظره علي حجره تقابله كتب علي لافتتها (السكرتير الخاص) فخفق فؤاده. و مضي الي الخارج. و جعل يحدث نفسه: قرنان في الرأس ، يراهما الجاهل عارا، و أراهما حلية نفيسة. قرنان في الرأي لا يؤذيان. أما الجوع... سأكون اي شئ و لكن لن اكون احمق ابدا. احمق من يقتل نفسه في سبيل ما يسمونه وطنا.. احمق من يضيع علي نفسه لذة لاي وهم من الاوهام التى ابتدعتها الانسانية. "
************
في القصة يبرز الخط الدرامى بمحجوب اكثر من غيره ، نكاد نرى الامور كلها و الشخصيات باكملها من نافذة عينيه. و نبدى اعجاب منقطع النظير لمدى دقة رسم تلك الشخصية العنيدة في مرحلة بدائية كتلك من حياة اديبنا حائز نوبل الذهبية. محجوب الغارق في الالحاد الهادف الي السمو الشخصي ، الانانى حتى النخاع ، الجبان من اقوال و انظار الناس ، يتمنى لو كان فقط اكثر انانية اكثر وقاحة و اقل تحفظا ، يخاف ان يضبط بعمل السوء اكثر مما يحب ، يدرب ضميره علي الخرس و لا يقدر احيانا ، يحدث نفسه ان المرأة متنفس جنسي رغم انه عاشق مهزوم لا يحب الاعتراف بهزيمته .
تلك النواقص بشخصية "محجوب" و ابتعاد صانعه به عن نموذج الشرير الخالص هو ما كتب لها الخلود في عالم الادب المتقلب. محجوب القواد غير الخالص الذى مازال يخفي و يتخفي و يتألم قليلا عندما يغمض عيناه عن زوجته في احضان الباشا.
************
-هل المبادئ ضرورية؟
-طظ
-غير ضرورية اذا؟
-طظ
-الدين ام العلم؟؟
-طظ
-اليس لك رأي ما؟
-طظ
-وهل طظ هذه رأي يرى؟
فقال محجوب بهدوئه المصطنع:
-هى المثل الأعلي...
************
و مثله شخصية "احسان شحاته" التي كدس فيها محفوظ كل ادوار المرأة متجمعة فهى الحبيبة و العاهرة و الام و المرأة التى تبحث عن الامان و هى الخائنة لعلي طة و المتمسكة بشرف محجوب عندما تريد، عاهرة بثياب قديسة او طاهرة بزينة قواده
بينما ظلت شخصيات بدير و علي طه و رضوان مسطحة قليلا، نموذجية خالصة ملتزمة بالادوار التى الزمها بها محفوظ من لحظته الاولي خاصة "رضوان" التى ظهرت النسخة السينمائية خاليه منها فربما لم تكن شخصية اخوانية الهوى مناسبة للظهور في افلام الستينات.
دينا نبيل
يناير ٢٠١٧
تأليف: نجيب محفوظ
عدد الصفحات: ٢١٨ صفحة
اصدارات دار الشروق
التقييم: ٥/٤
ننسي احيانا عندما نطالع رواية عظيمة ظروف كتابتها ، ننسي احيانا في غمرة اعجابنا ب"القاهرة الجديدة" التى نقلت الي السينما باسم "القاهرة ٣٠" انها تقريبا اول اعمال نجيب محفوظ الادبية الحقيقية. كتبت عام ١٩٤٥ و سبقها فقط محاولات محفوظ في القصص القصيرة و في الروايات التاريخية التى لا نعتبرها اليوم اقوى اعماله. ننسي احيانا في زخم اعجابنا الطاغي بالقصة و رسم شخصياتها و حرارة مواقفها ان تلك التحفة الصغيرة كتبت قبل ٧ سنوات من ثورة ١٩٥٢ حتى.
قصة بناها محفوظ علي قواعد اربعة من الاصدقاء -قررت السينما لاحقا ان تنقل الينا فقط ثلاثة منهم- هم اليسارى و الاسلامى و الاعلامى و يقبع وحده محجوب عبد الدايم متصدر للمشهد عصي علي التصنيف. القاهرة يرسمها محفوظ تغلي في نقاشها الحاد عن الدين و الدنيا ، الخبز و الايمان ، طبقة شبعت حتى امتلأت فسادا و طبقة كادت تنسي شكل النعمة.
************
"و فيما يغادر حجرة المدير وقع نظره علي حجره تقابله كتب علي لافتتها (السكرتير الخاص) فخفق فؤاده. و مضي الي الخارج. و جعل يحدث نفسه: قرنان في الرأس ، يراهما الجاهل عارا، و أراهما حلية نفيسة. قرنان في الرأي لا يؤذيان. أما الجوع... سأكون اي شئ و لكن لن اكون احمق ابدا. احمق من يقتل نفسه في سبيل ما يسمونه وطنا.. احمق من يضيع علي نفسه لذة لاي وهم من الاوهام التى ابتدعتها الانسانية. "
************
في القصة يبرز الخط الدرامى بمحجوب اكثر من غيره ، نكاد نرى الامور كلها و الشخصيات باكملها من نافذة عينيه. و نبدى اعجاب منقطع النظير لمدى دقة رسم تلك الشخصية العنيدة في مرحلة بدائية كتلك من حياة اديبنا حائز نوبل الذهبية. محجوب الغارق في الالحاد الهادف الي السمو الشخصي ، الانانى حتى النخاع ، الجبان من اقوال و انظار الناس ، يتمنى لو كان فقط اكثر انانية اكثر وقاحة و اقل تحفظا ، يخاف ان يضبط بعمل السوء اكثر مما يحب ، يدرب ضميره علي الخرس و لا يقدر احيانا ، يحدث نفسه ان المرأة متنفس جنسي رغم انه عاشق مهزوم لا يحب الاعتراف بهزيمته .
تلك النواقص بشخصية "محجوب" و ابتعاد صانعه به عن نموذج الشرير الخالص هو ما كتب لها الخلود في عالم الادب المتقلب. محجوب القواد غير الخالص الذى مازال يخفي و يتخفي و يتألم قليلا عندما يغمض عيناه عن زوجته في احضان الباشا.
************
-هل المبادئ ضرورية؟
-طظ
-غير ضرورية اذا؟
-طظ
-الدين ام العلم؟؟
-طظ
-اليس لك رأي ما؟
-طظ
-وهل طظ هذه رأي يرى؟
فقال محجوب بهدوئه المصطنع:
-هى المثل الأعلي...
************
و مثله شخصية "احسان شحاته" التي كدس فيها محفوظ كل ادوار المرأة متجمعة فهى الحبيبة و العاهرة و الام و المرأة التى تبحث عن الامان و هى الخائنة لعلي طة و المتمسكة بشرف محجوب عندما تريد، عاهرة بثياب قديسة او طاهرة بزينة قواده
بينما ظلت شخصيات بدير و علي طه و رضوان مسطحة قليلا، نموذجية خالصة ملتزمة بالادوار التى الزمها بها محفوظ من لحظته الاولي خاصة "رضوان" التى ظهرت النسخة السينمائية خاليه منها فربما لم تكن شخصية اخوانية الهوى مناسبة للظهور في افلام الستينات.
دينا نبيل
يناير ٢٠١٧
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....