اسم الرواية: جاتسبي العظيم
تأليف: ف. سكوت فيتزجيرالد
ترجمة: أسامة منزلجى
عدد الصفحات: ٢١٢ صفحة
اصدارات دار المدى
التقييم: ٥/٤
عندما يبدأ القارئ الغير الامريكى في رواية شديدة الامريكية ك " جاتسبي العظيم " يتساءل دائما عن سبب شهرة و اعتزاز القصة الصغيرة تلك علي قلوب قراء كاتبها و يتعجب قليلا عندما تظهر دائما في قائمة الكلاسيكات الحديثة و قوائم الكتب الافضل عبر التاريخ ، و تدعي صاحبة تلك الكلمات ان السبب الرئيسي ليس في جمال الرواية -الجميلة بالفعل- و لكن لاصالتها المذهلة بالولايات المتحدة فقصة كتلك لا يمكن ان تجرى احداثها في مدينة لندن بل يجب ان تكون نيويورك المتفتحة الساحرة الجذابة في عصر الجاز و تهريب الكحول كما يجب ان تفتح أمينة المشربية في قلب القاهرة في اوائل القرن العشرين خلال عيون نجيب محفوظ
اصالة امريكية حقيقة ترتبط فيها ازدواجية الزمان و المكان في قلب التفاصيل الصغيرة الدقيقة تجعلها وحدة متكاملة عصية علي الفهم للقارئ غير الامريكي ربما كرواية "ان تقتل طائر محاكى" تماما ، القارئ العالمى لا يدرك الفروق الدقيقة التى يحدثنا عنها فيتزجيرالد عن الغرب الاوسط بقطارات شبابه العائدة و ظلال الاكاليل المقدسة التى ترمى مع فصول الشتاء الطويلة و بين الشرق المتفوق الواعي المنتفخ علي المدن المملة القديمة ، و توتر الانتقال الحضارى بين الغرب و الشرق هذا و ما يمكن ان تفعله الجغرافية بالانسان هذا المتحول من جانبي القارة الامريكية الشاسعة ... تلك الفروق الحاسمة الدقيقة في رسم "جاتسبي العظيم" تحتاج روح امريكية حقيقية لاداركها ولا يسعنا سوى تخيل ردود افعالها الحسية
***********
"من المحزن دائما ان تنظر من خلال عيون جديدة الي اشياء انفقت طاقاتك للتكيف معها"
***********
لكننا ما ان نترك اسباب العظمة الغامضة تلك و نجرد القصة الي ابعادها الانسانية الاعم نعتقد اننا وصلنا الي القلب، القصة الابدية التعيسة عن امال الماضي و عن اهرام موسلو الصغيرة القابعة في عقولنا التى لا تجعلنا نرضي او نكتفي بالاهم و الاكبر و الاعظم و الافخم الا اذا تحققت لنا احتياجتنا البسيطة اولا ، جاتسبي العظيم الذى غير نفسه و العالم من اجل وهم "ديزى" الصغيرة التى لم نفهم ابدا ان كانت قد احبته فعلا ام لا و هل كانت تستحق كل هذا العناء ام لا
ننظر حينئذ الي الخلف طامحين فيه و ان ملكنا الحاضر من الدنيا كلها و ان امتلكنا كل كروت المستقبل يظل الماضي و حلم "ما كان يمكن ان يكون" جائم فوق عقولنا ، و نتساءل عن جدوى التعلق ، و نتعجب من قدرتنا علي افساد الحاضر علي انفسنا بالتطلع الي الماضي و نرمى كنوز الارض تحت قدمى من يستطيع ان يغير لنا الماضي و لو قليلا
***********
"لابد من انه رفع بصره الي السماء الغريبة من خلال اوراق الاشجار المخيفة و ارتعش عندما اكتشف كم ان الوردة شئ غريب و كم ان ضوء الشمس المنتشر علي العشب الذى لم يكد ينمو خشن. كان عالم جديد، مادى و ليس حقيقيا، تتنفس الاشباح المسكينة فيه الاحلام كما تتنفس الهواء "
***********
و هي قصة عن الطائر الملون الذهبي الذى يحسده الجميع و يتهافت الكل علي القاء نظرة او خطف ريشة منه في غفلة و لا يهتم احد بما يقبع وراء المظهر الزاهي هذا ، و عن السقوط الحتمى للاحلام الضخمة ، و عن الحساسية المرهفة التى يمتلكها المرء حين يحب ، و عن الطريق السهل المربح مقابل العمل البطئ المضمون ، و "جاتسبي العظيم" قالب درامى كبير يتسع للاسقاطات المتعددة التى يحبها النقاد و يضيفون فيها بانتظام معانى اكبر و رمزيات اكثر رغم اننا نحبها قصة كلاسيكية صغيرة عن أمل مجهض في عالم الثراء المجنون... و عن القوارب السائرة عكس التيار دون توقف الي قلب الماضي
دينا نبيل
اكتوبر ٢٠١٦
تأليف: ف. سكوت فيتزجيرالد
ترجمة: أسامة منزلجى
عدد الصفحات: ٢١٢ صفحة
اصدارات دار المدى
التقييم: ٥/٤
عندما يبدأ القارئ الغير الامريكى في رواية شديدة الامريكية ك " جاتسبي العظيم " يتساءل دائما عن سبب شهرة و اعتزاز القصة الصغيرة تلك علي قلوب قراء كاتبها و يتعجب قليلا عندما تظهر دائما في قائمة الكلاسيكات الحديثة و قوائم الكتب الافضل عبر التاريخ ، و تدعي صاحبة تلك الكلمات ان السبب الرئيسي ليس في جمال الرواية -الجميلة بالفعل- و لكن لاصالتها المذهلة بالولايات المتحدة فقصة كتلك لا يمكن ان تجرى احداثها في مدينة لندن بل يجب ان تكون نيويورك المتفتحة الساحرة الجذابة في عصر الجاز و تهريب الكحول كما يجب ان تفتح أمينة المشربية في قلب القاهرة في اوائل القرن العشرين خلال عيون نجيب محفوظ
اصالة امريكية حقيقة ترتبط فيها ازدواجية الزمان و المكان في قلب التفاصيل الصغيرة الدقيقة تجعلها وحدة متكاملة عصية علي الفهم للقارئ غير الامريكي ربما كرواية "ان تقتل طائر محاكى" تماما ، القارئ العالمى لا يدرك الفروق الدقيقة التى يحدثنا عنها فيتزجيرالد عن الغرب الاوسط بقطارات شبابه العائدة و ظلال الاكاليل المقدسة التى ترمى مع فصول الشتاء الطويلة و بين الشرق المتفوق الواعي المنتفخ علي المدن المملة القديمة ، و توتر الانتقال الحضارى بين الغرب و الشرق هذا و ما يمكن ان تفعله الجغرافية بالانسان هذا المتحول من جانبي القارة الامريكية الشاسعة ... تلك الفروق الحاسمة الدقيقة في رسم "جاتسبي العظيم" تحتاج روح امريكية حقيقية لاداركها ولا يسعنا سوى تخيل ردود افعالها الحسية
***********
"من المحزن دائما ان تنظر من خلال عيون جديدة الي اشياء انفقت طاقاتك للتكيف معها"
***********
لكننا ما ان نترك اسباب العظمة الغامضة تلك و نجرد القصة الي ابعادها الانسانية الاعم نعتقد اننا وصلنا الي القلب، القصة الابدية التعيسة عن امال الماضي و عن اهرام موسلو الصغيرة القابعة في عقولنا التى لا تجعلنا نرضي او نكتفي بالاهم و الاكبر و الاعظم و الافخم الا اذا تحققت لنا احتياجتنا البسيطة اولا ، جاتسبي العظيم الذى غير نفسه و العالم من اجل وهم "ديزى" الصغيرة التى لم نفهم ابدا ان كانت قد احبته فعلا ام لا و هل كانت تستحق كل هذا العناء ام لا
ننظر حينئذ الي الخلف طامحين فيه و ان ملكنا الحاضر من الدنيا كلها و ان امتلكنا كل كروت المستقبل يظل الماضي و حلم "ما كان يمكن ان يكون" جائم فوق عقولنا ، و نتساءل عن جدوى التعلق ، و نتعجب من قدرتنا علي افساد الحاضر علي انفسنا بالتطلع الي الماضي و نرمى كنوز الارض تحت قدمى من يستطيع ان يغير لنا الماضي و لو قليلا
***********
"لابد من انه رفع بصره الي السماء الغريبة من خلال اوراق الاشجار المخيفة و ارتعش عندما اكتشف كم ان الوردة شئ غريب و كم ان ضوء الشمس المنتشر علي العشب الذى لم يكد ينمو خشن. كان عالم جديد، مادى و ليس حقيقيا، تتنفس الاشباح المسكينة فيه الاحلام كما تتنفس الهواء "
***********
و هي قصة عن الطائر الملون الذهبي الذى يحسده الجميع و يتهافت الكل علي القاء نظرة او خطف ريشة منه في غفلة و لا يهتم احد بما يقبع وراء المظهر الزاهي هذا ، و عن السقوط الحتمى للاحلام الضخمة ، و عن الحساسية المرهفة التى يمتلكها المرء حين يحب ، و عن الطريق السهل المربح مقابل العمل البطئ المضمون ، و "جاتسبي العظيم" قالب درامى كبير يتسع للاسقاطات المتعددة التى يحبها النقاد و يضيفون فيها بانتظام معانى اكبر و رمزيات اكثر رغم اننا نحبها قصة كلاسيكية صغيرة عن أمل مجهض في عالم الثراء المجنون... و عن القوارب السائرة عكس التيار دون توقف الي قلب الماضي
دينا نبيل
اكتوبر ٢٠١٦
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....