الثلاثاء، 18 أبريل 2017


اسم الكتاب: معك
تأليف: سوزان طه حسين
ترجمة: بدر الدين عرودكى
عدد الصفحات: ٣٧٧ صفحة
اصدارات مؤسسة هنداوى
التقييم ٥/٥

مر الشباب المصرى علي حياة طه حسين و سيرته الذاتية دائما بجبرية ربطت قصة "الايام" بتوتر الثانوية العامة و اكتئاب ايامها و قياس الدرجات و دخول الجامعة. و نجحت حكومتنا ان تنتزع من الكتاب جماله و تأثيره و كل عوامل نجاحه التى اجبرت نصف لغات العالم الحية علي نقل العمل اليها.

و نحن لن نستطيع استعادة هذا السحر و انبهارنا بشخصية طه حسين التى تخطت صعاب و وصلت لمرحلة من الابداع و العطاء أسست لما قبل طه حسين و ما بعده الا باتخاذ زاوية سوزان طه حسين.

صورة تجمعهم هى شقراء انيقة جادة و هو بنضارة سوداء بابتسامة مكبوتة. صورة تبدو من الوهلة الاولي لزوجين غارقين في الجدة ، صورة تجعلنا اكثر تعجبا حين نقابل لهجة سوزان الحالمة الغارقة في العاطفة و حين نقرأ رسائل طه لها -حتى بعد الزواج- ملتهبة بالحب و الشغف. صورة تجمع اقصي الغرب ذهبي الشعر و صميم الشرق الأصيل الذى لم يكد يخرج من تحت العمة الا من دقائق.
**********
"نعم هو ذا ما لا يمكن تعويضه فهناك الان و ستبقي الي الابد اشياء لم اعد استطيع ان اقولها لأي مخلوق في العالم" ... سوزان ١٦ مايو ١٩٧٤ بعد شهور قليلة من وفاة طه
**********
سوزان ترفع الغطاء عن طه حسين زوج و حبيب و رجل مجتمع و سياسي و أب لكل من طلب. سوزان لا تجمل طه حسين او تنفي عنه عيوب التجهم و الشكوى و ربما سوداوية المزاج لكنها تتقبل كل هذا بحب يستحق ان ننتبه له و ان نقرأ تفاصيله.

الكتاب يظهر ايضا ما يمكن ان نسميه الجانب الفرانكونى في طه حسين فبدفعه للبعوث دائما الي فرنسا و موقفه الشجاع في مقاومة حب فرنسا في نفسه برد مظاهر التكريم له بعد موقفها في الجزائر ، نحن نعلم طه حسين مؤلفا و محدثا و مطور و مهتم بالتعليم الي ما بعد الحدود المتاحة لعصره و ربما لامكانيات بلده ، لكننا لم نكن نراه جالبا للغرب  فيجذب لنا لنا ادابه و فنونه. لم نتخيل طه حسين محدثا رقيقا لاديث بياف علي اريكة ذات اللون الوردى الهادئ بجسمها الصغير و عينها الزرقاوين الصافية. نعلم طه حسين مترجما لكننا اذ نتتبعه في جلساته مع اندريه جيد في جلسة تجمع اعمق ما في الشرق و الغرب علي حسب سجائر "الميراكل" ، و نحن علم عالمية و انفتاح طه حسين لكننا لم نرى من قبل تجمع علماء الازهر و المستشرقين في بيته في تآلف و جمعه للقسيسين الكاثوليك و الارذثوكسية و العلمانيين و الادباء و الشيوح في حديث مفتوح -بنكهة فرنسية- عن الحياة و الحب و الحقوق.
***********
"انا قليل الافضاء بمشاعرى بل انى صموت. و اننى علي وعي بذلك تماما ، لكن أكثر ما حدثتك منذ رحيلك عن أشياء لا تطيقين سماعها! لم اكن اعتقد علي الاطلاق بقدرتى علي مثل هذا الحب. و ستبقي دوما في اعماق نفوسنا زاوية كانت و ستبقي دوما وحشية. و لن يمكن تقاسمها الا بين كائنين. كائنين فقط ، او انها لن تقتسم علي الاطلاق. هذة الزاوية الوحشية المتوحدة هى افضل ما فينا" ... طه حسين في خطابه لسوزان يوليو ١٩٢٢ بعد سفرها وحدها لرحلة طويلة لفرنسا بصحبه مؤنس و امينة اطفالهم
***********
نعلم طه حسين مسافرا مكرما من دول العالم ، لكننا نسيناه مجمعا لزوجته و لابنه الي روما. يتحدث حديث العقل و التسامح مع بابا روما بيوس الثانى عشر في بساطة و يدعو لبلاده. و نحب ان نفكر ان غرفة واحدة جمعت بين طه حسين و طاغور و ان حديثا ذكيا ما قد جرى فيها. و ان حديثا منقول بالاشارة و حب الحياة قد انتقل من طه حسين الي هيلين كيلر حديث مرهف بين ضرير ادهش بلده و صماء عمياء خرساء ادهشت نفسها و العالم من قوة ارادة. نعلم طه حسين وزيرا التعليم في مصر لكننا فقدنا في غمرة الزمن انه المؤسس لمعهد الدراسات الاسلامية في اسبانيا و تونس و الجزائر و غيرها. حاول طه حسين في العصر البديع البعيد ذلك تنفيذ خطوات قرون مضغوطة في عقود لتلحق مصر جزء و لو قليل مما فاتها.

و نرى مقارنة لموقف طه حسين تجاه قضية المرأة مقابل لمعاصريه -العقاد نموذجا- حين تقبل سهير القلماوى تلميذة و ابنه و صديقة للاسرة الصغيرة و حين فتح ابواب الجامعة لنساء مصر و بناتها فعلا لا قولا.

حرم القدر طه حسين من نعمة ان يرى بعينيه جمال كل ما مر عليه من مدن اوروبية صغيرة في حضن الجبل ، و ربما حرمه من رؤية التقدير له في عيون الناس. لكنه منحه سوزان عينين و ذراع يتكأ عليه و منحنا نحن نموذج يجمع بين الرومانسية و الواجب و السمو نحب ان نرجع اليه عندما تضيق الدنيا بنا.

دينا نبيل
مارس ٢٠١٧

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....