الثلاثاء، 18 أبريل 2017

اسم الرواية: سالباتييرا
تأليف: بيدرو مايرال
ترجمة: مارك جمال
عدد الصفحات: ١٨٦ صفحة
اصدارات دار الكرمة
التقييم: ٥/٤

تعشق كاتبة تلك السطور فن النوڤيلا و تراها الوسيط المثالي بين رهافة الرواية و دقة القصة القصيرة. تعتبرها هدف في حد ذاته و انجاز بديع باقي. تتوسط حجما و تقنية بين طول الرواية المفصل و قصر القصة القصيرة المحدد ، لذا نسعد دائما حين نعثر بين كومات الكتب علي نوڤيلا و نكاد نقيم الافراح حين نُرزق بين الحين و الاخر بنوڤيلا جيدة. و يمكننا اعلان ان "سالباتييرا" نوڤيلا ممتعة.

ان ترسم العالم متصلا متلحما طويلا زاخرا هى مهمة صعبة و معقدة و لكن ان توصف تلك اللوحات الخيالية الخرافية مستخدما فُرش الكلمات و الوصف هو ما جعل الرواية القصيرة تلك ممتعة. هى قصة لن تعجبنا اذا رأيناها مصورة لان لا رسم فعلي سيؤثر فينا كما وصف لنا بيدرو مايرال لوحات راسمه بين الجوافة الخضراء و العيوان الناعسة و قطارات النوم المزدحمة و تغيير فصول الجو و الفتيات الغرقات بين النوم و الموت.

و نلمح في شخصية سالباتييرا ملمح من فوضوية زوربا اليونانى الا من صمت عميق يعوضه كثيرا بما تنتجه يديه بالالوان و بفرشات مصنوعة من شعر ذيل الخيل و اذن البقر و ريشات الكنارى.
************
"ما هذا النسيج المتشابك من الحيوات و الناس و الحيوانات و الايام و الليالي و الكوارث؟ ماذا يعنى؟ كيف كانت حياة أبي؟ لماذا كان في حاجة لتأدية هذا العمل الهائل؟ ماذا جرى لنا انا و لويس لينتهى بنا المطاف و نحن نعيش حياة بالغة الرمادية و البوينوسية آيرسية و كأن سالباتييرّا قد امتص كافة الالوان المتاحة؟ كنا نبدو أكثر حياة علي ضوء اللوحة في بعض البورتريهات التى رسمها لنا و أنا في العاشرة من العمر نتناول كمثرى خضراء ، عما نحن عليه الان في حياة المكاتب و العقود. كان و كأن اللوحة قد ابتلعتنا .... كل ذلك الوقت المشرق الذى عشناه في الاقاليم قد امتصه قماشته. كان ثمة شئ خارق في لوحة سالباتييرا أكثر مما ينبغى. دائما ما صعب عليّ الشروع في مهام جديدة بل و حتى ابسط الاشياء في بعض الاحيان، كالقيام من فراشي صباحا. كنت أظن انه ينبغي عليّ ان افعل كل شئ علي طريقه ابي الكبيرة او لا أفعل شيئا. أعترف باننى مرات كثيرة آثرت الا افعل شيئاً ، و هو ما حدا بي بدوره الي الشعور باننى لا احد"
************
و نحن لم نرى سالباتييرا قط الا انعكاس في عيون الراوى ، نراه اب ولا نراه عاشق ، نراه رسّام و لا نراه زوج ، نراه صامت في حضرة اللوحات ولا نراه وحيدا بحياة مستقلة عن أسرة و بيت.

ننطلق من اشكالية ان لفافة رسومات مفقودة من اعمال سالباتييرا و من هنا يخوض بنا مؤلفها رحلة نتوقع فيها كشف لاسرار عن الشخصية المرهفة اللطيفة التى مرت في خيالنا. ابن لا يستطيع ان ينظر الي ابيه الا كرسام و اب و حاجز لفعل المزيد ، اب فعل كل الاشياء بحجمها الكبير ملفوف في طيات قماش تقاس بالكليومترات و ابن تعثر كثيرا في حياة المدينة و الوحدة و ملامح الغربة في وجهه.

و نحن نلمح مشروع لطيف مثابر ل "مارك جمال" في اعادة تعريفنا بالادب االلاتينى الحديث بعيدا عن الرواد ماركيز و يوسا و بولانيو و امادو. مشروع بدأ قبل النسيان لآكتور آباد  مرورا ب"عشرون بطاقة بريدية" اشعار بايس. نلمح مشروع صغير لاعادة تعريفنا بأدب هذا الجزء الثرى من العالم. نلمحه و نحب ان نتابع الحلقات القادمة منه.

دينا نبيل
فبراير ٢٠١٧

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....