الثلاثاء، 18 أبريل 2017

اسم الرواية: حذاء فيللينى
تأليف: وحيد الطويلة
عدد الصفحات: ١٨٦ صفحة
اصدارات منشورات المتوسط
التقييم ٥/٤

لا يهم اين ولد أدب العبث ولا ان كنا نفضل بيكت فيه أكثر ام يونسكو ، و لا يهم ان كان توفيق الحكيم استعار "يا طالع الشجرة" من مسارح باريس و اصبغها صبغة مصرية ، و ربما لا يهم حتى البحث عن أمثلة لأدب العبث او التلاعب بتكنيك العبث عبر أجيال أعمالنا الادبية. و الأهم ان حتى لا نتفق ان كانت "حذاء فيللينى" تقع تحت هذا التصنيف أم لا ، في النهاية من يهتم؟

نحن هنا نشهد تجربة عربية مدهشة في تحويل كل عار السياسة في بلادنا المسحوقة الي أدب جيد ، أدب يتجاوز بكائيات روايات السجون و التعذيب و من حُبس عشرون عام دون ان يرى الشمس دون سبب و من التى ذهبت الانظمة العربية المتتالية بشرفها قبل ابناءها. نحن هنا نشهد وحيد الطويلة يصحبنا في رحلة مربكة الي أرض عربية لا تمثل شام او مغرب او مصر قد ما تمثل حالة عمومية من الهراء الفكرى السياسي عشناه عبر عقود و عقود حتى كدنا نفقد حاشة الشم لشده عفنه.

في اوطاننا لا يهم لماذا تعذب او تعتقل او تقهر مدام النظام قائم ، و ان حدث استثناء ثورى قصير فكل بلادنا تعرف اين ينتهى. لذا ف"مطاع" يتحول الي "مطيع" بينما نتحدث و جلاد اخر يخظى باوسمة بدلا من الشلل و العار.
***************
" لو استطاع الأن ان يفتح مخه لخرت التقارير منها بدل الدماء و المحتويات. لتدفق الضحايا علي أرض العيادة ، وراحوا يزاحمون بعضهم البعض ، يكاد يدوس واحدهم الاخر ، تدافعوا لفتح الباب و هرعوا علي السلالم كهاربيين من النار ، البعض الاخر فتح مزلاج الشباك و قفز دون تفكير في العاقبة. ما الأسوء الذى سيحدث له؟ البعض كان يتطوح بلسان متدل ، البعض يتحسس جسده ، يهرش في كل مكان. بعضهم يمسح دماء تسبح علي جبهته ، تغطى رقبته ، تسيل من ساقيه ، بعضهم يصرخ و الصراخ يملأ العيادة يكاد يشرخ طبلة أذنى ، موسيقي المعذبين تتلي في العيادة و غناء حزين غامض يملأ المكان. "
***************
أما السرد او كيف وصل لنا وحيد الطويلة كل هذا في عدد قصير من الصفحات فتجربة تعجبنا و تجدد و لو قليل من الدماء في عروق الفن العربي. نقلات مفاجئة شيقة تجذبنا من وجه نظر البطل الي البطلة ثم الشرير و عودة للجارة في حركة رشيقة و ايقاع لم يسقط الا قليلا.

مُعذَب و مُعذِب يلتقيان في غرفة بيضاء الجدران ، يلتقي من حلم بالانتقام لسنوات بهدفه. رواية كانت يمكن ان تكون "دائرة الانتقام" الجديدة ان عاملها الطويلة بضحالة كلاسيكية فيتحول البطل الي حسن الهلالي صغير يهتف بعدد و كيفية الانتقام. لكن الطويلة قرر الطريق الاقل ارتياد فقرر ان يغزل علي تلك النقطة المكثفة المصغرة حتى حجم رأس الدبوس رواية كاملة تسقط احيانا الحائط الرابع للرواية و تجعل القارئ جزء من الحدث يتردد كما يتردد البطل و يتراجع كلما تقدم.

يمثل الضباط للطويلة نوعا من البشر لا وظيفة و هم كذلك في بلادنا التى قررت -عمدا- ان تتفرد عن العالم بنظام أمنى يفعل ما لا يدركه الا الله و ملاك الشمال ، ملاك اليمين سمع بعض الحوارات و الاستغاثات لكنه اومأ و اشترى نفسه بعيدا عن وجع الدماغ ، علي حد تعبير الطويلة المكثف في رواية تستحق الضجة و الاهتمام و ربما أكثر.

دينا نبيل
ابريل ٢٠١٧

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....