الجمعة، 19 ديسمبر 2014

رسائل دينا/باسم: الجواب ٢

Dina Nabil
أمس في الساعة ‏12:39 صباحاً‏

عزيزى Mahmoud Basim

لكنك يا صديقى الرقيق تفترض ما افترضه قبلك اهل الانثربولوجى او علم الاناسة كمان اطلقوا عليه مترجمينا بان البدء كان انسان بسيط ، لا يحوى عقد الكون و تداعيات الحداثة

بينما يخبرنى و اياك مولانا مرسيا الياد بان "بان الانسان البدائى نفسه كان يبحث عن عالم اكثر بساطة" لم يكن الانسان الاول برئ اذن ، كان هو بدوره يبحث عن ازمنه اقل تعقيدا و اكثر امانا

من قال الكلمة الاولى فى الالياذة ، العهد القديم، الاوبانيشاد او حتى اساطير قبائل استراليا الاولى؟ تفشل وسائلنا جميعا عن التوصل لذلك (الانسان الاول) من يبدو انه لم يهتم ابدا بتخليد اسمه

من رسم الثور كامل الملامح على كهوف لاسكو صعبة الوصول؟

اخبرونى يوما ان الوجودى الحق لا ينكر فى صلاحية الجدال المنطقى و التفكير العلمى بل يشكك فى قدرة هذا التفكير فى التغلغل فى المعتقدات الراسخة التى يقابلها اصدقائنا البشر مهما صرخ اشلى مونتجمرى ان البدائية لم تكن بتلك البساطة قط

كما اخبرونى يوما حين تبلبل ذهنى من التشكيك و قدراتهم على اثبات الشئ و عكسه بنفس الادله ان الحقيقة هى عدم اليقين الموضوعى الصامد فامام محاولة استيلاء الجوهر الاكثر انفعالا....ربما لم افهم مغزى ذلك وقتها و لم تتضح لى سوى اعشار قليلة من معناه الان لكن خطابك الاخير اظهر جانب خفى اخر من المعنى

فسبب الخلاف يا عزيزى الوجودى و ان لم تعلم بعد ، انك تخلط بين جويس و يوسا و نيتشه مع اصدقائنا الابسط يونج و فرويد ، نحن معشر اهل الطب نعشق الاجابات القاطعة اكثر مما يعشق درويش خبر امه ...نستمتع ان نطلق مصطلحاتنا المريحة ، هذا مجنون و ذاك سليم و الاخر يحمل بذور كبت جنسى انتقل اليه من جده اليونانى مباشرة عبر ناقلة الدى ان ايه ...نقع فى غرام ان تحقن شخص بمحقن ما فيصير -فجأة- مكتيف مع مجتمعه او يطلق كل ذلك الاسرار الدفينة لنلوكها قليلا ثم نتحول لغيره ، فنحن اكثر سادية مما نبدو

لكن مرضانا لا يزورهم الشفاء مهما اجبرناهم على الحقن و جلسات الملل المطولة ، مهما اخبرناهم ان يقعلوا عن التدخين....و فى الامر اكثر من تفسير فاما تفسيرك -يا صديقى ذو الصداع النصفى- ان لا احد مريض على الاطلاق و ان الامر لا يتعدى سوء الفهم و التزام الصمت

او تفسيرى اننا ببساطة كلنا مرضى ، و لا ارى فى ذلك سب او اهانه فان كنا جميعا ننحدر من عقل مريض واحد فان كانت القاعدة المرض ، ان لم تتوفر ثنائية السليم و العليل..العادى و الشاذ فيكون المرض هو الصحة الكاملة و ما عداها شذوذ ، فقط دعنى اخبرك انى فحصت مرضى كثر و لم اقابل سليم بعد

من الانسان الاول الذى بحث فى ذاكرته الخالية عن ازمان ابسط الى ذلك الاول الاخر الذى كتب بذرة العهد القديم, و صمم ابيات السيرة الهلالية و وصف تفاصيل شكل سيف هيكتور ، من حلم ان الاله تموز ذهب فى رحلته للعالم السفلى، الى صديقنا المشترك فرويد نفسه

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....