الأحد، 15 نوفمبر 2015

الاصلاح الدينى 2 -المجلد الخامس و الثلاثين من قصة الحضارة

اسم الكتاب: الاصلاح الدينى 2 -المجلد الخامس و الثلاثين من قصة الحضارة
تأليف: ول ديورانت
ترجمة: عبد الحميد يونس
عدد الصفحات: 288 صفحة
اصدارات دار نوبليس

فى المجلد الثانى من الاصلاح الدينى سيقرر ديورانت ان يصحبنا فى رحلة مثيرة للاهتمام بين اوروبا الشرقية و اسبانيا و تركيا و المانيا و من ثم الى العالم الجديد المجهول فى دورة طويلة نادرة

من بوهيميا و ثورتها الفكرية مع هس و الاجتماعية بين الفلاحين الممزقين بسيوف النبلاء كانت البداية و الشرارة الاولى ... فى بوهيميا البعيدة المنسية كانت ما رأى ديورانت انه ضربه البداية , يموت هس لتبدأ الثورة الاجتماعية و تتفرق عند المطالب و تتفرغ للقضاء على بعضها البعض فى مشهد ثورى متكرر نمل من كثرة ما قرأنا عنه و شهدناه

و منها الى بيزنطة تتألق قليلا قبل ان تنطفأ الى الابد فنرى ثورة فى الفنون متأثرة بجنون حب الجمال السارى من ايطاليا البعيدة الساحرة ... كان البعث الفني ملحوظاً كعودة الفتوة إلى الآداب. وكانت الموضوعات والرسوم لا تزال كهنوتية، بيد أن لمسة من منظر خلوي أو نسمة من الطبيعة. وفي الفسيفساء التي كشف عنها حديثا ديركورا ((مسجد قاهرية الجامع)) حيوية دافقة جعلت المؤرخين الغربيين يعترفون بأنهم يرون فيها تأثيراً إيطالياً جديداً. وتراخت القبضة الكهنوتية عن الصور الجدارية التي حلت محل الفسيفساء، باهظة النفقة في زخرف الكنائس والقصور وظهرت رسوم من الخيال الرحب والقصص الدنيوي إلى جانب قصص القديسين. ومع ذلك تشبث صناع الأيقونات بالطراز الموروث القديم، أشكال ضامرة ووجوه يحرقها ورع طهري غائبة بصورة أخاذة عن أخلاقيات العصر. وتعرض حينذاك تصوير المنمنمات البيزنطي لانحلال كبير، بيد أن نسج الرسوم التصويرية بالحرير ظل ينتج روائع لا تنافس في العالم الغربي

لم تكن هناك حكومة جديرة تماماً بالسقوط كالحكومة البيزنطية.فلم ترسل فرقاً من الجنود إلى الجيوش المسيحية في مارتزا وقوصوه أونيكوبوليس لأنها فقدت الرغبة في الدفاع عن نفسها وعجزت عن إقناع اليونان الممعنين في السفسطة بأن الاستشهاد في سبيل الوطن عمل مجيد ونبيل
**************************
و وسط احداث ايطاليا الممعنة فى حب الجمال و اسبانيا الدينية المتعصبة و بوهيميا الباحثة عن دين جديد و المانيا المحترقة لتضئ نور الحرية الى العالم الكاثوليكى و فرنسا و انجلترا تتنازعان فى حرب المئة عام على عرش مقلقل تتنازعه حمى الطاعون ... كان العالم الجديد ينادى و يعطى لما يخاطر لاجله

و هنا تتفرغ البرتغال لاكتشاف تجارة جديدة بعيدا عن ضرائب الاتراك و تنازع فينسيا على البحر المتوسط الذى احتكر الحضارة فترات طويلة ... فكانت الاموال و التجارة هى الدافع الحقيقى لرغبة الانسان فى اكتشاف الكوكب الذى عاش عليه لالوف السنين

ليبدأ هنريك -"هنري الملاح" الثورة التجارية التي قدر لها تغير خريطة الكرة الأرضية. ولما استولى جون الأول على سبتة من المغاربة (1415) خلف هنري البالغ من العمر إحدى وعشرين سنة حاكماً على هذا المعقل المنيع، وهي عند مضيق جبل طارق تماماً. وفتنته روايات المسلمين عن تمبكتو والسنغال والذهب والعاج والعبيد التي يمكن الحصول عليها على طول الساحل الغربي لأفريقيا، فعزم الشاب الطموح على أن يكتشف تلك الربوع ويضمها إلى البرتغال. فربما قاده نهر السنغال الذي تحدث عنه من اخبروه، صوب الشرق إلى منابع نهر النيل وإلى بلاد الحبشة المسيحية، وبذلك يُفتتح طريق مائي عبر إفريقيا من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر- ومن ثم إلى الهند، ويتحطم الاحتكار التجاري للتجارة مع الشرق، وتصبح البرتغال دولة كبرى. وقد يدخل سكان الإقليم بعد فتحه في المسيحية ويحصر الإسلام في أفريقيا من الشمال ومن الجنوب بدول مسيحية، ويصير البحر الأبيض المتوسط آمناً للملاحة المسيحية. ويبدو أن هنري لم يفكر
في طريق يدور حول أفريقيا، ولكن هذا الطريق كان ثمرة جهده.

و بينما تغزو البرتغال شق الكرة الشرقى كانت اسبانيا تفكر فى النصف المجهول الاخر وفي الثالث من أغسطس أبحرت سانتاماريا (سفينة أمير البحر) وبنتا ونينيا من بالوس وعلى ظهرها ثمانية وثمانون رجلاً ومؤن تكفيهم لمدة عام.... لتغير وجه خريطة العالم حرفيا و الى الابد
**************************
فى عصر الاصلاح الدينى نجد -كما تعودنا- فى كافة عصر اجزاء قصة الحضارة الطويلة هذا التناقض الابدى و الدائم و المتكرر عن ثائية العقل و الدين , المنطق و الايمان , الفكر و الاله و انقسمت كمان انقسمت دائما الى نوعين ففى كل العصور هناك دائما ابيلار و الاكوينى ... و هنا نجد ويليام الأوكهامي يجدد الحياة الفلسفية فى العصر الوسيط ذلك بين القرون العشرة المظلمة و عصر العقل القادم لا محالة

فنجد كلمات مثل "سلطان العقل و التجربة" تظهر من جديد و الاعلان عن الفشل العقلى فى الوصول الى حقيقة الاله تلمع من جديد و تتكرر شكوك الانسان فى جدوى العلم و اللاهوت كلاهما عندما نضع "التجربة الفردية" و فقط حجر اساس للفلسفة و تفهمنا للكون
*****************************
و تتغير شكل طبقة الفرسان بانتهاء عصرهم الذهبى فى العصور الوسطى فنرى تحول غريب و مثير للدهشة لقارئ و دارس التاريخ حين نرى "السيد" الكلاسيكى الحامتى لضاحيته و المالك شبه الوحيد لها بل و ملكها الفعلى يتحول فى المانيا مثلا الى "قاطع طريق" بطريقة او باخرى , فالعالم يتغير و سيتغير دائما و مرارا ... و يتحول حق "شن الحروب الخاصة" فى مراحل مما قبل الملكية المركزية المطلقة الى شكل عصابات و قد د وصف كومين، ألمانيا في هذا العهد بأنها تزخر بالقلاع التي يمكن في أي وقت أن يتدفق منها "لصوص من البارونات" وأتباعهم المسلحون، ويسلبون التاجر المسافر والفلاح على السواء. وجرت عادة بعض الفرسان أن يقطعوا الأيدي اليمنى لمن يسلبون من التجار. وعلى الرغم من أن جيتز فون برليخينجن فقد هو نفسه يده في خدمة أميره، فقد ايتبدل بها يداً حديدية، وتزعم عصابات من الفرسان، لا لمهاجمة التجار فحسب، بل لمهاجمة المدن أيضاً

و فى عصر الاصلاح الدينى نرى بشائر لتحول الاقتصاد من الزراعه الى التجارة و هو ما يتكرر كثيرا حين يحل السلام محل الحرب و الدولة محل الدين ... فنرى تبادل الرأسمالية و الشيوعية فى رقصة ثنائية ابدية عصور و عصور قبل ماركس و سميث
*****************************
ها هو صوت الدولة الوطنية الطاغية يرتفع مرة أخرى. وما إن أخضع الملوك البارونات والكومونات بفضل مؤازرة الطبقات الوسطى الناهضة حتى أحسوا بأنهم بلغوا من القوة حدا جعلهم يرفضون ادعاء الكنيسة بأن لها السيادة على السلطة المدنية. وانتهز الحكام الزمنيون الفرصة التي أتاحت لهم انحطاط السلطة الدولية والأدبية للكنيسة وأخذوا يحملون بالسيطرة على كل وجوه الحياة في ممالكهم بما فيها الدين والكنيسة وكانت هذه النتيجة تستحق الكفاح في الإصلاح الديني. وبعد انتصار الدولة على الكنيسة مرحلة نهائية في العصور الوسطى.

و هنا لم يكن ينتظر العالم الا لوثر ليطلق رصاصة الرحمة الاخيرة على الكنيسة الرومانية و ليت الامر كان بتلك السهولة... فلا يوجد بد اذن كالعادة الا الاتجاه رأسا الى المجلد السادس و الثلاثون من قصة الحضارة الطويلة و الممتعة

دينا نبيل
نوفمبر2015

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

ريفيوهاتك حلوة جداً...
بس كتاباتك احلى :-)

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....