اسم الكتاب: الوجه لاخر للمسيح
تأليف: فراس السواح
عدد الصفحات: ٢٥٩ صفحة
اصدارات دار علاء الدين
التقييم : ٥/٤
عندما نسأم من الادب الركيك و متاهات الادب الملتزم لن نجد كعادتنا مخرج يمنحنا المعرفة و التاريخ و الحديث الممتع عن الرابط بين المثيودلوجى و الاديان سوى استاذنا فراس السواح... كعادتنا نعهد اليه ، نجلس امامه لا كقارئ او تلميذ بل كعضو مشارك بالاحداث و القرار و الرأي ، لذا فحين يوجهنا ان نقرأ الفصل الاخير في كتابة قبل الاول نطيع ، و حين ينصحنا ان نقرأ انجيل مرقص قبل الصفحات الاولى نلبي ... نجلس لنقرأ و نفكر و نتجهز لرحلة ربما طويلة او شاقة الى المسيحية و رحلة اكثر صعوبة الى ابنتها الغنوصية لكننا نعلم جيدا اننا ننهى الرحلة مرهقين قليلا لكن مستمتعين كثيرا و مضاف الي رصيدنا الذهنى ما لا يقدر
عندما رغم فراس السواح ان يحدثنا عن الغنوصية عموما ... و معناها الكبير اميل لنموذج "العرفان" اى وصول المرء لربه بلا واسطة و ما تخلله ذلك من تسرب للافكار الفيثاغورسية الى تلك المدرسة في الشرق الادنى ، عندما يقرر ذلك يقسم الحديث الى مدخل في الغنوصية الاسلامية و مدخل في الغنوصية المسيحية ... فاما الاول فتحدثنا عنها من قبل في مقال سابق عندما قرر ان المدخل الاصح للغنوصية الاسلامية هم اخوان الصفا فقدم لنا رسائلهم منظمة منتقية للقارئ العصرى ، و اما الثانية فيقرر ان ما عرف باناجيل نجع حمادى هى المدخل الاكثر فائدة لما اسماه الوجة الاخر للمسيح
لذا فهو يقرر ان قراءة القارئ لانجيل مرقس هو المدخل للقراءة عن المسيحية الكلاسيكية التى بدورها مدخل للقراءة عن انجيل توما الذي في النهاية سينير لنا الطريق الى الغنوصية المسيحية و الاهم ربما عن فك اشتباك علاقة اليهودية بالمسيحية و العهد القديم عن الحديث ... موضوع شائك كثيرا ما تحدث فيه باحثين خاصة بعد اكتشاف مخطوطات البحر الميت و ما حدث في التحرى عنها و لا نظن ان هناك اصح للمهمة الثقيلة تلك و الاثقل منها اى توصيل كل ذلك للقارئ العادى اكثر من السواح
بين ثنائية المسيح كمكمل للناموس القديم و كنموذج من يقرر تأخير البركة للكلاب قبل اطعام البنين الخبز ، و بين نموذج الثائر علي الوضع برمته المقرر ان الانسان سيد السبت و ليس السبت سيد الانسان كانت المعضلة الاولي .... و لنضع في اذهاننا ان تلك المرحلة اى تكاثر الاديان حول اليهود و فقدانهم للسلطة السياسية المستقلة دفعهم دفع لفكرة المحافظة علي "نقاء" اليهودية شريعة و جنسا و ساهم في اكمال الشهر الكنهوتى لليهودية اللاحقة
و ان كانت الصفحات الاولى من الكتاب مقدمة ممتعة للقارئ غير المسيحى فالصفحات التالية صالحة للاستخدام لاى قارئ حتى المسيحى منهم و هى تحدثنا عن الاناجيل الغنوصية في بساطة فترفع عنها حجب "الهرطقة" و المفاهيم الجامدة عن الدين القويم و غيره الشيطانى بل تتبع رشيق للوجة الاخر للمسيح غير الرسمى و الذى لم يحظى ببركات القرن الرابع المفصلي في التاريخ ، لذا فحين يورد لنا اجزاء من اناجيل فيليب و يوحنا المنحول و يعقوب الغنوصي
**************
تحدثنا سابقا ان الغنوصية الاسلامية المتمثلة في التصوف و الاهم اخوان الصفا حازوا موقف التوسط تجاة المؤسسة الاسلامية التقليدية و رأي الاخوان في عصرهم العباسي ان التعبد بالشريعة القرآنية هو المدخل -و لكن فقط المدخل- الي الله ، مدخل ربما يكفي العامة لكنه ابدا لا يكفي الخاصة فالطريق لله ها هنا هو العرفان و بالاجتهاد الفردى
بينما في الغنوصية المسيحية انقسمت لفرق منها من تتطابق مع نظيرتها الاسلامية في ان المؤسسات الدينية الكلاسيكية المتمثلة ها هنا في الكثوليكية هى مدخل للوصول للعرفان مع وجوب الاجتهاد الفردى ، و منها من رأي ان الكنيسة التقليدية المهتمة بالعدد لا بالنوع و المشترطة فقط لبعض الجمل و تعميد الماء هو مجرد نهر جاف يدعى الامتلاء ... و تتفق هنا الفرقتين. معهم الثالثة المسلمة ان الطريق الوعر يحتاج في بدايته الى رفاق و اخوية و مرشد روحى مرتبط بصداقة ستنتهى بالتاكيد حين يصل الانسان فردا لا جماعات الي الاله
لذا فسنرى في تراث الغنوصية الاسلامية و المسيحية -و ربما في الهندوسية لكن تلك محتاجة لقراءة اكثر عمقا- جملة تتكرر بشكل مطرد توعد دائما ان "من عرف نفسه عرف الله" ... و لن نبحث عن ايهم أثر في الاخر لاحتمالية غالبة ان المصدر واحد اقدم ، و يري من له عينان ان فكرة ان العالم كله شر و ان القيامة ليست بالاجساد و ان العذاب في داره الاخرة هو التية بينما الحنة هى القرب من الذات الالهية تتطابق في كتابات نجع حماد و اخوان الصفا بشكل يثير الاهتمام و البحث عن مصدر اقدم من الفيثاغورسية و هرمز كعامل مشترك
و المانوية الديانة الابنة من الغنوصية التى تكونت كمزيج بين المسيحية و الزرداشية و التى تقدم نموذج مهم لفكرة الشر في الكون استفاد منها فراس السواح جدا في كتابه الرحمن و الشيطان و التى كان من الممكن ان تكون ديانة ذات حجم و وجود لولا العاب السياسة و سوء الحظ و تقلبات القدر
ربما ننتقد الكتاب قليلا لانه لم يشبع اهتمامنا باكتشافات نجع حمادى ربما لضيق المساحة و كم البحث المطلوب لكنه بالتاكيد عوضنا بكم الكتب و المراجع المقترحة للقارئ المهتم بالتبحر فيها او انه اهتم بالوجه الكلاسيكى للمسيحية بجزء كبير من الكتاب علي حساب الغنوصية التى هى موضوع الكتاب الاصلي
لكنه فراس السواح و يظل يفتح لنا ابواب الفكر و يشجعنا علي اكمال الرحلة و لو بمفردنا
دينا نبيل
سبتمبر ٢٠١٥
تأليف: فراس السواح
عدد الصفحات: ٢٥٩ صفحة
اصدارات دار علاء الدين
التقييم : ٥/٤
عندما نسأم من الادب الركيك و متاهات الادب الملتزم لن نجد كعادتنا مخرج يمنحنا المعرفة و التاريخ و الحديث الممتع عن الرابط بين المثيودلوجى و الاديان سوى استاذنا فراس السواح... كعادتنا نعهد اليه ، نجلس امامه لا كقارئ او تلميذ بل كعضو مشارك بالاحداث و القرار و الرأي ، لذا فحين يوجهنا ان نقرأ الفصل الاخير في كتابة قبل الاول نطيع ، و حين ينصحنا ان نقرأ انجيل مرقص قبل الصفحات الاولى نلبي ... نجلس لنقرأ و نفكر و نتجهز لرحلة ربما طويلة او شاقة الى المسيحية و رحلة اكثر صعوبة الى ابنتها الغنوصية لكننا نعلم جيدا اننا ننهى الرحلة مرهقين قليلا لكن مستمتعين كثيرا و مضاف الي رصيدنا الذهنى ما لا يقدر
عندما رغم فراس السواح ان يحدثنا عن الغنوصية عموما ... و معناها الكبير اميل لنموذج "العرفان" اى وصول المرء لربه بلا واسطة و ما تخلله ذلك من تسرب للافكار الفيثاغورسية الى تلك المدرسة في الشرق الادنى ، عندما يقرر ذلك يقسم الحديث الى مدخل في الغنوصية الاسلامية و مدخل في الغنوصية المسيحية ... فاما الاول فتحدثنا عنها من قبل في مقال سابق عندما قرر ان المدخل الاصح للغنوصية الاسلامية هم اخوان الصفا فقدم لنا رسائلهم منظمة منتقية للقارئ العصرى ، و اما الثانية فيقرر ان ما عرف باناجيل نجع حمادى هى المدخل الاكثر فائدة لما اسماه الوجة الاخر للمسيح
لذا فهو يقرر ان قراءة القارئ لانجيل مرقس هو المدخل للقراءة عن المسيحية الكلاسيكية التى بدورها مدخل للقراءة عن انجيل توما الذي في النهاية سينير لنا الطريق الى الغنوصية المسيحية و الاهم ربما عن فك اشتباك علاقة اليهودية بالمسيحية و العهد القديم عن الحديث ... موضوع شائك كثيرا ما تحدث فيه باحثين خاصة بعد اكتشاف مخطوطات البحر الميت و ما حدث في التحرى عنها و لا نظن ان هناك اصح للمهمة الثقيلة تلك و الاثقل منها اى توصيل كل ذلك للقارئ العادى اكثر من السواح
بين ثنائية المسيح كمكمل للناموس القديم و كنموذج من يقرر تأخير البركة للكلاب قبل اطعام البنين الخبز ، و بين نموذج الثائر علي الوضع برمته المقرر ان الانسان سيد السبت و ليس السبت سيد الانسان كانت المعضلة الاولي .... و لنضع في اذهاننا ان تلك المرحلة اى تكاثر الاديان حول اليهود و فقدانهم للسلطة السياسية المستقلة دفعهم دفع لفكرة المحافظة علي "نقاء" اليهودية شريعة و جنسا و ساهم في اكمال الشهر الكنهوتى لليهودية اللاحقة
و ان كانت الصفحات الاولى من الكتاب مقدمة ممتعة للقارئ غير المسيحى فالصفحات التالية صالحة للاستخدام لاى قارئ حتى المسيحى منهم و هى تحدثنا عن الاناجيل الغنوصية في بساطة فترفع عنها حجب "الهرطقة" و المفاهيم الجامدة عن الدين القويم و غيره الشيطانى بل تتبع رشيق للوجة الاخر للمسيح غير الرسمى و الذى لم يحظى ببركات القرن الرابع المفصلي في التاريخ ، لذا فحين يورد لنا اجزاء من اناجيل فيليب و يوحنا المنحول و يعقوب الغنوصي
**************
تحدثنا سابقا ان الغنوصية الاسلامية المتمثلة في التصوف و الاهم اخوان الصفا حازوا موقف التوسط تجاة المؤسسة الاسلامية التقليدية و رأي الاخوان في عصرهم العباسي ان التعبد بالشريعة القرآنية هو المدخل -و لكن فقط المدخل- الي الله ، مدخل ربما يكفي العامة لكنه ابدا لا يكفي الخاصة فالطريق لله ها هنا هو العرفان و بالاجتهاد الفردى
بينما في الغنوصية المسيحية انقسمت لفرق منها من تتطابق مع نظيرتها الاسلامية في ان المؤسسات الدينية الكلاسيكية المتمثلة ها هنا في الكثوليكية هى مدخل للوصول للعرفان مع وجوب الاجتهاد الفردى ، و منها من رأي ان الكنيسة التقليدية المهتمة بالعدد لا بالنوع و المشترطة فقط لبعض الجمل و تعميد الماء هو مجرد نهر جاف يدعى الامتلاء ... و تتفق هنا الفرقتين. معهم الثالثة المسلمة ان الطريق الوعر يحتاج في بدايته الى رفاق و اخوية و مرشد روحى مرتبط بصداقة ستنتهى بالتاكيد حين يصل الانسان فردا لا جماعات الي الاله
لذا فسنرى في تراث الغنوصية الاسلامية و المسيحية -و ربما في الهندوسية لكن تلك محتاجة لقراءة اكثر عمقا- جملة تتكرر بشكل مطرد توعد دائما ان "من عرف نفسه عرف الله" ... و لن نبحث عن ايهم أثر في الاخر لاحتمالية غالبة ان المصدر واحد اقدم ، و يري من له عينان ان فكرة ان العالم كله شر و ان القيامة ليست بالاجساد و ان العذاب في داره الاخرة هو التية بينما الحنة هى القرب من الذات الالهية تتطابق في كتابات نجع حماد و اخوان الصفا بشكل يثير الاهتمام و البحث عن مصدر اقدم من الفيثاغورسية و هرمز كعامل مشترك
و المانوية الديانة الابنة من الغنوصية التى تكونت كمزيج بين المسيحية و الزرداشية و التى تقدم نموذج مهم لفكرة الشر في الكون استفاد منها فراس السواح جدا في كتابه الرحمن و الشيطان و التى كان من الممكن ان تكون ديانة ذات حجم و وجود لولا العاب السياسة و سوء الحظ و تقلبات القدر
ربما ننتقد الكتاب قليلا لانه لم يشبع اهتمامنا باكتشافات نجع حمادى ربما لضيق المساحة و كم البحث المطلوب لكنه بالتاكيد عوضنا بكم الكتب و المراجع المقترحة للقارئ المهتم بالتبحر فيها او انه اهتم بالوجه الكلاسيكى للمسيحية بجزء كبير من الكتاب علي حساب الغنوصية التى هى موضوع الكتاب الاصلي
لكنه فراس السواح و يظل يفتح لنا ابواب الفكر و يشجعنا علي اكمال الرحلة و لو بمفردنا
دينا نبيل
سبتمبر ٢٠١٥
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....