اسم الرواية: المقامر
تأليف: دوستويفسكى
ترجمة: سامى الدروبي
عدد الصفحات: ٢٣٩ صفحة
اصدارات المركز الثقافي العربي
التقييم: ٥/٤
" هل يستحيل حقا ان يدنو المرء من مائدة القمار دون ان تسرى اليه عدوى الايمان بالخرافات فورا؟! "
يفعلها دوستويفسكى كعادته فيضع المعانى الانسانية الكبيرة العابرة للحدود و اللغة في قالب اعتيادى درامى سريع ، فنجد شخصيات درامية نمطية و اخرى مميزة متألقة نكاد نلمسها لفرط واقعيتها
الكل اذن يعلم تاريخ كتابة النوفيلا الشهيرة "المقامر" و الحادثة اللطيفه عن الناشر الجشع الذى اجبر الروسي العبقرى علي كتابة بحكم عقد علي كتابة رواية جديدة تتألف من عشرة ملازم علي الاقل قبل نوفمبر ، فيبدأ مؤلفنا فيها في اكتوبر يعتصر كل طاقته كى لا يفقد حقوقه المالية في جميع مؤلفاته السابقة و اللاحقة .. و عن "انا سنيتكين" السكرتيرة اللطيفة التى كتبت الرواية كاملة املاءا من فم دوستويفسكى ، لتنهى الرواية في ٢٥ يوم فقط و تعد للنشر
و بتاريخ كهذا -القصة تلك استخدمت وحى لرواية هندية عن دوستوفيسكى رائعه لكن لذلك مقام اخر- يتريب المرء من "المقامر" و يعدها عمل روتينى يسد خانة مادية لا اكثر ... لكت العبقرى الروسي يصدمنا بمشاهد تبرق من فرط الحركة و الدراما الرفيعه
و تلك المشاهد تتركز في خطى حب البطل لباولين القاسية في اشارة مبكرة لعلاقات سادية/مزوخية ربما ليست علي المستوى الجنسي لكنها واضحة علي مستواها العاطفي ... حب جارف ضخم يضع فيه الروسي العتيد جزء من تاريخه الشخصي فنرى المشاهد تلك تنبض بالحياة ، مزيج مؤلم متفجر بين الحب و الكراهية و الاحترام و الاحتقار كعادة دوستويفسكى معنا
و الاخر عن الخط الدرامى للصالات القمار ذاتها و هو ايضا يحمل لمحة من فترة في حياة المؤلف الحقيقية و هوس القمار الساحر و تضارب الارقام و لذات المكسب و الخسارة المجنونة التى تحمل سحر خاص ان كان المبلغ ضخم و سحر اكثر ان كان المبلغ صغير اخير في جيب مفلس .... تصويره للجده التى شارفت علي المئة تقامر بكل خلجاتها في مشهد درامى يندر في الادب العالمى
نذكر هنا ان ل بلزاك محاولة صغيرة في روايته "الجلد المسحور" ان يحدثنا عن هوس المقامرة و اجواء الروليت و نذكر ان كاتبة تلك الكلمات انبهرت بالقطعة تلك لكنها الان تتراجع و تعلن ان الادب الروسي يفوز علي نظيره الفرنسي في تلك علي الاقل بالضربة القاضية
و دستويفسكى ابن القرن التاسع عشر البعيد يسبق علم النفس البدائى حينها فيعرف اصول الادمان بكل مراحله و صعوباته ... و هو يضغط دائما علي مفهوم "المكسب الكبير الاخير" الذى يراوض كل مدمن في الوجود
ربما نقول ان "المقامر" تحتوى علي شخصيات عادية و احداث ارستوقراطية مملة احيانا نراها كثيرا في ادب تلك الحقبة الروسي و غيره لكن تلك الاضافات الصغيرة التى وضعها دوستويفسكى من حياته الزاخرة تتميز فورا عن غيرها فهى تنفض غبار الدراما المصطنعة فورا و تتركنا في دهشتنا
و هو ينزع عن القمار دروس الاخلاق المدرسية فيجعل النبض يظهر في اورده جبهتنا و نحن نشارك علي الورق السباق المحموم علي اذا كان الاحمر ام الاسود هو من سينتصر و ان كان بطلنا سيكمل شهر اخر كخادم او شهر جديد كملك متوج ، لكننا نطمئن في كل حال فان كانت الاولى فيجمع في الشهر التالى ما يراهن به فيعود او الثانية فينفق الاموال كلها فيتجمع مبلغ اخير صغير لتبدأ الدورة المجنونة علي الاحمر و الاسود دورة لن نتأكد ابدا انها الاخيرة
دينا نبيل
عصر ١٤ اكتوبر ٢٠١٥
تأليف: دوستويفسكى
ترجمة: سامى الدروبي
عدد الصفحات: ٢٣٩ صفحة
اصدارات المركز الثقافي العربي
التقييم: ٥/٤
" هل يستحيل حقا ان يدنو المرء من مائدة القمار دون ان تسرى اليه عدوى الايمان بالخرافات فورا؟! "
يفعلها دوستويفسكى كعادته فيضع المعانى الانسانية الكبيرة العابرة للحدود و اللغة في قالب اعتيادى درامى سريع ، فنجد شخصيات درامية نمطية و اخرى مميزة متألقة نكاد نلمسها لفرط واقعيتها
الكل اذن يعلم تاريخ كتابة النوفيلا الشهيرة "المقامر" و الحادثة اللطيفه عن الناشر الجشع الذى اجبر الروسي العبقرى علي كتابة بحكم عقد علي كتابة رواية جديدة تتألف من عشرة ملازم علي الاقل قبل نوفمبر ، فيبدأ مؤلفنا فيها في اكتوبر يعتصر كل طاقته كى لا يفقد حقوقه المالية في جميع مؤلفاته السابقة و اللاحقة .. و عن "انا سنيتكين" السكرتيرة اللطيفة التى كتبت الرواية كاملة املاءا من فم دوستويفسكى ، لتنهى الرواية في ٢٥ يوم فقط و تعد للنشر
و بتاريخ كهذا -القصة تلك استخدمت وحى لرواية هندية عن دوستوفيسكى رائعه لكن لذلك مقام اخر- يتريب المرء من "المقامر" و يعدها عمل روتينى يسد خانة مادية لا اكثر ... لكت العبقرى الروسي يصدمنا بمشاهد تبرق من فرط الحركة و الدراما الرفيعه
و تلك المشاهد تتركز في خطى حب البطل لباولين القاسية في اشارة مبكرة لعلاقات سادية/مزوخية ربما ليست علي المستوى الجنسي لكنها واضحة علي مستواها العاطفي ... حب جارف ضخم يضع فيه الروسي العتيد جزء من تاريخه الشخصي فنرى المشاهد تلك تنبض بالحياة ، مزيج مؤلم متفجر بين الحب و الكراهية و الاحترام و الاحتقار كعادة دوستويفسكى معنا
و الاخر عن الخط الدرامى للصالات القمار ذاتها و هو ايضا يحمل لمحة من فترة في حياة المؤلف الحقيقية و هوس القمار الساحر و تضارب الارقام و لذات المكسب و الخسارة المجنونة التى تحمل سحر خاص ان كان المبلغ ضخم و سحر اكثر ان كان المبلغ صغير اخير في جيب مفلس .... تصويره للجده التى شارفت علي المئة تقامر بكل خلجاتها في مشهد درامى يندر في الادب العالمى
نذكر هنا ان ل بلزاك محاولة صغيرة في روايته "الجلد المسحور" ان يحدثنا عن هوس المقامرة و اجواء الروليت و نذكر ان كاتبة تلك الكلمات انبهرت بالقطعة تلك لكنها الان تتراجع و تعلن ان الادب الروسي يفوز علي نظيره الفرنسي في تلك علي الاقل بالضربة القاضية
و دستويفسكى ابن القرن التاسع عشر البعيد يسبق علم النفس البدائى حينها فيعرف اصول الادمان بكل مراحله و صعوباته ... و هو يضغط دائما علي مفهوم "المكسب الكبير الاخير" الذى يراوض كل مدمن في الوجود
ربما نقول ان "المقامر" تحتوى علي شخصيات عادية و احداث ارستوقراطية مملة احيانا نراها كثيرا في ادب تلك الحقبة الروسي و غيره لكن تلك الاضافات الصغيرة التى وضعها دوستويفسكى من حياته الزاخرة تتميز فورا عن غيرها فهى تنفض غبار الدراما المصطنعة فورا و تتركنا في دهشتنا
و هو ينزع عن القمار دروس الاخلاق المدرسية فيجعل النبض يظهر في اورده جبهتنا و نحن نشارك علي الورق السباق المحموم علي اذا كان الاحمر ام الاسود هو من سينتصر و ان كان بطلنا سيكمل شهر اخر كخادم او شهر جديد كملك متوج ، لكننا نطمئن في كل حال فان كانت الاولى فيجمع في الشهر التالى ما يراهن به فيعود او الثانية فينفق الاموال كلها فيتجمع مبلغ اخير صغير لتبدأ الدورة المجنونة علي الاحمر و الاسود دورة لن نتأكد ابدا انها الاخيرة
دينا نبيل
عصر ١٤ اكتوبر ٢٠١٥
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....