اسم الكتاب: الانشقاق الدينى - المجلد السادس و الثلاثين من قصة الحضارة
تأليف: ول ديورانت
ترجمة: عبد الحميد يونس
عدد الصفحات: 280 صفحة
اصدارات دار نوبليس
العقل ينتصر ام الدين؟ معركة ظهر كثيرا فى صفحات التاريخ انها حسمت لكن الانسان فشل دائما فى انهاء الامر ففى كل عصر نتخيل ان الدين قد انتصر للابد كما فى القرون العشرة للعصور الوسطى و تنتصر العبرية على اليونانية و المسيح على سقراط نرى عنقاء الفلسفة و الفن تنتفض فى عصر النهضة الايطالى المبهر ... لكن المعركة لم تحسم ابدا فحتى فى عهد انجلو و روما الذهبية كان هناك سفنرولا , و بينما كانت تنعم روما بتلك المعادلة الحساسة سريعة الفشل بين الحرية و السلطة الدينية كان لوثر يمزج التقدم بالتراجع و ينزع من الانسان سلطة العقل و يرجع الى عهد اوغسطين الاول
فنسمع لوثر يعلن فشل و تفاهة العقل من اصله و ارجاع الامر للسلطة السماوية و حدها : "نحن المساكين، الناس التعساء... نسعى في غرور إلى فهم الجلال الذي يدق على الفهم لنور عجائب الله التي لا تدرك... ونحن نتطلع بعيون مغمضة، مثل حيوان الخلد، إلى مجد الله" . وقال لوثر: "أنت لا تستطيع أن تقبل كلاً من الإنجيل والعقل فأحدهما يجب أن يفسح الطريق للآخر ... إن كل آيات عقيدتنا المسيحية التي كشف لنا الله عنها في كلمته أمام العقل مستحيلة تماماً منافية للمعقول وزائفة. فإذن كيف يعتقد ذلك الأحمق الصغير الماكر أن هناك شيئاً يمكن أن يكون أكثر مجافاة للعقل واستحالة من أن المسيح يعطينا جسده لنأكله ودمه لنشربه في العشاء الأخير؟... أو أن الموتى سيبعثون من جديد يوم القيامة؟... أو أن المسيح ابن الله حملت به مريم العذراء وولدته ثم غدا رجلاً يتعذب ثم يموت ميتة مخجلة على الصليب؟ ... إن العقل هو أكبر عدو للإيمان... إنه أفجر صنائع للشيطان كبغي فتك بها الجرب والجذام، ويجب أن توطأ بالأقدام ويقضى عليها هي وحكمتها... فاقذفها بالروث في وجهها... وأغرقها في العماد"
**************************
أتفيد الثورة الاصلاح الدينى؟ الاكيد ان الاصلاح الدينى و سقوط هيبة الكنيسة ذاته كان محرك لتلك الثورة الاجتماعية ذات البعد الشيوعى الواضح لكن السؤال الذى حير المؤرخين بل و معاصرين تلك الاحداث هو لم تبرأ لوثر منها رغم ان حماسته هى من اشعلت النار فى القش من الاساس ... الان بعد هدوء كل العواصف التاريخية نرى ان لوثر صاحب الفكرة و ربما الاراء الصارخة كان كغيره لا يحتمل ان تترجم افكاره الى دماء تراق و سلطات "دينوية" تسقط و فوضي تنتشر و كان محافظ اكثر مما يحب و ثوريا اكثر مما يتحمل الواقع فى ان واحد , و كان بعيد النظر نسبيا عندما تيقن ان أن الثورة الدينية التي خاطر من أجلها بحياته سوف تتعرض للخطر الشديد بسبب الرجعية المحافظة التي كانت مضطرة إلى أن تتبع ثورة فاشلة.... و سبق الاخريين عندما تأكد من ان قانون "الرجعية" سينصر بالتاكيد بعد الثورات العارمة خاصة الفاشلة منها
هل يمكن ان نعزى الامر ايضا الى دموية الثورة الاجتماعية الالمانية؟ بالتاكيد لكننا نرى ايضا ان خسارات الفلاحين -التى تخلى عنهم لوثر بقسوة- لم تكن اقل دموية عن تلك التى اترتكبوها فى ساعات الانتصار المظفر قصير المدى كعادة ثورات الفقراء من قبل عهد اليونان حتى ... و قصة ثورات اللامعمدانيون و اليوتوبيا التى حلموا بتحقيقها على الارض من القصص التى يندى لها جبين العالم الرأسمالى محب الملوك و المحافظ بشكل لا يحمل قدر كبير من الانسانية
**************************
لوثر ... أرازموس ... كالفن ... زونجلى
اربعة من العظماء قدر لهم ان يجتمعوا فى عصر واحد و ربما بهدف واحد و هو هز الاستقرار الكثالوليكى الايطالى الهادئ منذ قرون , و نتعجب قليلا عندما ندرك الان ان اراء الاربعة التى قيلت فى القرن السادس عشر غيرت من وجه حياتنا الان و جعلتها مختلفة كثيرا لو لم تقال قط
الغريب هو ان علاقة الاربعة الكبار لم تكن قط مثالية فلوثر يعادى زونجلى ذو الميول الانسانية و اتساع أفق لاختلافهم فى تفصيلة لاهوتية نراها اليوم لا تستحق كل هذا العداء وقد اتفق في الرأي مع لوثر بأن الإنسان لن يستطيع أبداً أن يحصل على الخلاص بالأعمال الصالحات، بل يجب أن يؤمن بالقدرة التكفيرية لموت المسيح المقترن بالتضحية , ورفض لوثر أن يصافح اليد التي مدها إليه زونجلى، وقال: "إن روحك تختلف عن روحنا" . وعندما سمع لوثر بموت زونجلى هتف يقول "إن هذا حكم السماء على كاف وانتصار لنا" ويروى أنه قال: "كم أود من أعماق قلبي لو أمكن إنقاذ حياة زونجلى ولكني أخشى أن يحدث العكس لأن المسيح قال إنه: "ملعون كل مَن يكفر به"
يكره ارازموس لانه غير حاسم ... لكن ماذا كان يتوقع من عالم انسانيات رقيق المشاعر يحافظ على وعد الرجال الشرفاء بين الكنيسة و المثقفين ان يحظى الطرف التانى بقليل من الحرية باللاتنية الميتة مقابل غض طرف الاول عن اى هرطقة مزعومة , و مع ذلك فبعد انتهاء فوران لوثر لم يتبقي غير كلمات الانسانى الجميل تنير القرون الطويلة اللاحقة
ويضيف مؤرخ كاثوليكي تقديراً يكاد يكون مطابقاً لمقتضيات العقل: "إن أرازموس كان ينتمي فكرياً إلى عصر لاحق علمي وعقلاني أكثر من عصره. والعمل الذي قد بدأ به والذي أوقفته الاضطرابات التي حدثت في عهد الإصلاح الديني استأنفه علماء القرن السابع عشر في وقت لاقى فيه قبولاً أكثر"
**************************
يتبقي لنا ان نذكر ان دورانت واضح الاتجاة و العقيدة و الافكار لكن فى الاجزاء الاولى من الموسوعه الطويلة يتحفظ العملاق الامريكى قليلا فى ابداء رأيه الشخصى و هو ما يراه النقاد ميزة و نراه عيبا ثم فى الاجزاء اللاحقة سيبدأ ديورانت فى الانطلاق فى ابداء مشاعره فى احداث و افكار التاريخ
لذا فالتحفظ الصغير الذى ابداه ديورانت تجاه جبرية و قدرية اوغسطين يتحول لغضب تجاه كالفين الذى سيفعل تلك الاراء فى منظومة الدين الفعلى و يخرجها من سجون الاوراق اللاتنية فى دير ما فى العصور الوسطى ... لن يغفر له ان افكاره كانت حجر اساس ارهاب والمتطهرون (البيوريتان)الانجليز
و سيرى و نرى معه ان كالفن اهدى العالم مجتمع اورويل مستلط و عقيدة متصلبة تمحو حرية الانسان فى الدنيا و الاخرة , لكنه منحها خلود فردى مستقل عن الكنيسة و قوة تحميه من الانسحاق الثقافى او العسكرى
لكنه سيحاول دائما ايجاد الجانب المشرق فى الامر فيقول:
وفي غضون ذلك كانت حكومة رجال الدين الصارمة التي أقامها كالفن تنبت براعم ديمقراطية، ثم إن جهود الزعماء الكالفينيين في سبيل توفير التعليم للجميع تفقيههم وغرسهم شخصية مهذبة قد ساعد أوساط الناس الأشداء في هولندة على إبعاد الحكم المطلق الإسباني الدخيل ودعم ثورة النبلاء ورجال الدين في سكوتلندة ضد ملكة فاتنة ولكنها مستبدة. وكان للنزعة الرواقية في عقيدة صارمة الفضل في خلق أرواح قوية للمعاهدين السكوتلنديين والمتطهرين الإنجليز والهولنديين والحجاج في نيوانجلاند، وثبتت قلب كرومويل واهتدى بها قلم ميلتون الكفيف وحطمت سلطان آل ستيوارد المستبدين. وشجعت الناس الباسلين والقساة على الظفر بقارة وعلى نشر أساس التعليم والحكم الذاتي إلى أن يستطيع كل الناس أن يصبحوا أحراراً. وسرعان ما طالب الناس الذين اختاروا كهان أبرشياتهم بأن يكون لهم حق اختيار حكامهم وأصبحت جماعة المصلين التي تحكم نفسها بنفسها بلدية تحكم نفسها بنفسها، وهكذا أبرزت أسطورة الانتخاب الإلهي نفسها في صنع أمريكا. وعندما تم أداء هذا العمل أهملت النظرية البروتستانتية التي تقول بالجبر، ولما عاد النظام الاجتماعي إلى أوربا بعد حرب الثلاثين عاماً وفي إنجلترا بعد ثورتي عام 1642 و 1689 وفي أمريكا بعد عام 1793 تغير الفخار بالانتخاب الإلهي إلى اعتزاز بالعمل وإنجازه وشعر الناس بأنهم أقوى وأكثر أمناً.
و كعادتنا سنفعل ما نفعله دائما عند الانتهاء من مجلد من مجلدات قصة الحضارة الطويلة ... سنتجه رأسا الى المجلد التالى فرحين بما اتانا الله و رزقنا به
دينا نبيل
نوفمبر 2015
تأليف: ول ديورانت
ترجمة: عبد الحميد يونس
عدد الصفحات: 280 صفحة
اصدارات دار نوبليس
العقل ينتصر ام الدين؟ معركة ظهر كثيرا فى صفحات التاريخ انها حسمت لكن الانسان فشل دائما فى انهاء الامر ففى كل عصر نتخيل ان الدين قد انتصر للابد كما فى القرون العشرة للعصور الوسطى و تنتصر العبرية على اليونانية و المسيح على سقراط نرى عنقاء الفلسفة و الفن تنتفض فى عصر النهضة الايطالى المبهر ... لكن المعركة لم تحسم ابدا فحتى فى عهد انجلو و روما الذهبية كان هناك سفنرولا , و بينما كانت تنعم روما بتلك المعادلة الحساسة سريعة الفشل بين الحرية و السلطة الدينية كان لوثر يمزج التقدم بالتراجع و ينزع من الانسان سلطة العقل و يرجع الى عهد اوغسطين الاول
فنسمع لوثر يعلن فشل و تفاهة العقل من اصله و ارجاع الامر للسلطة السماوية و حدها : "نحن المساكين، الناس التعساء... نسعى في غرور إلى فهم الجلال الذي يدق على الفهم لنور عجائب الله التي لا تدرك... ونحن نتطلع بعيون مغمضة، مثل حيوان الخلد، إلى مجد الله" . وقال لوثر: "أنت لا تستطيع أن تقبل كلاً من الإنجيل والعقل فأحدهما يجب أن يفسح الطريق للآخر ... إن كل آيات عقيدتنا المسيحية التي كشف لنا الله عنها في كلمته أمام العقل مستحيلة تماماً منافية للمعقول وزائفة. فإذن كيف يعتقد ذلك الأحمق الصغير الماكر أن هناك شيئاً يمكن أن يكون أكثر مجافاة للعقل واستحالة من أن المسيح يعطينا جسده لنأكله ودمه لنشربه في العشاء الأخير؟... أو أن الموتى سيبعثون من جديد يوم القيامة؟... أو أن المسيح ابن الله حملت به مريم العذراء وولدته ثم غدا رجلاً يتعذب ثم يموت ميتة مخجلة على الصليب؟ ... إن العقل هو أكبر عدو للإيمان... إنه أفجر صنائع للشيطان كبغي فتك بها الجرب والجذام، ويجب أن توطأ بالأقدام ويقضى عليها هي وحكمتها... فاقذفها بالروث في وجهها... وأغرقها في العماد"
**************************
أتفيد الثورة الاصلاح الدينى؟ الاكيد ان الاصلاح الدينى و سقوط هيبة الكنيسة ذاته كان محرك لتلك الثورة الاجتماعية ذات البعد الشيوعى الواضح لكن السؤال الذى حير المؤرخين بل و معاصرين تلك الاحداث هو لم تبرأ لوثر منها رغم ان حماسته هى من اشعلت النار فى القش من الاساس ... الان بعد هدوء كل العواصف التاريخية نرى ان لوثر صاحب الفكرة و ربما الاراء الصارخة كان كغيره لا يحتمل ان تترجم افكاره الى دماء تراق و سلطات "دينوية" تسقط و فوضي تنتشر و كان محافظ اكثر مما يحب و ثوريا اكثر مما يتحمل الواقع فى ان واحد , و كان بعيد النظر نسبيا عندما تيقن ان أن الثورة الدينية التي خاطر من أجلها بحياته سوف تتعرض للخطر الشديد بسبب الرجعية المحافظة التي كانت مضطرة إلى أن تتبع ثورة فاشلة.... و سبق الاخريين عندما تأكد من ان قانون "الرجعية" سينصر بالتاكيد بعد الثورات العارمة خاصة الفاشلة منها
هل يمكن ان نعزى الامر ايضا الى دموية الثورة الاجتماعية الالمانية؟ بالتاكيد لكننا نرى ايضا ان خسارات الفلاحين -التى تخلى عنهم لوثر بقسوة- لم تكن اقل دموية عن تلك التى اترتكبوها فى ساعات الانتصار المظفر قصير المدى كعادة ثورات الفقراء من قبل عهد اليونان حتى ... و قصة ثورات اللامعمدانيون و اليوتوبيا التى حلموا بتحقيقها على الارض من القصص التى يندى لها جبين العالم الرأسمالى محب الملوك و المحافظ بشكل لا يحمل قدر كبير من الانسانية
**************************
لوثر ... أرازموس ... كالفن ... زونجلى
اربعة من العظماء قدر لهم ان يجتمعوا فى عصر واحد و ربما بهدف واحد و هو هز الاستقرار الكثالوليكى الايطالى الهادئ منذ قرون , و نتعجب قليلا عندما ندرك الان ان اراء الاربعة التى قيلت فى القرن السادس عشر غيرت من وجه حياتنا الان و جعلتها مختلفة كثيرا لو لم تقال قط
الغريب هو ان علاقة الاربعة الكبار لم تكن قط مثالية فلوثر يعادى زونجلى ذو الميول الانسانية و اتساع أفق لاختلافهم فى تفصيلة لاهوتية نراها اليوم لا تستحق كل هذا العداء وقد اتفق في الرأي مع لوثر بأن الإنسان لن يستطيع أبداً أن يحصل على الخلاص بالأعمال الصالحات، بل يجب أن يؤمن بالقدرة التكفيرية لموت المسيح المقترن بالتضحية , ورفض لوثر أن يصافح اليد التي مدها إليه زونجلى، وقال: "إن روحك تختلف عن روحنا" . وعندما سمع لوثر بموت زونجلى هتف يقول "إن هذا حكم السماء على كاف وانتصار لنا" ويروى أنه قال: "كم أود من أعماق قلبي لو أمكن إنقاذ حياة زونجلى ولكني أخشى أن يحدث العكس لأن المسيح قال إنه: "ملعون كل مَن يكفر به"
يكره ارازموس لانه غير حاسم ... لكن ماذا كان يتوقع من عالم انسانيات رقيق المشاعر يحافظ على وعد الرجال الشرفاء بين الكنيسة و المثقفين ان يحظى الطرف التانى بقليل من الحرية باللاتنية الميتة مقابل غض طرف الاول عن اى هرطقة مزعومة , و مع ذلك فبعد انتهاء فوران لوثر لم يتبقي غير كلمات الانسانى الجميل تنير القرون الطويلة اللاحقة
ويضيف مؤرخ كاثوليكي تقديراً يكاد يكون مطابقاً لمقتضيات العقل: "إن أرازموس كان ينتمي فكرياً إلى عصر لاحق علمي وعقلاني أكثر من عصره. والعمل الذي قد بدأ به والذي أوقفته الاضطرابات التي حدثت في عهد الإصلاح الديني استأنفه علماء القرن السابع عشر في وقت لاقى فيه قبولاً أكثر"
**************************
يتبقي لنا ان نذكر ان دورانت واضح الاتجاة و العقيدة و الافكار لكن فى الاجزاء الاولى من الموسوعه الطويلة يتحفظ العملاق الامريكى قليلا فى ابداء رأيه الشخصى و هو ما يراه النقاد ميزة و نراه عيبا ثم فى الاجزاء اللاحقة سيبدأ ديورانت فى الانطلاق فى ابداء مشاعره فى احداث و افكار التاريخ
لذا فالتحفظ الصغير الذى ابداه ديورانت تجاه جبرية و قدرية اوغسطين يتحول لغضب تجاه كالفين الذى سيفعل تلك الاراء فى منظومة الدين الفعلى و يخرجها من سجون الاوراق اللاتنية فى دير ما فى العصور الوسطى ... لن يغفر له ان افكاره كانت حجر اساس ارهاب والمتطهرون (البيوريتان)الانجليز
و سيرى و نرى معه ان كالفن اهدى العالم مجتمع اورويل مستلط و عقيدة متصلبة تمحو حرية الانسان فى الدنيا و الاخرة , لكنه منحها خلود فردى مستقل عن الكنيسة و قوة تحميه من الانسحاق الثقافى او العسكرى
لكنه سيحاول دائما ايجاد الجانب المشرق فى الامر فيقول:
وفي غضون ذلك كانت حكومة رجال الدين الصارمة التي أقامها كالفن تنبت براعم ديمقراطية، ثم إن جهود الزعماء الكالفينيين في سبيل توفير التعليم للجميع تفقيههم وغرسهم شخصية مهذبة قد ساعد أوساط الناس الأشداء في هولندة على إبعاد الحكم المطلق الإسباني الدخيل ودعم ثورة النبلاء ورجال الدين في سكوتلندة ضد ملكة فاتنة ولكنها مستبدة. وكان للنزعة الرواقية في عقيدة صارمة الفضل في خلق أرواح قوية للمعاهدين السكوتلنديين والمتطهرين الإنجليز والهولنديين والحجاج في نيوانجلاند، وثبتت قلب كرومويل واهتدى بها قلم ميلتون الكفيف وحطمت سلطان آل ستيوارد المستبدين. وشجعت الناس الباسلين والقساة على الظفر بقارة وعلى نشر أساس التعليم والحكم الذاتي إلى أن يستطيع كل الناس أن يصبحوا أحراراً. وسرعان ما طالب الناس الذين اختاروا كهان أبرشياتهم بأن يكون لهم حق اختيار حكامهم وأصبحت جماعة المصلين التي تحكم نفسها بنفسها بلدية تحكم نفسها بنفسها، وهكذا أبرزت أسطورة الانتخاب الإلهي نفسها في صنع أمريكا. وعندما تم أداء هذا العمل أهملت النظرية البروتستانتية التي تقول بالجبر، ولما عاد النظام الاجتماعي إلى أوربا بعد حرب الثلاثين عاماً وفي إنجلترا بعد ثورتي عام 1642 و 1689 وفي أمريكا بعد عام 1793 تغير الفخار بالانتخاب الإلهي إلى اعتزاز بالعمل وإنجازه وشعر الناس بأنهم أقوى وأكثر أمناً.
و كعادتنا سنفعل ما نفعله دائما عند الانتهاء من مجلد من مجلدات قصة الحضارة الطويلة ... سنتجه رأسا الى المجلد التالى فرحين بما اتانا الله و رزقنا به
دينا نبيل
نوفمبر 2015
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....