اسم الكتاب: الاصلاح الدينى 2 - المجلد الثامن و الثلاثون من قصة الحضارة
تأليف: ول ديورانت
ترجمة: محمد على ابو درة
عدد الصفحات:255 صفحة
اصدارات دار نوبليس
شارفت رحلة الاصلاح الدينى و عصره الغريب على الانتهاء , و شارفت 2015 على الرحيل ايضا... و كعادته معانا سنجلس نحن امام ديورانت يحكى فننصت و يلم خيوط الماضي فنتفهم و نحاول التمسك بالتفاصيل و الاحداث
في سنة 1300 لم يكن لروسيا وجود...هكذا يروى لنا التاريخ لذا فرحلتنا ممتعه دوما فى مشاهدة الرحلة الروسية فى جمع شتاتها و توسيع مملكتها و قبلها بالتاكيد خلق الحرية الكاملة لوجود مملكة من الاصل , و قصة احتلال المغول لروسيا او قبائل ما قبل روسيا قصة شائقة ممتعه متوفر لها كتب خاصة بها كحادثة تاريخية فردية فكيف سيتحكم الغازى البعيد المدجج فى "للقبيلة الذهبية" فى مصير القبائل و الممالك الصغيرة قبل ان تنتفض لتنهى العهد الطويل المظلم الذى غير طبيعه روسيا الى الابد و فصلها عن العالم الغربى رغم مرور قرون متعاقبة....وكانت النتائج الأساسية التي ترتبت على طول خضوع روسيا "للقبيلة" نتائج اجتماعية: وهي استبداد أدواق موسكو، وولاء الأهالي ولاء ذليلاً لأمرائهم، والمركز الوضيع للمرأة في المجتمع، وتنظيم حكومة موسكو وفقاً لأساليب التتار من النواحي العسكرية والمالية والقضائية. وقد عاقت سيطرة التتار محاولة روسيا لمدة قرنين من الزمان أن تصبح دولة أوربية غربية.
هل حقا احتاجت روسيا الى ايفان الثالث -جد ايفان الرهيب الشهير- ليحرر روسيا فعلا؟ ربما ينظر له اهل بلده تلك النظرة لكنه ديورانت و نحن معه نؤمن بصيرورة التاريخ و ان حتمية التاريخ تضع احيانا الاشخاص المناسبين فى الاوقات المناسبة و ان احنلال مؤسسة المغول العسكرية كان قادم بالتاكيد كما توقع ابن خالدون عن اى شعب غازى
وبدا أن التحرر من ربقة التتار مستحيل، ولكن ثبت أنه أمر يسير . ذلك أن بقايا الغزاة المغول - الأتراك كانوا قد استقروا في ثلاث جماعات متنافسة متنافرة، وتركزوا في سراى وقازان وفي القرم، وكان إيفان يضرب كلا منها بالأخرى حتى وثق أنها لن تتحد ضده. وفي 1480 امتنع إيفان عن دفع الجزية، وقاد خان أحمد جيشاً كبيراً من الفولجا حتى ضفاف نهري أوكا وأوجرا جنوب موسكو. وقاد إيفان جيشاً قوامه 150.000 رجل إلى الضفاف المقابلة، وواجه العدوان بعضهما بعضاً لعدة شهور دون أن تقع بينهما معركة. وتردد إيفان في أن يغامر بعرشه وحياته في رمية واحدة، كما خشى التتار مدفعيته التي أدخل عليها تحسينات. ولما تجمدت الأنهار، ولم تعد تحمى الجيوش بعضها من بعض، أصدر إيفان أوامره بالانسحاب، وبدلا من تعقب الجيش المنسحب، انسحب التتار كذلك، حتى وصلوا إلى سراى < وكان انتصاراً هائلاً ولكنه مضحك، ومنذ ذلك الحين لم تدفع موسكو جزية إلى التتار. وسمى الأمير العظيم نفسه الحاكم المطلق، أى الذي لا يدفع الجزية لأحد. واستدرج الخانات المتنافسون إلى محاربة بعضهم بعضاً، وهزم أحمد وذبح، وانقضى سلطان المغول في سراى، واندثرت "القبيلة الذهبية".
و كانت روسيا و كان تاريخها الحقيقى بعد هذا الانتصار المضحك عسكريا و الرائع سياسيا ... لكن الادب الروسي قال لنا كثيرا ان التتار رحلوا و سوطهم لم يرحل ابدا
*******************
ينقلنا ديورانت سريعا من روسيا الى نظرة طائر محلق عن بلاد الاسلام فى عصر الاصلاح الدينى الاوروبى ... فينما كانت اوروبا تكافح من اجل التغيير كان المسلمين يكافحون ضد التتار فينهزموا عسكريا و ينتصروا فكريا , و كانت القاهرة تتألق فى ظل المماليك ولا تعلم ان الذبول قادم كما كان القدر دائما
و كان حافظ الشيرازى يقنع نفسخ للحظة وجيزة بقبول دعوة من السلطان أحمد بالاقامة في القصر الملكي في بغداد ولكن حبة لشيراز أبقاه حبيساً بها، وكان يشك في أن بالجنة نفسها مثل هذه الأنهار الفاتنة أو مثل هذه الورود الحمراء في شيراز و كان يتجول مرددا:
إن عمرنا قصير، ولكن طالما أننا قد نفوز
بالمجد وهو الحب، فلا تحتقر
الاصغاء إلى توسلات القلب
فإن سر الحياة سوف يبقى فيما وراء العقل
و كان تيمور لنك يمتلك اكبر امبراطورية فى عالمه و يثير صوت الذهب فى جنوده و الرعب فى رجال المدن خوفا من التحول الى مأذنة جديدة من مأذانه البشرية الكثيرة... ولما استسلمت مدينة سبزاوار بعد حصار كلفه كثيراً، أسر ألفين من رجالها، وكدسهم أحياء، الواحد فوق الآخر، وضرب عليهم بنطاق من الآجر والطين، وأقام منهم مئذنة، حتى إذا استقين الرجال جبروت غضبه، لا يعود يغويهم شيطان الصلف والكبرياء". وهكذا روى القصة مادح معاص . وغفلت مدينة زيرية عن هذه الحقيقة وأبدت مقاومة، فأقام الغازي من رؤوس أبنائها عدداً أكبر من المآذن.
و كان ابن خالدون يكتب (كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر) واضعا اهم مقدمة لكتاب كتب .. يضع فيها اساس علم جديد ينظر للتاريخ ككتلة واحدة كبيرة متحركة ثم يكتب الكتاب ذاته على الشاكلة القديمة مكتفيا ان يضئ الشعلة الاولى ليتلقطها بعد ذلك من له اذن فيسمع و عينان فيرى
و كانت يد الرسام و الخطاط المسلم يرسم رسم المنمنمات الفارسية الذى بلغ الذروة في هراة على عهد التيموريين وكان كمال الدين بهزاد، هو كيتس الزخرفة الحقيقي أو رافائيل الشرق. لقد عركته تجارب الحياة، وويلات الحرب وتقلباتها، فعكس هذا كله بالفن ... وكانت المراكز العظمى للزخرفة الإسلامية في هذا العصر هي تبريز وشيراز، هراة. ويحتمل أنه قد جاء من تبريز في عهد الأيلخانات، للورقات الخمس والخمسون من كتاب "شاه نامه"، (كتاب الملوك للفردوسي) - وهي من عمل رسامين مختلفين في القرن الرابع عشر
و كان بربروسه قرصانا و ملاحا و حاكما و مغيرا لقواعد السياسة فى البحر المتوسط كله و كان حلقة الوصل بين شارل و سليمان القانونى و البابا و جميلة جميلات ايطاليا كما يليق باى قرصان فى عالم القصص الخيالية لكن التاريخ السوداوى كثيرا يقدم لنا قصته ملطخة بدماء كثيرة لكن تحمل نهاية لا نراها الا سعيدة عندما يحل سن السابعة والسبعين اعتزل القرصان المنتصر الظافر تحيط به كل مظاهر الإجلال والتكريم، ليقضي نحبه في فراشه 1546، وقد بلغ الثمانين
و كانت فارس تؤرق مضاجع تركيا و تنقذ اوروبا من تيار كان من الممكن ان يجرفها و تتيح للبروتسانتية ان تعيش فى لعبة الكراسي الموسيقية العجيبة للتاريخ
يبدأ التاريخ بعد اختفاء الأصول. فلا أحد يعرف أين نشأ الأتراك. "فذهب بعض الناس إلى أنهم كانوا قبيلة فنلندية أوجرية (شعب أسيوي شرقي الأورال) من الهون، وأن اسمهم يعني "خوذة" وهي في إحدى اللهجات التركية وقد شكلوا لغاتهم من اللغتين المغولية والصينية، وأدخلوا بعد ذلك ألفاظاً فارسية أو عربية، وهذه اللهجات التركية هي الوسيلة الوحيدة لتصنيف المتكلمين منهم بوصفهم أتراكاً. واتخذت واحدة من هذه العشائر اسمها من اسم زعيمها سلجوق. ونمت بالنصر تلو النصر، وتكاثرت سلالتها، وحكموا في القرن الثالث عشر فارس والعراق وسوريا وأسيا الصغرى. وفرت عشيرة أخرى من أقرباء العشيرة الأولى، بقيادة زعيمها طغرل، أر، من خراسان في نفس القرن، حتى لا يكتسحها طوفان المغول. واستخدمها سلجوق أمير قونية بآسيا الصغرى، في الأعمال الحربية، وأقطعها جزءاً من الأرض لرعي ماشيتها. وفي 1288 (؟) مات أرطغرل، فاختير ابنه عثمان، وهو إذ ذاك في الثلاثين من عمره، ليخلف أباه، ومنه اشتق اسم "العثمانيين".
و بينما كانت اوروبا تبحث عن حل لثورة الفلاحين و هجمات لوثر على الكنيسة و بينما كانت اسبانيا تجمع ذهب امريكا الجديدة و تعقد المحاكم لحرق كل من يطلق ما يمكن الاشتباه بكونه هرطقة و البرتغال تسحب البساط التجارى من البحر المتوسط مقر الحضارة العتيق كانت القسطنينية تتكون بعلامات شرقية اسلامية فتحمل حريتها الخاصة و قوانينها المعقدة .... وكان الهراطقة من المسيحين يدفعون جزية الابناء مقابل ان يصمت الجميع عن ما اعتقدوه فى قلوبهم
و بينما كان هنرى الثامن يبحث عن زوجة جديدة كان قد شن سليمان حروباً كثيرة، وذبح نصف ذريته، وأمر بذبح وزير مبدع دون إنذار أو محاكمة، إنه ارتكب الأخطاء التي تلازم السلطة المطلقة غير المحدودة، ولكنه كان أعظم وأقدر حكام عصره دون منازع
***********************
مرة اخرى نرجع لنكرر ما عبرنا عنه فى مجلدات حضارات العبرانيين فى العصور الوسطى ...ما هدف الكتاب؟ و كيف نطلع عليه نحن العرب؟ ... فاما الهدف فصورة شاملة لتاريخ و شخصية و أداب و دين اليهودى بغض النظر عن وطنه و بلده فى العصور الوسطى الطويلة الممتدة لعشرة قرون...و اما السؤال التانى فصعب و مرهق لنا و يخرجنا من نطاق حياديتنا المعتادة كقراء للتاريخ , فكيف الفصل بين يهودى القرون الوسطى من عام 1300 ل 1564و بين صهيونى عصرنا؟ و كيف نرسم فى اذهانا انهم بشر عاشوا على الارض كغيرهم و تركوا تراث كغيرهم
ديورانت معجب باصرار اليهود و احترامهم لحلمهم ... لكن ديورانت مغرم بالحياة الروحية فى الهند ايضا و بقيام حضارات الصين دون سند دينى و بفن اليونان و بقوانين روما و ببهرجة بيزنطة و ببساطة المسيح و بقيادة و اخلاق محمد , ديورانت مغروم بالانسانية و اليهود معه ليسوا استثناء ... و نكرر كما نكرر دائما ان ذلك شأن ديورانت و لنا شأننا
لكن ما يلفت انتباهنا حقا هو كيف عاش اليهود فى شتاتهم الاول بعد سقوط اورشليم عام 71 و بعد الشتات الثانى عندما قررت اسبانيا انها ستكون كاثوليكية اكثر و ان بترت كل مواطنيها حرقا و نفيا و الحكم الطويل بالموت كمدا
فنرى ان اذا كان الطاعون يغزو اوروبا فخسارة اليهود مضاعفة نتيجة ميراث الكراهية المتبادل بين مسيحية القرون الوسطى و بين اليهودية المتحدية الصامدة بكل اختلافتها و ريبتها ... ففى الطاعون سيخسر اليهود موتى مرضي كغيرهم و فوق ذلك سيخسروا الكثيرين من القتلى , و بيان ذلك كما يخبرنا ديورانت ان : وكان الموت السود كارثة خاصة حلت باليهود في العالم المسيحي. لقد أودى الطاعون نفسه بحياة المغول والمسلمين في آسيا،وهناك لم يفكر أحد في إلقاء اللوم على اليهود، ولكن في أوربا الغربية حيث جن جنون الأهالي لهول الوباء وما أحدثه من دمار، اتهم اليهود بتسميم الآبار في محاولة لاستئصال المسيحيين. ونسج الخيال المسعور كثيراً من التفاصيل. فقيل بأن يهود طليطلة أرسلوا رسلهم بصناديق ملآى بالسم الذي صنعوه من السحالي والعظاءات (نوع من الزواحف) وقلوب المسيحيين، إلى جميع الجاليات اليهودية في أوربا، مع توجيهات بإلقاء هذه السموم المركزة في الآبار والعيون مع ذلك عذب اليهود حتى اعترفوا بتوزيع السم. وأغلق المسيحيون آبارهم وعيونهم، وشربوا ماء المطر أو الثلج المذاب وانتشرت المذابح الرهيبة في فرنسا وأسبانيا وألمانيا
و نرى ان خلاف المسيحيين الكاثوليك و البروتسنت على مغزى و تجسيد المسيح فى القربان المقدس الذى مزق اوروبا بين لوثرية و كالفنية و زونجلية فى شقها البروتسنتى بخلاف الشقاق الكبير اصلا فى الكنيسة , نرى ان النقاش ذلك حتى دفع اليهود ثمنه كعادة اى اقلية فى عصر متشدد و متقلب وأصبحت قصة القربان المقدس مأساة لليهود. فقد طلب إلى المسيحيون أن يؤمنوا بأن الكاهن كان يحول رقائق الخبز غير المخمر إلى جسد المسيح ودمه، وقد ارتاب في هذا بعض المسيحيين، مثل "طائفة المتمتمين "، وربما أمكن أن يقوى من هذا الاعتقاد ما روى من قصص عن بعض رقائق الخبز المكرس التي تقطر دماً عند أية وخزة من سكين أو دبوس. ولكن من ذا الذي يقدم على هذه الفعلة الشنيعة غير اليهود؟ -هكذا فكر الجميع- وفي القرون الخيرة من العصور الوسطى كانت مثل هذه الأساطير التي تروي عن القربان الذي يقطر دماً كثيرة جداً. وفي حالات عديدة: في نيوبرج 1338، أدت هذه المزاعم إلى ذبح اليهود وإحراق بيوتهم. وأقيم في كاتدرائية سانت جود ول في بروكسل مصلى خاص لتخليد ذكرى القربان الذي أدمى 1369،
و نرى ان التطور الاقتصادى الذى تابعه كل من قرأ مجلدات قصة الحضارة الى مجلدنا الحالى من اقطاعيات زراعية الى رأسمالية صاعدة و تكوين طبقة جديدة ادى بدوره الى سحق عدد اضافي من اليهود واستترت المنافسات الاقتصادية وراء العداء الديني. فعلى حين امتثل المسيحيون لأمر البابا بتحريم الفوائد الربوية، حصل اليهود على ما كاد يكون احتكاراً لإقراض النقود في العالم المسيحي. ولما تجاهل بعض أصحاب المصارف المسيحيين هذا التحريم و اصبح مجال المنافسة متاحة من جديد , طردت و قتلت اوروبا الاصلاح الدينى بلا رعاية ... و عاد من جديد لا صوت يعلو على صوت الذهب
ولاقى يهود "الشتات" هؤلاء أقل العناء والشقاء في ظل السلاطين الأتراك والبابوات في فرنسا وإيطاليا، وعاشت الأقليات اليهودية آمنة في القسطنطينية وسالونيك وآسيا الصغرى وسوريا وفلسطين والجزيرة العربية ومصر وشمال أفريقية وأسبانيا تحت حكم العرب وكتب اليهود الألمان الذين لجئوا إلى تركيا إلى أقربائهم وصفاً خماسياً للحياة الطيبة التي ينعمون بها هناك
و وسط كل ذلك ماتت اضافات اليهود للتراث الحضارى و اكتفوا بصوفية صامتى و كابالا غارقة فى التعقيد تنتظر المخلص , باستثناء كرسكاس آخر هذه الصفوة اللامعة من فلاسفة اليهود في العصور الوسطى حتى جاء سبيبوزا
***********************
يتبقي لنا ملاحظات متفرقة , الاولى فيها عن تأثير البروتسنتيه على الاقتصاد الاوروبى حتى عندما تلغى اجازات اعياد القديسين فتزيد اعباء العامل او حتى عندما يبيح لوثر اكل اللحم يوم الجمعة ليتضرر تجار و صيادون السردين فى ضربة قاصمة و صعود الرأسمالية التى ربما صيرورة التاريخ كانت لتصعد بها حتى دون الالمانى الثائر المحافظ
و الثانية عن اثر اليهودية فى البروتسنتية كما يرى ديورانت و نرى معه من حيث تنفيذ الوصية الثانية بكل القوة و توقف عجلة الفن بها و نضيف ان لوثر ربما بدأ معادية للسامية المانية صغيرة دون ان يدرك فى عز حماسته
و الثالثة عن اختلاف ترجمة المجلد ذاك بالذات و هو المجلد الوحيد الذى ترجمه لنا الدكتور ابو درة لذا فسنراه يترجم اسم مارى تيودور الى "مارى اللعينة" رغم ما عودنا عليه مترجم الاجزاء السابقة عندما فضل استخدام تعبير "مارى الدموية" خاصة مع احتمالية اللفظ الانجليزى لكلا معنى منهم ... و نرى عموما ان الترجمة هنا اضعف قليلا من المعتاد لكنها قطعا ليست مقيدة لنا للاطلاع على المجلد الجميل ذلك
***********************
يحكى لنا ديورانت عن ان التاريخ، من بعض الوجوه، ليس إلا تعاقباً لموضوعات متعارضة، فإن الطباع والأشكال السائدة في عصر ينكرها ويبرأ منها العصر الذي يليه، والذي يضيق ذرعاً بالتقاليد، ويتحرق لهفاً إلى التجديد: فالكلاسيكية تنجب الرومانتيكية، وهذه تلد الواقعية، وهذه تأتي بالتأثرية، كما تدعو فترة إلى الحرب العدوانية....نصدقه كالعادتنا فنتجه رأسا الى المجلد التاسع و الثلاثون و الاخير ضمن مجلدات الاصلاح الدينى السته لكنه ابدا ليس الاخير فى ملحمة قصة الحضارة الطويلة و المرهقة و الممتعة
دينا نبيل
ديسمبر 2015
تأليف: ول ديورانت
ترجمة: محمد على ابو درة
عدد الصفحات:255 صفحة
اصدارات دار نوبليس
شارفت رحلة الاصلاح الدينى و عصره الغريب على الانتهاء , و شارفت 2015 على الرحيل ايضا... و كعادته معانا سنجلس نحن امام ديورانت يحكى فننصت و يلم خيوط الماضي فنتفهم و نحاول التمسك بالتفاصيل و الاحداث
في سنة 1300 لم يكن لروسيا وجود...هكذا يروى لنا التاريخ لذا فرحلتنا ممتعه دوما فى مشاهدة الرحلة الروسية فى جمع شتاتها و توسيع مملكتها و قبلها بالتاكيد خلق الحرية الكاملة لوجود مملكة من الاصل , و قصة احتلال المغول لروسيا او قبائل ما قبل روسيا قصة شائقة ممتعه متوفر لها كتب خاصة بها كحادثة تاريخية فردية فكيف سيتحكم الغازى البعيد المدجج فى "للقبيلة الذهبية" فى مصير القبائل و الممالك الصغيرة قبل ان تنتفض لتنهى العهد الطويل المظلم الذى غير طبيعه روسيا الى الابد و فصلها عن العالم الغربى رغم مرور قرون متعاقبة....وكانت النتائج الأساسية التي ترتبت على طول خضوع روسيا "للقبيلة" نتائج اجتماعية: وهي استبداد أدواق موسكو، وولاء الأهالي ولاء ذليلاً لأمرائهم، والمركز الوضيع للمرأة في المجتمع، وتنظيم حكومة موسكو وفقاً لأساليب التتار من النواحي العسكرية والمالية والقضائية. وقد عاقت سيطرة التتار محاولة روسيا لمدة قرنين من الزمان أن تصبح دولة أوربية غربية.
هل حقا احتاجت روسيا الى ايفان الثالث -جد ايفان الرهيب الشهير- ليحرر روسيا فعلا؟ ربما ينظر له اهل بلده تلك النظرة لكنه ديورانت و نحن معه نؤمن بصيرورة التاريخ و ان حتمية التاريخ تضع احيانا الاشخاص المناسبين فى الاوقات المناسبة و ان احنلال مؤسسة المغول العسكرية كان قادم بالتاكيد كما توقع ابن خالدون عن اى شعب غازى
وبدا أن التحرر من ربقة التتار مستحيل، ولكن ثبت أنه أمر يسير . ذلك أن بقايا الغزاة المغول - الأتراك كانوا قد استقروا في ثلاث جماعات متنافسة متنافرة، وتركزوا في سراى وقازان وفي القرم، وكان إيفان يضرب كلا منها بالأخرى حتى وثق أنها لن تتحد ضده. وفي 1480 امتنع إيفان عن دفع الجزية، وقاد خان أحمد جيشاً كبيراً من الفولجا حتى ضفاف نهري أوكا وأوجرا جنوب موسكو. وقاد إيفان جيشاً قوامه 150.000 رجل إلى الضفاف المقابلة، وواجه العدوان بعضهما بعضاً لعدة شهور دون أن تقع بينهما معركة. وتردد إيفان في أن يغامر بعرشه وحياته في رمية واحدة، كما خشى التتار مدفعيته التي أدخل عليها تحسينات. ولما تجمدت الأنهار، ولم تعد تحمى الجيوش بعضها من بعض، أصدر إيفان أوامره بالانسحاب، وبدلا من تعقب الجيش المنسحب، انسحب التتار كذلك، حتى وصلوا إلى سراى < وكان انتصاراً هائلاً ولكنه مضحك، ومنذ ذلك الحين لم تدفع موسكو جزية إلى التتار. وسمى الأمير العظيم نفسه الحاكم المطلق، أى الذي لا يدفع الجزية لأحد. واستدرج الخانات المتنافسون إلى محاربة بعضهم بعضاً، وهزم أحمد وذبح، وانقضى سلطان المغول في سراى، واندثرت "القبيلة الذهبية".
و كانت روسيا و كان تاريخها الحقيقى بعد هذا الانتصار المضحك عسكريا و الرائع سياسيا ... لكن الادب الروسي قال لنا كثيرا ان التتار رحلوا و سوطهم لم يرحل ابدا
*******************
ينقلنا ديورانت سريعا من روسيا الى نظرة طائر محلق عن بلاد الاسلام فى عصر الاصلاح الدينى الاوروبى ... فينما كانت اوروبا تكافح من اجل التغيير كان المسلمين يكافحون ضد التتار فينهزموا عسكريا و ينتصروا فكريا , و كانت القاهرة تتألق فى ظل المماليك ولا تعلم ان الذبول قادم كما كان القدر دائما
و كان حافظ الشيرازى يقنع نفسخ للحظة وجيزة بقبول دعوة من السلطان أحمد بالاقامة في القصر الملكي في بغداد ولكن حبة لشيراز أبقاه حبيساً بها، وكان يشك في أن بالجنة نفسها مثل هذه الأنهار الفاتنة أو مثل هذه الورود الحمراء في شيراز و كان يتجول مرددا:
إن عمرنا قصير، ولكن طالما أننا قد نفوز
بالمجد وهو الحب، فلا تحتقر
الاصغاء إلى توسلات القلب
فإن سر الحياة سوف يبقى فيما وراء العقل
و كان تيمور لنك يمتلك اكبر امبراطورية فى عالمه و يثير صوت الذهب فى جنوده و الرعب فى رجال المدن خوفا من التحول الى مأذنة جديدة من مأذانه البشرية الكثيرة... ولما استسلمت مدينة سبزاوار بعد حصار كلفه كثيراً، أسر ألفين من رجالها، وكدسهم أحياء، الواحد فوق الآخر، وضرب عليهم بنطاق من الآجر والطين، وأقام منهم مئذنة، حتى إذا استقين الرجال جبروت غضبه، لا يعود يغويهم شيطان الصلف والكبرياء". وهكذا روى القصة مادح معاص . وغفلت مدينة زيرية عن هذه الحقيقة وأبدت مقاومة، فأقام الغازي من رؤوس أبنائها عدداً أكبر من المآذن.
و كان ابن خالدون يكتب (كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوى السلطان الأكبر) واضعا اهم مقدمة لكتاب كتب .. يضع فيها اساس علم جديد ينظر للتاريخ ككتلة واحدة كبيرة متحركة ثم يكتب الكتاب ذاته على الشاكلة القديمة مكتفيا ان يضئ الشعلة الاولى ليتلقطها بعد ذلك من له اذن فيسمع و عينان فيرى
و كانت يد الرسام و الخطاط المسلم يرسم رسم المنمنمات الفارسية الذى بلغ الذروة في هراة على عهد التيموريين وكان كمال الدين بهزاد، هو كيتس الزخرفة الحقيقي أو رافائيل الشرق. لقد عركته تجارب الحياة، وويلات الحرب وتقلباتها، فعكس هذا كله بالفن ... وكانت المراكز العظمى للزخرفة الإسلامية في هذا العصر هي تبريز وشيراز، هراة. ويحتمل أنه قد جاء من تبريز في عهد الأيلخانات، للورقات الخمس والخمسون من كتاب "شاه نامه"، (كتاب الملوك للفردوسي) - وهي من عمل رسامين مختلفين في القرن الرابع عشر
و كان بربروسه قرصانا و ملاحا و حاكما و مغيرا لقواعد السياسة فى البحر المتوسط كله و كان حلقة الوصل بين شارل و سليمان القانونى و البابا و جميلة جميلات ايطاليا كما يليق باى قرصان فى عالم القصص الخيالية لكن التاريخ السوداوى كثيرا يقدم لنا قصته ملطخة بدماء كثيرة لكن تحمل نهاية لا نراها الا سعيدة عندما يحل سن السابعة والسبعين اعتزل القرصان المنتصر الظافر تحيط به كل مظاهر الإجلال والتكريم، ليقضي نحبه في فراشه 1546، وقد بلغ الثمانين
و كانت فارس تؤرق مضاجع تركيا و تنقذ اوروبا من تيار كان من الممكن ان يجرفها و تتيح للبروتسانتية ان تعيش فى لعبة الكراسي الموسيقية العجيبة للتاريخ
يبدأ التاريخ بعد اختفاء الأصول. فلا أحد يعرف أين نشأ الأتراك. "فذهب بعض الناس إلى أنهم كانوا قبيلة فنلندية أوجرية (شعب أسيوي شرقي الأورال) من الهون، وأن اسمهم يعني "خوذة" وهي في إحدى اللهجات التركية وقد شكلوا لغاتهم من اللغتين المغولية والصينية، وأدخلوا بعد ذلك ألفاظاً فارسية أو عربية، وهذه اللهجات التركية هي الوسيلة الوحيدة لتصنيف المتكلمين منهم بوصفهم أتراكاً. واتخذت واحدة من هذه العشائر اسمها من اسم زعيمها سلجوق. ونمت بالنصر تلو النصر، وتكاثرت سلالتها، وحكموا في القرن الثالث عشر فارس والعراق وسوريا وأسيا الصغرى. وفرت عشيرة أخرى من أقرباء العشيرة الأولى، بقيادة زعيمها طغرل، أر، من خراسان في نفس القرن، حتى لا يكتسحها طوفان المغول. واستخدمها سلجوق أمير قونية بآسيا الصغرى، في الأعمال الحربية، وأقطعها جزءاً من الأرض لرعي ماشيتها. وفي 1288 (؟) مات أرطغرل، فاختير ابنه عثمان، وهو إذ ذاك في الثلاثين من عمره، ليخلف أباه، ومنه اشتق اسم "العثمانيين".
و بينما كانت اوروبا تبحث عن حل لثورة الفلاحين و هجمات لوثر على الكنيسة و بينما كانت اسبانيا تجمع ذهب امريكا الجديدة و تعقد المحاكم لحرق كل من يطلق ما يمكن الاشتباه بكونه هرطقة و البرتغال تسحب البساط التجارى من البحر المتوسط مقر الحضارة العتيق كانت القسطنينية تتكون بعلامات شرقية اسلامية فتحمل حريتها الخاصة و قوانينها المعقدة .... وكان الهراطقة من المسيحين يدفعون جزية الابناء مقابل ان يصمت الجميع عن ما اعتقدوه فى قلوبهم
و بينما كان هنرى الثامن يبحث عن زوجة جديدة كان قد شن سليمان حروباً كثيرة، وذبح نصف ذريته، وأمر بذبح وزير مبدع دون إنذار أو محاكمة، إنه ارتكب الأخطاء التي تلازم السلطة المطلقة غير المحدودة، ولكنه كان أعظم وأقدر حكام عصره دون منازع
***********************
مرة اخرى نرجع لنكرر ما عبرنا عنه فى مجلدات حضارات العبرانيين فى العصور الوسطى ...ما هدف الكتاب؟ و كيف نطلع عليه نحن العرب؟ ... فاما الهدف فصورة شاملة لتاريخ و شخصية و أداب و دين اليهودى بغض النظر عن وطنه و بلده فى العصور الوسطى الطويلة الممتدة لعشرة قرون...و اما السؤال التانى فصعب و مرهق لنا و يخرجنا من نطاق حياديتنا المعتادة كقراء للتاريخ , فكيف الفصل بين يهودى القرون الوسطى من عام 1300 ل 1564و بين صهيونى عصرنا؟ و كيف نرسم فى اذهانا انهم بشر عاشوا على الارض كغيرهم و تركوا تراث كغيرهم
ديورانت معجب باصرار اليهود و احترامهم لحلمهم ... لكن ديورانت مغرم بالحياة الروحية فى الهند ايضا و بقيام حضارات الصين دون سند دينى و بفن اليونان و بقوانين روما و ببهرجة بيزنطة و ببساطة المسيح و بقيادة و اخلاق محمد , ديورانت مغروم بالانسانية و اليهود معه ليسوا استثناء ... و نكرر كما نكرر دائما ان ذلك شأن ديورانت و لنا شأننا
لكن ما يلفت انتباهنا حقا هو كيف عاش اليهود فى شتاتهم الاول بعد سقوط اورشليم عام 71 و بعد الشتات الثانى عندما قررت اسبانيا انها ستكون كاثوليكية اكثر و ان بترت كل مواطنيها حرقا و نفيا و الحكم الطويل بالموت كمدا
فنرى ان اذا كان الطاعون يغزو اوروبا فخسارة اليهود مضاعفة نتيجة ميراث الكراهية المتبادل بين مسيحية القرون الوسطى و بين اليهودية المتحدية الصامدة بكل اختلافتها و ريبتها ... ففى الطاعون سيخسر اليهود موتى مرضي كغيرهم و فوق ذلك سيخسروا الكثيرين من القتلى , و بيان ذلك كما يخبرنا ديورانت ان : وكان الموت السود كارثة خاصة حلت باليهود في العالم المسيحي. لقد أودى الطاعون نفسه بحياة المغول والمسلمين في آسيا،وهناك لم يفكر أحد في إلقاء اللوم على اليهود، ولكن في أوربا الغربية حيث جن جنون الأهالي لهول الوباء وما أحدثه من دمار، اتهم اليهود بتسميم الآبار في محاولة لاستئصال المسيحيين. ونسج الخيال المسعور كثيراً من التفاصيل. فقيل بأن يهود طليطلة أرسلوا رسلهم بصناديق ملآى بالسم الذي صنعوه من السحالي والعظاءات (نوع من الزواحف) وقلوب المسيحيين، إلى جميع الجاليات اليهودية في أوربا، مع توجيهات بإلقاء هذه السموم المركزة في الآبار والعيون مع ذلك عذب اليهود حتى اعترفوا بتوزيع السم. وأغلق المسيحيون آبارهم وعيونهم، وشربوا ماء المطر أو الثلج المذاب وانتشرت المذابح الرهيبة في فرنسا وأسبانيا وألمانيا
و نرى ان خلاف المسيحيين الكاثوليك و البروتسنت على مغزى و تجسيد المسيح فى القربان المقدس الذى مزق اوروبا بين لوثرية و كالفنية و زونجلية فى شقها البروتسنتى بخلاف الشقاق الكبير اصلا فى الكنيسة , نرى ان النقاش ذلك حتى دفع اليهود ثمنه كعادة اى اقلية فى عصر متشدد و متقلب وأصبحت قصة القربان المقدس مأساة لليهود. فقد طلب إلى المسيحيون أن يؤمنوا بأن الكاهن كان يحول رقائق الخبز غير المخمر إلى جسد المسيح ودمه، وقد ارتاب في هذا بعض المسيحيين، مثل "طائفة المتمتمين "، وربما أمكن أن يقوى من هذا الاعتقاد ما روى من قصص عن بعض رقائق الخبز المكرس التي تقطر دماً عند أية وخزة من سكين أو دبوس. ولكن من ذا الذي يقدم على هذه الفعلة الشنيعة غير اليهود؟ -هكذا فكر الجميع- وفي القرون الخيرة من العصور الوسطى كانت مثل هذه الأساطير التي تروي عن القربان الذي يقطر دماً كثيرة جداً. وفي حالات عديدة: في نيوبرج 1338، أدت هذه المزاعم إلى ذبح اليهود وإحراق بيوتهم. وأقيم في كاتدرائية سانت جود ول في بروكسل مصلى خاص لتخليد ذكرى القربان الذي أدمى 1369،
و نرى ان التطور الاقتصادى الذى تابعه كل من قرأ مجلدات قصة الحضارة الى مجلدنا الحالى من اقطاعيات زراعية الى رأسمالية صاعدة و تكوين طبقة جديدة ادى بدوره الى سحق عدد اضافي من اليهود واستترت المنافسات الاقتصادية وراء العداء الديني. فعلى حين امتثل المسيحيون لأمر البابا بتحريم الفوائد الربوية، حصل اليهود على ما كاد يكون احتكاراً لإقراض النقود في العالم المسيحي. ولما تجاهل بعض أصحاب المصارف المسيحيين هذا التحريم و اصبح مجال المنافسة متاحة من جديد , طردت و قتلت اوروبا الاصلاح الدينى بلا رعاية ... و عاد من جديد لا صوت يعلو على صوت الذهب
ولاقى يهود "الشتات" هؤلاء أقل العناء والشقاء في ظل السلاطين الأتراك والبابوات في فرنسا وإيطاليا، وعاشت الأقليات اليهودية آمنة في القسطنطينية وسالونيك وآسيا الصغرى وسوريا وفلسطين والجزيرة العربية ومصر وشمال أفريقية وأسبانيا تحت حكم العرب وكتب اليهود الألمان الذين لجئوا إلى تركيا إلى أقربائهم وصفاً خماسياً للحياة الطيبة التي ينعمون بها هناك
و وسط كل ذلك ماتت اضافات اليهود للتراث الحضارى و اكتفوا بصوفية صامتى و كابالا غارقة فى التعقيد تنتظر المخلص , باستثناء كرسكاس آخر هذه الصفوة اللامعة من فلاسفة اليهود في العصور الوسطى حتى جاء سبيبوزا
***********************
يتبقي لنا ملاحظات متفرقة , الاولى فيها عن تأثير البروتسنتيه على الاقتصاد الاوروبى حتى عندما تلغى اجازات اعياد القديسين فتزيد اعباء العامل او حتى عندما يبيح لوثر اكل اللحم يوم الجمعة ليتضرر تجار و صيادون السردين فى ضربة قاصمة و صعود الرأسمالية التى ربما صيرورة التاريخ كانت لتصعد بها حتى دون الالمانى الثائر المحافظ
و الثانية عن اثر اليهودية فى البروتسنتية كما يرى ديورانت و نرى معه من حيث تنفيذ الوصية الثانية بكل القوة و توقف عجلة الفن بها و نضيف ان لوثر ربما بدأ معادية للسامية المانية صغيرة دون ان يدرك فى عز حماسته
و الثالثة عن اختلاف ترجمة المجلد ذاك بالذات و هو المجلد الوحيد الذى ترجمه لنا الدكتور ابو درة لذا فسنراه يترجم اسم مارى تيودور الى "مارى اللعينة" رغم ما عودنا عليه مترجم الاجزاء السابقة عندما فضل استخدام تعبير "مارى الدموية" خاصة مع احتمالية اللفظ الانجليزى لكلا معنى منهم ... و نرى عموما ان الترجمة هنا اضعف قليلا من المعتاد لكنها قطعا ليست مقيدة لنا للاطلاع على المجلد الجميل ذلك
***********************
يحكى لنا ديورانت عن ان التاريخ، من بعض الوجوه، ليس إلا تعاقباً لموضوعات متعارضة، فإن الطباع والأشكال السائدة في عصر ينكرها ويبرأ منها العصر الذي يليه، والذي يضيق ذرعاً بالتقاليد، ويتحرق لهفاً إلى التجديد: فالكلاسيكية تنجب الرومانتيكية، وهذه تلد الواقعية، وهذه تأتي بالتأثرية، كما تدعو فترة إلى الحرب العدوانية....نصدقه كالعادتنا فنتجه رأسا الى المجلد التاسع و الثلاثون و الاخير ضمن مجلدات الاصلاح الدينى السته لكنه ابدا ليس الاخير فى ملحمة قصة الحضارة الطويلة و المرهقة و الممتعة
دينا نبيل
ديسمبر 2015
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....