رواية: الواجهة
تأليف: يوسف عز الدين عيسى
عدد الصفحات: 392 صفحة
اصدارات المصرية اللبنانية
التقييم: 5/5
ربما تبدو فى تكونيها قصص الديستوبيا الكثيرة بين 1984 جورج اورويل و 451 فهرناهت او حتى عالم جديد رائع الدوس هكسلى ... اما فى معناها فلا تكاد رواية اخرى توازيها الا معجزة نجيب محفوظ الفنية التى اسماها الجميع اولاد حارتنا , و هى تسأل باستمرار وحشى ولا تعطى اجابات و تلعب على كل الاوتار التى تمرن الانسان كثيرا على تجاهلها
و هى ترجع بنا الى الاساسيات و الاصل الذى تعلمنا منذ نعومة الاظافر ان ننشغل عنه بالفرعيات
و يوسف عز الدين يصمم اعماله كما صممها نجيب محفوظ تحوى القدر المثالى من الرمزية التى تبعد به عن مساوئ المباشرة الوقحة دون ان تحلق بعيدا عن فكر القارئ و تتحول بدورها الى مزيد من الالغاز لكن العم نجيب كان اكثر رحمة على شخصياته و جعلها تلمس و لو اطراف من الحقيقة لكن هنا لا زعبلاوى تلقتى به فى غيوبة الخمر ولا جبلاوى يهدده مجد عرفة الوليد ولا عبد الرحيم الاب الضائع فى رحلة الطريق
الامر هنا لم يكن مدينة كابوسية بظل حاكم ظالم او جهل متفشى او حتى تكنولوجيا خارقة مزعجة ... مدينة يوسف عز الدين عيسى كابوسية خانقة لمجرد وقوع الحياة بتفاصيلها العادية فيها و هى تنشر جو من التوتر و الحزن طيلة الوقت ربما لانها تذكرنا بطاحوتنا نحن
و ينسى الجميع حينا الاعدام القادم لا محالة و يسود المرح احيانا و ربما اختلطت الضحكات بانغام الموسيقى و يتناسى الجميع ذلك فى لحظات صفا نادرة و ربما شعر وقتها بظل سعادة حقيقة تمحو و لو مؤقتا ان المصير النهائى هو للبالوعة البشعة او تراب او بحر هائج فى يوم لا نعلمه
دين تنكر اى ظلم و يصور لنا الكون مثاليا و تخصص لرواية القصص الطرفية و الفكاهات المسلية و تفرغ لشكر مالك المدينة ..و مندوب يصمم ان التصميم مثالى متقن و انسان لا يشعر الا بوجع السوط على ظهره طيلة اليوم ليحصل على مأوى و طعام لا يتيح له الا ان يعمل و يضرب فى اليوم التالى ... و عار وصم به فورا حين فكر فى خطيئته الاولى و غفران بعيد قاسى
يردد الجميع ان عقولنا لا تسمح بالفهم لكننا نصرخ اننا لا نتمتلك غيرها و ان الحقيقة التى تعجز ادواتنا عن سبرها وهم ظاهر لكن الاحساس يكذب العقل و يكتب على الانسان البحث الابدى ...و ننسى الى حين حكم الاعدام القادم لا محالة فنسعد او نرقص او نهيم فى حب وردى او نشبك قدرنا بالاخريين لكن الحكم الابدى لا ينسانا
و مطلوب من ذلك الكائن الهش ان يبحث عن "الحقيقة" الكبرى وسط لفات الطاحونة و طلبات الحياة و الازدواج بين الواجهة و الشوارع الخلفية و يلام حين يفقد توازنه او يشكو...يوعده الجميع
انه الكائن "الاهم" و الاكبر و ان الكون كله خلق له و لمتعته و ربما يزهو بذلك حينا لكنه يرى على الفور ان كل الكائنات الاخرى تعيش منعمه خالية من الحزن و الهم و انه الكائن و المخلوق الاهم اكثرهم تعاسة على الاطلاق
أنكون نحن فقط من يدور فى الطاحونة؟ لم نسلم ظهورنا للسياط فى استسلام؟ أنبحث عن الحقيقة فعلا ام نوهم انفسنا بذلك لحين تنفيذ حكم اعدامنا؟ من اين جاءنا؟ اين نذهب؟ و لماذا؟ و هل ينقذنا الحب؟ او الحكمة؟ ام الجريمة؟ كيف نحزن؟ كيف نخاف؟ لماذا يموت البعض طفلا و الاخر يتمناه فلا يجده؟ هل توجد مدينة غير مدينتنا؟ و هل البلوعة هى الملاذ؟ ام النهاية؟ ام مجرد وسيط و برزخ؟ ولاين؟ هل نبتسم عن سعادة؟ رضا؟ استسلام؟ام ان عضلات وجهنا تتقلص ببساطة؟ و هل الحياة عبثية كمسرحيات بيكيت؟ ام ميلودرامية كاعمال شكسبير؟ ام انها كوميديا بحته كموليير و نحن فقط لم نعلم؟.... اسئلة لن يجيبنا عليها يوسف عز الدين عيسى و ربما لم نسأل نحن السؤال الصحيح بعد
دينا نبيل
يوليو 2015
تأليف: يوسف عز الدين عيسى
عدد الصفحات: 392 صفحة
اصدارات المصرية اللبنانية
التقييم: 5/5
ربما تبدو فى تكونيها قصص الديستوبيا الكثيرة بين 1984 جورج اورويل و 451 فهرناهت او حتى عالم جديد رائع الدوس هكسلى ... اما فى معناها فلا تكاد رواية اخرى توازيها الا معجزة نجيب محفوظ الفنية التى اسماها الجميع اولاد حارتنا , و هى تسأل باستمرار وحشى ولا تعطى اجابات و تلعب على كل الاوتار التى تمرن الانسان كثيرا على تجاهلها
و هى ترجع بنا الى الاساسيات و الاصل الذى تعلمنا منذ نعومة الاظافر ان ننشغل عنه بالفرعيات
و يوسف عز الدين يصمم اعماله كما صممها نجيب محفوظ تحوى القدر المثالى من الرمزية التى تبعد به عن مساوئ المباشرة الوقحة دون ان تحلق بعيدا عن فكر القارئ و تتحول بدورها الى مزيد من الالغاز لكن العم نجيب كان اكثر رحمة على شخصياته و جعلها تلمس و لو اطراف من الحقيقة لكن هنا لا زعبلاوى تلقتى به فى غيوبة الخمر ولا جبلاوى يهدده مجد عرفة الوليد ولا عبد الرحيم الاب الضائع فى رحلة الطريق
الامر هنا لم يكن مدينة كابوسية بظل حاكم ظالم او جهل متفشى او حتى تكنولوجيا خارقة مزعجة ... مدينة يوسف عز الدين عيسى كابوسية خانقة لمجرد وقوع الحياة بتفاصيلها العادية فيها و هى تنشر جو من التوتر و الحزن طيلة الوقت ربما لانها تذكرنا بطاحوتنا نحن
و ينسى الجميع حينا الاعدام القادم لا محالة و يسود المرح احيانا و ربما اختلطت الضحكات بانغام الموسيقى و يتناسى الجميع ذلك فى لحظات صفا نادرة و ربما شعر وقتها بظل سعادة حقيقة تمحو و لو مؤقتا ان المصير النهائى هو للبالوعة البشعة او تراب او بحر هائج فى يوم لا نعلمه
دين تنكر اى ظلم و يصور لنا الكون مثاليا و تخصص لرواية القصص الطرفية و الفكاهات المسلية و تفرغ لشكر مالك المدينة ..و مندوب يصمم ان التصميم مثالى متقن و انسان لا يشعر الا بوجع السوط على ظهره طيلة اليوم ليحصل على مأوى و طعام لا يتيح له الا ان يعمل و يضرب فى اليوم التالى ... و عار وصم به فورا حين فكر فى خطيئته الاولى و غفران بعيد قاسى
يردد الجميع ان عقولنا لا تسمح بالفهم لكننا نصرخ اننا لا نتمتلك غيرها و ان الحقيقة التى تعجز ادواتنا عن سبرها وهم ظاهر لكن الاحساس يكذب العقل و يكتب على الانسان البحث الابدى ...و ننسى الى حين حكم الاعدام القادم لا محالة فنسعد او نرقص او نهيم فى حب وردى او نشبك قدرنا بالاخريين لكن الحكم الابدى لا ينسانا
و مطلوب من ذلك الكائن الهش ان يبحث عن "الحقيقة" الكبرى وسط لفات الطاحونة و طلبات الحياة و الازدواج بين الواجهة و الشوارع الخلفية و يلام حين يفقد توازنه او يشكو...يوعده الجميع
انه الكائن "الاهم" و الاكبر و ان الكون كله خلق له و لمتعته و ربما يزهو بذلك حينا لكنه يرى على الفور ان كل الكائنات الاخرى تعيش منعمه خالية من الحزن و الهم و انه الكائن و المخلوق الاهم اكثرهم تعاسة على الاطلاق
أنكون نحن فقط من يدور فى الطاحونة؟ لم نسلم ظهورنا للسياط فى استسلام؟ أنبحث عن الحقيقة فعلا ام نوهم انفسنا بذلك لحين تنفيذ حكم اعدامنا؟ من اين جاءنا؟ اين نذهب؟ و لماذا؟ و هل ينقذنا الحب؟ او الحكمة؟ ام الجريمة؟ كيف نحزن؟ كيف نخاف؟ لماذا يموت البعض طفلا و الاخر يتمناه فلا يجده؟ هل توجد مدينة غير مدينتنا؟ و هل البلوعة هى الملاذ؟ ام النهاية؟ ام مجرد وسيط و برزخ؟ ولاين؟ هل نبتسم عن سعادة؟ رضا؟ استسلام؟ام ان عضلات وجهنا تتقلص ببساطة؟ و هل الحياة عبثية كمسرحيات بيكيت؟ ام ميلودرامية كاعمال شكسبير؟ ام انها كوميديا بحته كموليير و نحن فقط لم نعلم؟.... اسئلة لن يجيبنا عليها يوسف عز الدين عيسى و ربما لم نسأل نحن السؤال الصحيح بعد
دينا نبيل
يوليو 2015
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....