الثلاثاء، 17 مارس 2015

قصة الحضارة ٢٠: عصر الايمان ١

اسم الكتاب:عصر الايمان 1 - الامبراطورية البيزنطية - المجلدالعشرون من قصة الحضارة
تأليف: وول ديورانت
عدد الصفحات: 354 صفحة
ترجمه: محمد بدران
اصدارات دار نوبليس
التقييم: 5/4

وعدنا ديورانت ان يمنحنا فى مجلد عصر الايمان بالغ الضخامه تاريخ حضارة البشر فى الف عام , و ان يروى لنا حكايات البشر من عام 325 ل عام 1300 م من انفصال قسطنطين من روما الى موت دانتى او ببساطة ما اسماه المؤرخين العصور الوسطى... مجلد عصر الايمان الضخم الذى قسمته دار نوبليس فى ترجمة محمد بدران الى 9 مجلدات كاملة كان الذى بين ايدينا هو الاول منها

فى ذلك العصر الطويل المتشابك المتقلب تصعب مهمة ديورانت قليلا , فلم يعد المسرح واضحا و الاطراف محدده .. لم تعد اليونان هى المسيطرة فى مجلداتها الخمسه ولا روما فى مجلداتها السته , العالم فى ذلك العصر الذى اخد منزلة بين منزلتين و بزغ فيه نجم الايمان متعدد الاقطاب

طوال تلك المجلدات التسع سيحاول ديورانت و سيحاول القارئ النابه معه ان ينظم تلك الفوضى و يعيد ترتيب الاحداث على اكتر من صعيد ... ستحاول مراقبة بيزنطة تحاول رفع رأسها , روما تلفظ انفاسها الاخيرة , ايران تزدهر و تموت سريعا , العرب يرفعهم الاسلام , اوروبا تتكون , اليهود يحاولون السيطرة على المتغيرات ... و تشابك كل تلك العناصر و غيرها فى حروب و تحالفات و ما هو اكثر ...يعيب البعض على ديورانت تشتته لكنه تشتت واجب -فى رأيى- لجمع عناصر المشهد كله امام القارئ الذى بدوره سيبذل قليل من الجهد ليحظى بفرصه رائعه فى قراءة سلسلتى المفضلة فى التاريخ العام
**************
تبدأ القصة ببيزنطة الوليدة ، بعد ما فقد قسطنطين الامل فى روما الوثنية و باءت محاولات اصلاحها شبه مستحيلة لجأ ليقيم دولته الجديدة و يقيم مدينته المسيحية فى احضان اسيا

لكن شعور الاب يهزم ذكاء الامبراطور على فراش الموت عام 337 فيقسم مملكته -كما فعل صلاح الدين بعده بقرون- على الابناء و ابناء الاخوه طعما فى سلام دائم ، خطوة لم تنتج عنها -كالعادة- سوى الغرق فى الحروب الاهلية و التنازع بين الاخوه بالعراك احيانا و بالسم كثيرا،   ليرث المهمه قسطنيوس على جثث الجميع اخيرا عام 353

تمنح بيزنطة العالم فن جديد...صحيح ان دورها يقف عند امتزاج فنون الحضارات السابقة جاهزة لكن تلك البوتقة الصغيرة التى اسمينها القسطنطينية مزجت الفن الرومانى و اليونانى و الشرقى بانواعه لتمنح البشرية نوع من الفن الدينى شكليا على الاقل تكلل به مساعى المسيحية فى الانتشار و تكوين ثقافتها الخاصة....القسطنطينية التى وهبت عالم آيا صوفيا

لكن حلم قسطنطين فى امبراطورته المسيحية يكاد يتحطم عندما يمتلك زمام الامر الامبراطور يوليان المرتد محب الفلسفة و الوثنية القديمة التى ما عاد حتى امبراطور قادر على بعث الحياة فيها

و فى كل خطوة من خطوات عصر الايمان يترفع الدين درجة و تهبط الدولة درجات و حادثة الامبراطور ثيودوسيوس مع الاسقف امبروز خير مثال على احداث ذلك العصر

وبينا كان الإمبراطور يقضي الشتاء في ميلان حدث في تسالونيكي  اضطراب كان من خصائص تلك الأيام. وكان سببه أن بُثريك  نائب)
الإمبراطور في ذلك البلد قد سجن سائق عربة محبوب من أهل المدينة جزاء له على جريمة خلقية فاضحة، فطلب الأهلون إطلاق سراحه، وأبى بثريك أن يجيبهم إلى طلبهم، وهجم الغوغاء على الحامية وتغلبوا عليها، وقتلوا الحاكم وأعوانه ومزقوا أجسامهم إرباً، وطافوا بشوارع المدينة متظاهرين يحملون أشلاءهم دلالة على ما أحرزوه من نصر. ولما وصلت أنباء هذه الفتنة إلى مسامع ثيودوسيوس فاستشاط غضباً وبعث بأوامر سرية تقضي بأن يحل العقاب بجميع سكان تسالونيكي. فدعى أهل المدينة إلى ميدان السباق لمشاهدة الألعاب، ولما حضروا انقض عليهم الجند المترصدون لهم وقتلوا منهم سبعة آلاف من الرجال والنساء والأطفال وكان ثيودوسيوس قد بعث بأمر ثان يخفف به أمره الأول ولكنه وصل بعد فوات الفرصة.

وارتاع العالم الروماني لهذا الانتقام الوحشي وكتب الأسقف أمبروز الذي كان يجلس على كرسي ميلان ويصرف منه على شؤون الأبرشية
الدينية بالجرأة والصلابة الخليقتين بالمسيحية الحقه، كتب إلى الإمبراطور يقول إنه (أي الأسقف) لا يستطيع بعد ذلك الوقت أن يقيم القداس في حضرة الإمبراطور إلا إذا كفر ثيودوسيوس عن جرمه هذا أمام الشعب كله. وأبى الإمبراطور أن يحط من كرامة منصبه بهذا الإذلال العلني وإن كان في خبيئة نفسه قد ندم على ما فعل، وحاول أن يدخل الكنيسة، ولكن أمبروز نفسه سد عليه الطريق، ولم يجد الإمبراطور بداً من الخضوع بعد أن قضى عدة أسابيع يحاول فيها عبثاً أن يتخلص من هذا المأزق، فجرد نفسه من جميع شعائر الإمبراطورية، ودخل الكنيسة دخول التائب الذليل، وتوسل إلى الله أن يغفر له خطايا
***************
لكن روما  كانت تلفظ انفاسها الاخيرة فى تلك الايام فتكاثر "البرابرة" من كل جانب و انهيار نظامها السياسى و فشلها فى اعالة نفسها بل و تخلى قائدها عنها لم يهوى بها من مركز القيادة فحسب بل جعل منها محط للنهب و الطمع ,  و انتقم الجميع من الجبارة القديمة التى اذلت العالم و حطمت قرطاج ذات يوم و ملحت ارضها و اطلقت عليها اللعنة سنوات

تتخبط روما بين هجمات ألريك و فشل ادارة الاباطرة الشرقية و الغربية ... و خيانة ملوكها لقواد جيوشها و حرب دينية بين اهلها وثنية و مسيحين و بينما كان العدو على الابواب كان الرومان يتسألون من الاجدر بالصلاة  الهة روما القديمة ام اله المسيح الجديد , لكن الصلوات لم تنفذ روما

و اتمت السنين و الحروب عليها من كل الجهات فحوصرت ثلاثة مرات و اقتحمت خمس و خانها عبيدها مرارا و فتحوا الابواب للغزاه و نهبت اثارها و صهرت معادنها المقدسة و نقل اهلها من مليون الى 40 الف من الجوع و المرض و الحرب و هربت الطبقات الثرية منها ليواجه الفقراء مصيرهم ... و فى ذلك 3 ملاحظات

فاما الاولى فهو احترام ديورانت الظاهر لجماعات البرابرة  و لشجاعتهم , بل و رفضه للقب البربر اذا كان بمعنى التوحش .. و هو امر اعادته من ديورانت فى رحلته

الثانى هو تسجيل التأريخ لحل اهل روما اثناء و قبل تلك الكوارث , فالرومان ظلوا يهتمون بالالعاب و المجالدة و الاحتفالات و اختلافهم الدينى

الثالث هو حالة الحزن التى تجتاح القارئ عند تمعنه فى هذا المصير التعيس لتلك المدينة التى كانت قلب امبراطورية طوال 6 مجلدات من الموسوعه عشنا معهم احزانهم و افراحهم و تقلباتهم السياسية
*****************
و بينما كان المنتصر فى سلاميس و مرثون ينهزم و يموت ببطئ كان الخاسر فيها يتجلى , تظهر اشارات مجد دولة الساسانية على الملأ و يظهر بها قادة عظام امثال خسرو الاول و شابور و هرمزد..و تناطح بيزنطة بقوتها الناشئة فتأخذ منها المجد اولا و الجزية ثانيا

الفرس الذى وصلت مجدهم لدرجة جعلهم يخطفون الصليب المقدس من قلب القدس و نجد فن الخطابات يحفظ لنا نوع من التفاخر القديم
  "من كسرى أعظم الآلهة وسيد الأرض كلها إلى هرقل عبده الغبي الذليل: إنك تقول إنك تعتمد على إلهك، فلم إذن لم ينقذ أورشليم من يدي؟"

و يسجل لنا التاريخ حركة شيوعية قديمة تجرى على ارض فارس ايام كفادة الاول

(وبينما كان الخطر يتهدد فارس من جهة الشرق، إذ ضربت الفوضى أطنابها في البلاد، نتيجة لاضطرار الملكية إلى الكفاح للمحافظة على سلطانها ضد الأشراف ورجال الدين. وفكر كفاده الأول (488-531) في أن يضعف أولئك الأعضاء بمناصرة إحدى الحركات الشيوعية، التي كانت تتخذهم الهدف الأول لهجاتها وتفصيل ذلك أن أحد رجال الدين الزرادشتيين المدعو مزدق قد أعلن في عام 490 أنه مرسل من عند الله للدعوة إلى عقيدة قديمة مضمونها أن الناس جميعاً يولدون أكفاء، وأن ليس لأحد من الناس حق طبيعي في أن يمتلك أكثر مما يمتلكه غيره، وأن المِلْكية والزواج من البدع التي ابتدعها البشر، وأنها أخطاء عاقبتها البؤس والشقاء، وأن السلع جميعها والنساء كلهن يجب أن تكون ملكاً مشاعاً لجميع الرجال.

ويقول عنه أعدائه إنه كان يجيز السرقة، والزنى ومضاجعة المحارم ويتخذ هذه الأعمال وسيلته الطبيعية لمقاومة الملكية والزواج، ويقول إنها الطرق المشروعة للوصول إلى المدينة الفاضلة. واستمع إليه الفقراء وبعض الطوائف الأخرى مغتبطين، ولكن أكبر الظن أن مزدق نفسه قد أدهشته أن يجد ملكاً يوافق على آرائه. وبدأ أتباعه ينهبون بيوت الأغنياء، ثم لا يكتفون بهذا بل يسبون نساءهم أيضاً، ويأخذون أثمن ما في هذه البيوت ومن فيها من جوار ومحظيات حسان. وثارت ثائرة الأشراف فزجوا كفاده في السجن وأجلسوا أخاه جامسب على العرش.
وقضى كفاده في "قلعة النسيان" ثلاث سنين فر بعدها من السجن، وهرب إلى الإفثاليين، ورأى هؤلاء الفرصة سانحة لأن يكون حاكم بلاد الفرس خاضعاً لسلطانهم، فأمدوه بجيش وساعدوه على أخذ طيسفون عنوة. ونزل جامسب عن العرش، وفر الأشراف إلى ضياعهم في الريف، وأصبح كفاده مرة أخرى ملك الملوك (499). ولما استتب له الأمر غدر بالشيوعيين، وقتل مزدق وآلافاً من أتباعه)
*****************
لكن المرض و الفوضى تضرب فارس و يقتل 9 ملوك فى اربع سنوات...و تتمزق بيزنطة من السيطرة الكنسية على الملك..و تتمزق المسيحية نفسها من كثر الطوائف و الشيع ... و تكره مصر احتلال الرومان و الايرانيين المرتبك .....و لم يبقى للكون وقتها سوى محمد و لكن تلك قصة اخرى تروى لنا  فى المجلد ال ٢١

دينا نبيل
مارس 2015

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....