شؤونٌ صغيرهْ
تمرُّ بها أنتَ دونَ التفاتِ
تُساوي لديَّ حياتي
جميعَ حياتي ..
حوادثُ .. قد لا تثيرُ اهتمامَكْ
أُعَمِّرُ منها قصورْ
وأحيا عليها شهورْ ..
وأغزلُ منها حكايا كثيرهْ
وألفَ سماءْ .
وألفَ جزيرهْ ..
شؤونٌ .. شؤونُكَ تلكَ الصغيرهْ
2
فحينَ تُدَخِّنُ .. أجثو أمامَكْ
كقِطَّتِكَ الطيِّبهْ
وكُلِّي أمانْ
أُلاحقُ مَزهوَّةً مُعجَبهْ
خيوطَ الدخانْ
توزّعُها في زوايا المكانْ
دوائرْ ..
دوائرْ ..
وترحلُ في آخرِ اللّيل عنّي
كنجمٍ ، كطيبٍ مُهاجِرْ
وتتركني يا صديقَ حياتي
لرائحةِ التبغِ والذكرياتِ
وأبقى أنا .. في صقيعِ انفرادي ..
وزادي أنا .. كلُّ زادي
حطامُ السجائرْ
وصحنٌ يضمُّ رماداً ..
يضمُّ رمادي ..
3
وحينَ أكونُ مريضهْ
وتحملُ لي أزهارَكَ الغاليهْ
صديقي إليْ ..
وتجعلُ بين يديكَ يديْ
يعودُ ليَ اللونُ والعافيهْ
وتلتصقُ الشمسُ في وجنتَيْ
وأبكي ...
وأبكي ...
بغيرِ إرادهْ
وأنتَ تردُّ غطائي عليّْ
وتجعلُ رأسي فوقَ الوسادهْ
تمنّيتُ كلَّ التمنّي
صديقي .. لو انّي
أظلُّ .. أظلُّ عليلهْ
لتسألَ عنّي ..
لتحملَ لي كلَّ يومٍ ..
وروداً جميلهْ ..
4
وإن رنَّ في بيتِنا الهاتفُ
إليهِ أطيرْ
أنا يا صديقي الأثيرْ
بفرحةِ طفلٍ صغيرْ
بشوقِ سنونوَّةٍ شارِدهْ
وأحتضنُ الآلةَ الجامدهْ
وأعصرُ أسلاكَها الباردهْ
وأنتظرُ الصوتَ .. صوتَكَ يهمي عليّْ
دفيئاً ، مليئاً ، قويّْ
كصوتِ ارتطامِ النجومْ
كصوتِ سقوطِ الحليّْ
وأبكي .. وأبكي ..
لأنّكَ فكَّرْتَ فيّْ
لأنّكَ من شرفاتِ الغيوبْ
هتفْتَ إليّْ
5
ويومَ أجيءُ إليكْ ...
لكي أستعيرَ كتابْ
لأزعمَ أنّي أتيتْ ..
لكي أستعيرَ كتابْ
تمدُّ أصابعَكَ المُتعَبهْ
إلى المكتبهْ ..
وأبقى أنا .. في ضبابِ الضبابْ
كأنّي سؤالٌ .. بغيرِ جوابْ
أحدِّقُ فيكَ .. وفي المكتبهْ
كما تفعلُ القطَّةُ الطيّبهْ ..
تُراكَ اكتشفتْ ؟
تُراكَ عرفتْ ؟
بأنّي جئتُ لغيرِ الكتابْ
وإنّيَ لستُ سوى كاذبهْ ..
.. وأمضي سريعاً إلى مخدعي
كأنّي حملتُ الوجودَ معي ..
وأشعِلُ ضوئي ..
وأسدِلُ حولي الستورْ
وأنبشُ بينَ السطورِ ، وخلفَ السطورْ
وأعدو وراءَ الفواصلِ ، أعدو
وراءَ نقاطٍ تدورْ ..
ورأسي يدورْ
كأنّيَ عصفورةٌ جائعهْ
تفتّشُ عن فضلاتِ البذورْ
لعلّكَ .. يا .. يا صديقي الأثيرْ
تركتَ بإحدى الزوايا
عبارةَ حُبٍّ صغيرهْ ..
جُنَيْنَةَ شوقٍ صغيرهْ ..
لعلّكَ بينَ الصحائفِ خبّأتَ شيّا
سلاماً صغيراً .. يعيدُ السّلامَ إليّا ..
6
.. وحينَ نكونُ معاً في الطريقْ
وتأخذُ - من غير قصدٍ - ذراعي
أحسُّ أنا يا صديقْ
بشيءٍ عميقْ ..
بشيءٍ .. يشابهُ طعمَ الحريقْ
على مِرفقي
وأرفعُ كفّي نحوَ السّماءْ
لتجعلَ دربي بغيرِ انتهاءْ
وأبكي ...
وأبكي ...
بغيرِ انقطاعِ ..
لكي يستمرَّ ضياعي ..
وحينَ أعودُ مساءً .. إلى غُرفتي
وأنزعُ عن كَتفَيَّ الرداءْ
أحسُّ - وما أنتَ في غرفتي -
بأنَّ يديكَ
تلُفَّانِ في رحمةٍ مِرفقي
وأبقى لأعبدَ يا مُرهِقي
مكانَ أصابعكَ الدافئاتْ
على كمِّ فُستانيَ الأزرقِ
وأبكي ...
وأبكي ...
بغيرِ انقطاعِ ..
كأنَّ ذراعيَ .. ليستْ ذراعى....
قصيده "شئون صغيره"
من ديوان "حبيبتى"
نزار قبانى
( 1923 -1998)
2 التعليقات:
مصر فى مهب الريح
فى خلال الثلاثين عاما الماضية تعرضت مصر الى حملة منظمة لنشر ثقافة الهزيمة بين المصريين, فظهرت أمراض اجتماعية خطيرة عانى ومازال يعانى منها خمسة وتسعون بالمئة من هذا الشعب الكادح . فلقد تحولت مصر تدريجيا الى مجتمع الخمسة بالمئه وعدنا بخطى ثابته الى عصر ماقبل الثورة .. بل أسوء بكثير من مرحلة الاقطاع.
1- الانفجار السكانى .. وكيف أنها خدعة فيقولون أننا نتكاثر ولايوجد حل وأنها مشكلة مستعصية عن الحل.
2- مشكلة الدخل القومى .. وكيف يسرقونه ويدعون أن هناك عجزا ولاأمل من خروجنا من مشكلة الديون .
3- مشكلة تعمير مصر والتى يعيش سكانها على 4% من مساحتها.
4 - العدالة الاجتماعية .. وأطفال الشوارع والذين يملكون كل شىء .
5 - ضرورة الاتحاد مع السودان لتوفير الغذاء وحماية الأمن القومى المصرى.
6 - رئيس مصر القادم .. شروطه ومواصفاته حتى ترجع مصر الى عهدها السابق كدولة لها وزن اقليمى عربيا وافريقيا.
أرجو من كل من يقراء هذا أن يزور مقالات ثقافة الهزيمة بالرابط التالى www.ouregypt.us
اظن ان الكلام ده مش تعليق على القصيده البسيطه بتاعه نزار ....انا نش هشيل التعليق على الرغم من كونه اعلان غير مبرر...لكن مش معقول هنعمل رقابه على بعض ...كل واحد من حقه يعبر عن اللى عايزه
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....