الثلاثاء، 23 يونيو 2015

الحب و الحرب و الحضارة و الموت ل سيجموند فرويد

اسم الكتاب: الحب و الحرب و الحضارة و الموت
تأليف: سيجموند فرويد
ترجمة: عبد المنعم الحفنى
عدد الصفحات: 114 صفحة
اصدارات: دار الرشاد
التقييم: 5/3 (بسبب الترجمة)

الكتاب من اعمال فرويد المتأخرة التى يميل فيها الى التأمل و الفلسفة اكثر مما يعتمد على نظريات التحليل النفسى المشهور بها المعتادة , و هى اعمال اميل الى التصنيف الفكرى منها الى علم النفس و هى بطبعها ممتعة للقارئ غير المتخصص ...لكن...دكتور عبد المنعم الحفنى يضع على عاتقه افساد تلك المتعة بكل ما يمتلك من ادوات و حقوق للمترجم

فيبدأ بمقدمة نارية يجمع فيها بين هجومة على ماركس و على فرويد فى ان واحد و يصمم -رغم نفى فرويد نفسه- ان يجمعهم قسرا فى قالب مشروع "يهودى" واحد ضخم يقدم ما يراه نسخة جديدة من التوارة للعالم

و هو فى هامش لاحق فى فصل "الموت" يحاول ان يلبس فرويد عباءة الالحاد و اليهودية فى ان واحد و ان يوفق بينهم و فى هامش لاحق يذهب شططا ان يصف الديانة اليهودية نفسها بانها ديانة الحادية , و الحفنى لا يرى وجها للتناقض فى حديثه ...و يضيف رأى -غريب- ان سبب الانفصال الاشهر بين نظريات يونج و فرويد سببها ان يونج مسيحى الديانة

و يحتاط مقدما لامكانية تجاوز القارئ لمقدمته فيضع هامش متكرر فى معظم فواصل الكتاب للاشارة الى "العنصر اليهود الثقافى و البشرى" لافكار و تحليلات فرويد بجانب هوامش اخرى طويلة فى شرح مفاهيم اظنها معروفة متوقعه لدى قارئ فرويد فلا اظن ان هناك قيمة مضافة لشرح لهذا النوع من القراء معانى السادية و الماسوشية او شرح مطول لمعنى النرجسية
*************
يتعجب فرويد و نتعجب معه بفعل و تأثير الحرب حتى على القرون النابه فتبارى العلماء بالتخلى عن حيادهم و صنع الاسلحة و ينبرى خبراء الانثربولوجى فى بيان انحطاط اصل العدو و علماء النفس الى بيان الخلل الفكرى فى افكار الخصم فيما يطلق عليه فرويد ان الحرب تحررنا من الوهم ...فنرى الدول نفسها تنبذ حقوق الانسان و المصابين و الاسرى التى طالت التشدق بهم وقت السلم و تكبت مواطنيها ذاتهم و تعاملهم معاملة الاطفال خاصة فى حجب المعلومات

و حين اراد فرويد ان يبحث عن تفسير لتغيير كل التصرفات و الافكار وقت الحرب و رغم تصنيف الكتاب ككتاب فلسفى فانه يلجأ الى سلاحه الاثير : التحليل النفسى

فيحدثنا فرويد عن "التكيف الثقافى" و كيف يكبت المجتمع الدوافع العريزية و الشبقية فاما يحدث تحول حقيقى غى الغريزة و يدفعها للخير و هنا يحدث الفعل تلقائيا و قد يجبر نظام الثواب و العقاب فى التربية ان يسلك الفرد المسلك الحسن من وجه نظر المجتمع رغم ان غرائزه لم يجر لها اى تسام و لم يحدث لميوله اى تبدل من حال الانانية الى الغيرية

و الفرق بين النوعين لا يظهر بالعين المجردة ولا حتى بالمعاشرة السطحية لكن الحرب مثلا تكشف الحقيقة و تحررنا من وهم "تحضر" اغلبية المجتمع
*************
و حين يفرد فرويد فصل قصير مكثف عن الموت و علاقته بالحرب يرجع لاستخدام منطقه المفضل

و يقارن فرويد بين مواقف القتل عند الحروب بين الشعوب البدائية و بين نحن من نحتفظ لعصرنا بلقب المتحضرين ... فنرى محاربين العصور الحديثة ينتهى من حربه المروعة فيتوجه لزوجته و اطفاله منتشيا بلا ابطاء لا يعكر ذهنه من قتلهم او سفك دماءهم بينما ان الشعوب البدائية ترفض دخول المحارب الا بعد سلسلة طويلة مرهقة من الكفارات و التطهر ...يعزو علماء الانثربولوجى التصرف الثانى كنوع من الايمان بالخرافات بينما يرى فيه فرويد خيط رفيع من الحس الخلقى اضاعته الحضارة فاصبح القتل شئ تقليدى

و ان جاز لنا ان نقطع من السياق جملة ستكون قول فرويد:

"اذن فلو شئنا ان نحكم على انفسنا بما فى لا شعورنا من امانى و رغبات لقضينا باننا كالبدائيين لسنا سوى عصابة من القتلة مع ملاحظة ان امانينا تعوزها الطاقة على التحقيق التى كان البدائيون يزحمونها بها , و لو كانت الامانى كلها قابلة للتحقيق لكانت البشرية قد انحمت و انمحى معها من الوجود اطيب و احكم الرجال و انظف و ارق النساء"
*************
الحضارة و دورها فى تكوين و كبت الانسان هو موضوع فرويد الاهم و لعله نابع كثير من افكاره

و ان كانت الحضارة تدع لنا المجال ان نبحث عن سبب الحياة و غايتها فالانسان عاجز عن ايجاد حل لمعضلته الاهم و الاقدم لذا يكون البحث عن دوافع "البشر" للحياة نفسها فلا نجد الا حروف لفظ "السعادة" يتجلى امام عيوننا ...فيبدأ فرويد فى رحلة طويلة بحثا عنها بين تقدير الجمال و بين الدين و الحياة الاخرى و بين الرغبات الجنسية و النسك و الهروب من البشر و الخضوع لهم و المخدرات و الاوهام الجميلة و محاولات تجنب الألم

بل ان فى رحلة فرويد فى البحث عن السعادة نجد لمحة نادرة من فرويد عاشقا ... يرى فى الحب خطة موضوعة لا قدرا ولا فجأة ولا "وقوع" فى الحب , يراه طريق لا يكتفى بالابتعاد عن الالم كوسيلة للسعادة بل يتوجه بكل حواسه و عواطفه و بكل ما يمتلك من عمق لتحقيق سعادة ايجابية و يتوقع السعادة فى كل ركن

و يكاد يصل الى المثالية لولا عيب لا يراه فرويد وحده لولاه لما هجر الانسان تلك الطريقة ابدا .. فليس من هو اضعف مننا الا حين نحب ولا من اشقى حالا منا الا عندما نفقد الحب او المحبوب

و الشقاء كحال مضاد من تحلل اجسادنا السريعة و هواجس نهايتنا الوشيكة , قوة الطبيعة و الاقدار تهدم خططنا فى لحظة , و ضغط مجتمعى يكبت افكارنا متمثل فى اسرة و مجتمع صغير و كبير يكفل لنا موارد مادية للعيش لكنها تنتزع منها من لا يعجبها بوسائل المنح و العقاب
************
و الفصول الاخيرة مطولة جميلة فى اراء فرويد الكلاسيكية عن الانا و الانا العليا و نظريات التدمير الذاتى و الطبيعة المزدوجة لكن يفسدها -كما افسد معظم الكتاب- تعليقات عبد المنعم الحنفى التى تطغى على رأى و ذهن القارئ و تثقله و تفصل المسافة بين القارئ و المؤلف

دينا نبيل
يونيو 2015

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....