الثلاثاء، 16 يوليو 2013

حوليات16:مسرح العبث و أنا

علاقتى بالعبث علاقة قديمة و وثيقة, الحقيقة ان علاقة اى مصرى بالعبث أصيلة لاننا اصلا بلد العبث و العجب العجاب...بس اللى انا اقصده النهاردة هو مسرح العبث مش العبث نفسه

قفلتك صح؟؟ تلاقيك اصلا ايديك على زار الاكس عشان تقفل الصفحة..اهو اهو جواك بتقول هو انا فاضى زى دينا عشان اقرا مسرح عبث او اقرا عنه؟...احم احب اقولك اولا انى مش فاضية زى ما انتى متخيل انا بس بلخص شغلى فى وقت ضيق عشان ابسط نفسى اطول مده اقدر عليها...مسرح الابردزم "العبث" ده جزء اساسى من دماغى و من حياتى...و بشكل ما بحس انه معبر عن الواقع اكتر من المسرح العادى اللى الممثل بيقول فيه الجملة 3 مرات و ينزل على ركبته عشان الجمهور يصقف قوى

**************************

كانت البداية مع "بيكت" ملك مسرح العبث فى مسرحيته الاشهر على الاطلاق "فى انتظار جودو" و للكتاب ذكرى تانية معايا لانه اول كتاب اسرقه :) ...ايوه استلفته من صديق


المسرحية بتتكلم عن اتنين فى كرسيين فى انتظار حد منعرفش هو مين غير ان اسمه جودو و من غير حدوث اى احداث تستمر المسرحية و انت فى حالة انبهار


لما تدخل عالم صومايل بيكت عموما او "فى انتظار جودو" خصوصا فهو كالمكان المحرم دخول المنطق به فانزع منطفك و اتركه خارجا و استمتع بعالم بلا جاذبيه ارضيه


انها فى انتظار جودو يا عزيزى التى فتحت للعالم كنوز العبثيه و فتحت لى باب عشرين مسرحيه مشابهه ابحث فيها عن عما شعرت به مع جودو الاصليه

**********************

و بعد كده اتجهت لتوفيق الحكيم فى تجربته العبثية مع "يا طالع الشجرة" المسرحيه شبيه

باعمال بيكاسو بشكل الرسم التكعيبى...انت فاهم و مش فاهم...حاسس بس مدرك...عقلك بيلف و بيحاول ملآ الفراغات فلا يستطيع فيظل فى حاله صيحان و نشاط و انتباه


حتى اختيار الاسم ممتاز..يا طالع الشجره هاتلى معاك بقره تحلب و تسيقنى بالملعقه الصينى... و كأن توفيق الحكيم يخبرك بان العبثيه من اصول الفولوكور المصرى ...فايه بقره تلك التى تنمو على الشجر و خاصه انها من النوع الذى يحلب نفسه بل يقوم بباقى الخدمه


تبدأ بلا نهايه و هى ايضا لا تنتهى....كأنك بين الصيحان و النوم....بيقوم بدور عقلك النابه شخصيه المفتش اللى بيحول يفهم ما لا يفهم ...


اما دور السحليه فبجد مش عارفه ترمز لايه او فى الاصل هل ترمز اصلا؟؟؟...فهمت مفهمتش مش هى دى المعضله فالمسرح بالنوعيه دى عاده ما يدغدغ العقول زى اشهر مسرحيات هذا النوع "فى انتظار جودو" اللى يكثر عنها الكلام واثرت فى تفكيرى تأثير ليس بالقليل


عموما الحياه مش منقسه ومظبطه قوى يعنى زى المسرحيات التقليديه فلا يوجد للحياه بدايه و وسط ونهايه و لا قفزات دراميه ها هو توفيق الحكيم يضرب العقل عرض الحائط و يبقيك كقارئ او مشاهد فى حيرة

***************************

و بعد كده جت مرحلتى مع لويجى بيراندللو و مسرحيته "ست شخصيات تبحث عن مؤلف" ...فاستطيع ان احكم انها ليست عبثيه بالمعنى المطلق بل هى اميل الى المدرسه الرمزيه


تتناول الخط الرفيع بين الدراما و الواقع...انها شخصيات دراميه محدده المصير و الطبائع و علها اكثر واقعيه من هذا المدير او هؤلاء الممثلين المرحين مؤدين عملهم دون وعى او شعف حقيقى...لكن ما استغربته انها تظل على وتيره المستوى المتوسط الا من بعض لحظات التوهج القليله و منها المقطع ده


***************************

و يظل "يوجين اونسكو" ملك قلبى فى هذا المجال باكتر من عمل مميز سواء "المغنية الصلعاء" او "الكراسى" او "الخرتيب"...و اخص هنا الخرتيت


كعادته يستخدم يونسكو سيف المنطق ليذبح المنطق به فى مزيج رائع بين المنطق و الامنطقية اللامتناهية..يقدم لك يونسكو فى وجبة دسمة من المسرح العبثى قصة تلك المدينة التى تظهر فيها الخراتيت بلا مقدمات او تفسير



لكن العقل الانسانى يميل كعادته الى فرض المنطق -ولو بالقوة- على العبث ...فيميل الى تحويل غرض المسرحية الاصلى من العبث الخالص الى نوع من الرمزية


ففى بداية المسرحية و حين ظهر الخرتيت الاول تصيح كل شخصية درامية على المسرح منفردة فى جزع و رعب: خرتيت..و يردد الاخر : خرتيت و هكذا


و فى وسط المسرحية حين تتحول احدى تلك الشخصيات(اطمئن لن افصح عن اسم الشخصية حتى تستمتع بالعمل) فيصرخ صديقه طالبا النجدة من الناس ...فيصيح به الجيران بان ذلك امر يستحق الازعاج و علو الصوت


بينما قرب النهاية حين يصبح التحول "موضة" فيلوم الجميع البطل الى عناده و رفضه للتحول


ثم فى النهاية يصرخ البطل انه مضطرا ان يحارب العالم اجمع للدفاع عن نفسه..و يقول ملخصا لمأساة الانسان المعاصر وسط التيارات الفكرية و التحولات الاجتماعية : ما اقبح شكلى ! الويل لمن اراد يحتفظ بتفرده


هل يرمز يونسكو بالخرتيت للتغيير عموما؟ ذلك الشئ الذى ننفر منه فى البداية ثم يصبح جزء من حياتك ثم لعله يصير حياتك نفسها..او لعلها عبثية خارجة عن التفسير و ذلك هو عقلى يلهو بى

*******************************

و حتى صلاح عبد الصبور جرب نفسه فى العبثية و عشت معاه ساعات فى "مسافر ليل"..دائما بسيط الاشياء هو اعقدها


ببساطه انت تقرأ "بيكت"عربيا بل و شعرا فافعل كما افعل مع بيكت سلم عقلك عند عتبه الباب و ادخل بدونه و استرده بعد ان تنتهى ان اردت لكن استحلفك الا تدخل به و الا افسدت على نفسك الكثير فهى كوميديا سوداء او علها ليست كوميديا او حتى ليست سوداء


فكما قال صلاح عبد الصبور فهو يقدم نماذج للبشريه لا شخصيات



********************************

سيبك انت عمل يثير من الاسئلة اكثر مما يجيب ...هو ببساطة عمل درامى رائع يستحق القراءة بلا شك


 و هاجع اقول لك هو ده مكان او مجال انى اذكر الكتب فى مسرح العبث اللى قريتها؟ لا طبعا لانى قريت يجى 21 كتاب فى المجال ده


بس المسرح العبثى بقى جزء من دماغى اعمل ايه يعنى؟

1 التعليقات:

Emtiaz Zourob يقول...

أنا نفسي اقرأ في انتظار جودو بس الريفيو تبعك قفلني منها خالص ..

بس هي ع القائمة .. بالنسبة لمسرح العبث .. بصراحة أول مرة اقرأ عنه بالطريقة هذه .. هي تجربة تستحق أن نخوضها .. ربما قريبا ..

استمتعت بمروري هنا وخاصة انها تدوينة عن الكتب .

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....