الخميس، 12 فبراير 2015

دنيا الله ل نجيب محفوظ

مجموعة قصصية: دنيا الله
تأليف: نجيب محفوظ
عدد الصفحات: ٢٠٥ صفحة
اصدارات دار الشروق
التقييم: ٥/٤

المجموعة القصصية التى تضم ١٤ قصة تتفاوت فى الحجم و المستوى يبرز منها -فى رأيى- قصتين يتضح فيهما مستوى اديبنا العالمى الذى ما وصل لها الا بانغماسه التام فى محلية بلده الساحرة

الاولى هى الجامع فى الدرب و الاخرى و ربما الاكثر شهرة "زعبلاوى"
**********
الجامع فى الدرب....قصة تبدأ بحال و تنتهى بحال مغاير ، فالجامع يقع فى منطقة فاسدة من العاهرات و القوادين و الدعارة و المسجد لا يصلى فيه الا واحد  ، و الدرس الدينى الذى يلقيه الشيخ عبد ربه  -الذى يبدو لنا فى تلك اللحظة مظلوما و مقهورا راغبا فى دين الله لكنه غير مستطيع - لا يحضره الا ذلك المصلى الوحيد  و خادم الجامع

فى تلك اللحظة يقع انطباع القارئ عن نموذج كلاسيكى ...شيخ متدين و جمهور ضال مخمور بالدنيا ، الى ان يصمم لنا عم نجيب موقف جديد بان تعمم فى المساجد اوامر سياسية بتحديد الخطبة لتأييد اولى الامر حقا كان او باطل و هو ما يرفضه معظم الشيوخ و يقبله شيخنا

يلعب ها هنا محفوظ لعبته الدرامية حين تتبدل المشاعر ...فالقارئ فى تلك اللحظة لا يمقت الامام فقط بل انه يبدى تعاطف مع العاهرات و السكارى بمجرد ان تسمع الى شكاواهم و مأساتهم

ربما ما يقلل من قيمة العمل -رغم العاب الدراما الممتازة فيه- ان النهاية جاءت تربوية اكثر من اللازم و عقابية اكثر مما يجب فى رأيى
***********
القصة "زعبلاوى" و التى افرد لها جورج طرابيشى فصل كامل فى تحليلها و تفسير دروبها فى كتابه الشيق "الله فى رحلة نجيب محفوظ الفكرية" و التى اعتبرها ليس فقط طرابيشى بل عدد من النقاد بمثابة نواة لروايته الاهم اولاد حارتنا

تبدأ بالبطل الذى لم يبح لنا باسمه يصاب "بالداء الذى ليس له دواء" و بعد فشل العلم فى معضلته يتم البحث عن زعبلاوى -طبعا تشابة الاسم مع الجبلاوى لا يحتاج لتوضيح- ذلك الولى من اولياء الله الذى بعد ان كان فى الازمان الابسط واضحا معروف الوجهة و العنوان يصبح مشردا بل و متهما من البوليس بالدجل...و تبدأ رحلة البحث الطويلة من حارة ل حارة و من مجلس ل مجلس

يستخدم نجيب محفوظ القدر المثالى من الرمزية فلا افراط ولا تفريط ...فيمثل احد التابعين القدماء لزعبلاوى من يرتدى ملابس الافندية بل و ينتفض حين يسأل عن علاقته به ، العلاقة قد انفضت من ازمان و صارت حتى تلك الذكرى ثقيلة على النفس مثيره لفزعه ، بينما نرى أخرى مشتاق راغب ، و ثالث فاقد الامل

و نكرر قولنا ان فى حياة البشرية اوقات كثيرة عادة ترتبط بذروة من الحضارة ترى فيها ان السماء اصبحت ثقيلة على الارض و ان الانسان لم يعد يحتاج الالهة و ان الدين قصة قديمة علاها التراب و وجب التخلص منها ...و صحيح ان تلك البشرية عادة ما تفشل نفسها بنفسها فترجع سريعا -و بمبالغة اخرى- الى حضن الدين لكن ذلك العصر من التقلقل و الشكوك هو ذلك العصر الذى كتب فيه محفوظ رائعته الانسانية باقتدار

تلك المرة لم يقف محفوظ بجانب نيتشه معلنا "موت الاله ، الدين، الجبلاوى ، زعبلاوى" كما فعل فى اولاد حارتنا ...بل ينتصر له حين يصل بطلنا له وصول جزئى لتستمر رحلة بطلنا و البشرية معه يبحث كلا منا على زعبلاوى على طريقته الخاصة

دينا نبيل
١٨ يناير ٢٠١٥

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....