الأحد، 18 يناير 2015

خريف البطريرك ل ماركيز

اسم الرواية: خريف البطريرك
تأليف: جبرييل جارسيا ماركيز
ترجمة: محمد على اليوسفى
عدد الصفحات: ٣٠٢ صفحة
اصدارات دار المدى
التقييم: ٥/٥

ان اردت التعرف على الواقعية السحرية فابتعد عن كتب النقد و تعالى لتأخذ جولة معى فى رياض الساحر ماركيز حين يعلمنا ان الواقعية السحرية ان تغرز قدميك فى الطين بينما ترفرف اجنحتك بين السحاب ، ان تخلق قصة شديدة البساطة و الواقعية و القرب منك كأنك ان مشيت فى حوارى مدينتك ستصطدم بشخصياتها و فى نفس الوقت تتكون قصة شديدة التعقيد و العمق تلقى بك فى متاهات العبث

قصة غير عادية ، كتبها كاتب غير عادى ل قارئ ليس عادى...فالصبر على تلونات ماركيز يحتاج ثقة فى ذلك الكولومبى المجنون لتدخل الى العالم الموازى الذى صنعه و الذى يحمل قوانينه الخاصة

يد الفتاة القاسية ، الغضة ك يد مطران ، خصيتان مفتوقتان لا ينام الا بعد يهدهدما مدندنا: نعم يا صغيرى ، و قدامان اشبه ما يكون بشاهدى قبر ..يغنى نصف مخمور "انا الملك المفتون احترم القانون"   فى ظل اضواء المنارة تضئ للبحارة، يده تلقى بملح العافية على رؤوس العميان و مصابى البرص و الشلل ، ينام وراء بابه بمزاليج و تراجات و دعامات ثلاثة على بطنه و يديه مطويه تحت رأسه فى هدوء لا يقطعه سوى اجترار البقر البطئ و التنفس الخامد لعيد ميلاده.. ..كان البطريرك طويل العمر

عالم ماركيز الذى يعدو فيه ان يكسب الحاكم كل جوائز اليانصيب ممكن ، تفجير اطفال فى منتصف المحيط حدث عادى ، و ان تموت اكثر من مرة فعل تقليدى
*******
اما الوصف الماركيزى فيستحق منا دراسات و ابحاث و ربما دروس لصغار المؤلفين عن تلك الخلطة السحرية فى ان تطيل دون ان تمل  ، ان تستخدمها لترسم لوحة دقيقة عن مسرح احداثك او لتجعل القارئ جزء منها لا ان يكون هدفك زيادة عدد الصفحات و ليسمح لى قارئ المقال باقتباس جزء من تهيئة ماركيز لحدث ما فى العمل:

"حيث كان طائر الكروان يغنى الساعه الحادى عشر ما بين ازهار الجيرانيوم الذهبية و حيث كان طائر التوربيال ايضا يغنى و هو نشوان برائحة الاسيتون المنتشرة بين اغذاق الموز فى مساميرها تحت التسقيفه الامامية ، كان ضوء ذلك الثلاثاء المشؤوم من شهر اغسطس يواصل انتشاره بين اوراق الموز الجديدة فى الفناء و جسم الايل الفتى الذى اصطداته زوجى و قتله ذلك الصبح ثم تركه ينزف معلقا من احدى قوائمه "

هل ادركت كيف وصلت لقلب الحدث ، رائحة الموز و الدم و الازهار ، صوت الكروان و التوربيال ، ضوء الشمس يتخلل ...ليجعلك تستخدم حواسك كلها
********
اما الحوار الذى ياخذ شكل التداعى كما يفسر لنا المترجم العبقرى محمد على اليوسيفى ، فهو ينتقل فجأة و دون مقدمات من المخاطب الى الغائب الى الانا و يترك لك كقارئ الاكتشاف كما فعلها جويس فى عوليس و فولكنر  فى "الصخب و العنف" ... الرواية التى يقول عنها ماركيز انها غير جماهرية تحتاج كما قلنا ل قارئ غير عادى لا يخشى ان يبذل مجهود فكرى صغير و انغماس فى القصة المتقلبة و كسر للصدفه احيانا .... لكنه -بالتاكيد- سيحظى باللؤلؤ الفكرى وحده

فى تلك الرواية التى لم تكفى كتابتها سوى سبع سنوات كاملة!

دينا نبيل
١٣ يناير ٢٠١٥

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....