اسم الكتاب: عصر النهضة 3 - النهضة و الكنيسة الكاثوليكية 1 -المجلد الحادى و الثلاثين من قصة الحضارة
تأليف: ول ديورانت
ترجمه: محمد بدران
عدد الصفحات: 242 صفحة
اصدارات دار نوبليس
فى المجلد الثالث من رحلة عصر النهضة الطويلة و الحادى و الثلاثين من رحلة النهضة الاكثر طولا يتجول بنا ديورانت فى رحاب البابوية و علاقتها المتذبذبة الغريبة مع عصر النهضة الذهبى و اخلاقه المثيرة للتشكك
تركنا البابوية فى المجلد قبل السابق فى معركتها الحاسمه فى العودة الى روما بعد فترة الغياب تحت السيطرة الفرنسية فى افنيون ... أعاد جريجوري الحادي عشر البابوية إلى روما؛ ولكن هل تستطيع البابوية البقاء فيها؟ ... و كيف ستتعايش الكنيسة التى اغلب افرادها فرنسيين؟
من اول اجتماع كنسى ظهر ان الامر سيكون صعبا و مع محاصرة غوغاء روما للاجتماع جاء اختيار كبير أساقفة باري وتسمى باسم إربان السادس لمجرد كونه ايطالى , لكن الامر الذى خيل للبعض انه حسم كان قد تفاقم اكثر .. واجتمع الكرادلة الفرنسيون في أنانيي، ودبروا الثورة، فلما كان اليوم التاسع من أغسطس عام 1379 أصدروا منشوراً يعلنون فيه أن انتخاب إربان باطل لأنه تحت ضغط غوغاء روما، وانضم إليهم جميع الكرادلة الطليان، وأعلن المجمع أن ربرت الجنيفي هو البابا الحق. واتخذ ربرت مقامه في أفنيون وتسمى باسم كلمنت السابع...و انقسمت الكنيسة الكاثوليكية شطرا فى ايطاليا و شطر فى فرنسا و اصبحت ل"عروس المسيح" بابان لا واحد , كلا منهم يكفر الاخر و ينكر مسيحية و جدوى خدماته الدينية...وبلغت العداوة بين الطائفتين درجة لا تعادلها إلا العداوة في أشد الحروب مرارة وعنفاً، ولما أن ائتمر كثيرون من كرادلة إربان الجدد عليه ليقتلوه لأنه عاجز شديد الخطورة أمر بالقبض على سبعة منهم، وعذبهم، ثم أعدمهم
و تخيل عموم مسيحى العالم الغرب ان موت البابان سيصلح الامر فما كان الا بونيفاس التاسع اصبح البابا الايطالى الجديد و بدل بندكت الثالث البابا الفرنسى و استمر الشقاق .... و اقترح مصلحوا الدين ما قبل لوثر و جامعات المانيا ان يقام مجلس اكبر و اعم من الكنائس القديمة لحل الصراع و اصلاح الكنيسة وأعلن المجلس خلعهما، ونادى بكردنال ميلان بابا باسم اسكندر الخامس (1409). وطلب هذا المجلس إلى البابا. وكان هذا المجلس يرجو أن يقضي على الانشقاق البابوي؛ ولكن بندكت وجريجوري كلاهما رفضا أن يعترفا بسلطانه، فإن النتيجة لم تسفر إلاّ عن وجود ثلاثة بابوات بدلاً من اثنين.
و بكثير من المؤامرات و الرشاوى و السياسة انفرد البابا مارتن الخامس بالحكم سنه 1418...و بحكمه تماسكت الكنيسة لكنها نسيت سبب اقامة المجالس الكنيسة اصلا و تأجل الاصلاح الدينى الى لوثر و انتقال ما كان يمكن ان يحدث فى ايطاليا الى المانيا و لكن لذلك قول اخر فلا داعى للتسرع
****************************
أحس البابوات بوصفهم حكّاماً سياسيين أنهم مضطرّون إلى استخدام نفس الأساليب السياسية التي يستخدمها أندادهم الحكّام الزمنيون. فكانوا يوزعون- وأحياناً يبيعون- المناصب والرتب الكهنوتية إلى ذوي النفوذ، حتى القصَّر منهم، لكي يوفوا بما عليهم من الديون السياسية، أو يحققوا أغراضاً سياسية، أو يكافئوا أو يعينوا رجالاً من الأدباء أو الفنانين. وكانوا يزوجون أقاربهم في الأسر ذات القوة السياسية.
و يتعدد البابوات و تختلف افكارهم و ميولهم و دائما يتأجل الاصلاح الدينى لكن النهضة الفكرية و الفنية تستفاد و يضاف لرصيد الانسانية عصر مميز
من نقولاس الخامس بابا المؤلفين الانسانين و جامع التراث اليونانى رومانى و لو باموال الكنيسة , الى كلكستس الثالث الاسبانى مبتدئ محاباة الاقارب تلك السنه التى فجرت الموقف لاحقا و من احتفال الرومانين بموت كانتهاء حكم البرابرة و انتظرت بابا ايطالى , الذى لم يكن سوى بيوس الثاني التقى الذى حلم بضم سلطان الترك الى المسيحية و فشل فى حربه الصليبية المبتسرة لكن حظى القلوب بالتقى , ثم البابا بولس الثاني الذى خسر التاريخ بتشاجره مع مؤرخ اخد على عاتقه توصيل اسوء صفاته للمستقبل , سكستس الرابع المتوسع فى استخدام الاقارب قساً استعمارياً شديد الشكيمة يحب الفن و الحرب و السلطان
ثم إنوسنت الثامن اخر البابوات قبل مجئ بابوات النهضة الذى دارت فى حياته احد اعجب قصص التاريخ و تعقيدها
. وتفصيل ذلك أن بايزيد الثاني وجم ابني محمد الثاني أوقدا نار حرب داخلية بعد موت أبيهما (1481) في نزاعهما على عرش آل عثمان. ولمّا هزم جم في بروصة أراد أن ينجو من القتل بالاستسلام إلى فرسان القديس يوحنا في جزيرة رودس (1482). وأبقاه رئيس الفرسان بيير دو بسون عنده يهدد به بايزيد. وارتضى السلطان أن يؤدي إلى الفرسان 45.000 دوقة كل عام لإنفاقها على جم في الظاهر ولكنها في الحقيقة كانت إغراء لهم على ألاّ يشجعوا جم على المطالبة بعرش السلطنة العثمانية، وألاّ يتخذوه عوناً نافعاً لهم في شن حرب صليبية مسيحية على الأتراك. وأراد دوبسون أن يضمن سلامة هذا الأسير الذي يدر المال الكثير فبعثه ليقيم تحت حراسة الفرسان في فرنسا. وعرض كل من سلطان مصر، وفرديناند وإزبلا ملك أسبانيا وملكتها، وماتياس كرفينوس ملك المجر، وفيرانتي ملك نابلي، وإنوسنت نفسه، عرض كل واحد من هؤلاء مبالغ طائلة على أوبسون....وفاز البابا إذا رضى بأن ينقل جم إلى بلده ليكون فيها مشمولاً بعنايته. وفاز البابا بذلك لأنه وعد رئيس الفرسان بقلنسوة حمراء فضلاً عن الدوقات، وأنه ساعد شارل الثامن ملك فرنسا على أن يتزوج آن صاحبة بريطاني ويحصل بذلك على هذه المقاطعة لنفسه. وبناء على هذا سار "التركي العظيم" كما كن جم يسمى في ذلك الوقت، في الثالث عشر من شهر مارس عام 1489 في موكب فخم من الفرسان مخترقاً شوارع روما حتى وصل إلى قصر الفاتيكان حيث سجن سجناً يستمتع فيه بضروب الترف والمجاملة. وأراد بايزيد أن يضمن حسن مقاصد البابا فبعث إليه بمرتب ثلاث سنين نفقة لجم، ثم بعث إليه في عام 1492 رأس حربة أكد له أنه هو الذي نفذ في جنب المسيح. وشك بعض الكرادلة في هذا، ولكن البابا أعد العدة لنقل هذا الأثر من أتكونا إلى روما
تمر السنين و يموت البابا انوسنت و يمسك البابا اسكندر السادس و يختلف مع ملك فرنسا خلاف حاد ... يخلى البابا يفكر يلجأ ل بايزيد الثاني لمحاربة شارل ملك فرنسا
رد بايزيد على البابا فيه خلاف تاريخى شوية و شهادات متناقضة منها شهادة بتقول انه طلب من البابا يقتل اخوه الاسير عنده و لما توصل راسه عنده يبعت له 300 الف دوقية ... لكن كلام مش محقق
اى كان , لاحقا هينتصر شارل ملك فرنسا على البابا و هتكون من ضمن بنود الصلح -او الهزيمة بمعنى ادق- انه يسلم "جم" ل ملك فرنسا المنتصر .... و هتنتهى القصة العجيبة دى نهاية اقل عجبا لما يموت "جم" من نزلة شعبية نتيجة لتغيير الجو
***********************
ثم البابا اسكندر السادس وبدأ أعماله بداية حسنة. فقد حدثت في روما في الستة والثلاثين يوماً بين موت إنوسنت وتتويج الإسكندر مائتان وعشرون من حوادث الاغتيال التي عرفت. ولكن البابا الجديد ضرب المثل بأول قاتل قبض عليه؛ فقد شنق هذا المجرم، وشنق معه أخوه، وهدم بيته، وارتضت المدينة هذه القسوة، وأخفت الجريمة رأسها؛ وعاد النظام إلى روما، وأبتهجت إيطاليا كلها إذ وجدت يداً قوية تقبض على أزمة الشئون
وكان الإسكندر في ذلك الوقت يواجه المشاكل السياسية القائمة أمام بابوية تكتنفها القوى الإيطالية التي تأتمر بها من كل جانب. وكانت الولايات البابوية قد وقعت مرة أخرى في أيدي طغاة محليين، يدعون أنهم خدام الكنيسة ولكنهم انتهزوا الفرص التي أتاحها لم إنوسنت الثامن فاستردوا الاستقلال الفعلي الذي فقدوه هم وأسلافهم في عهد ألبرنوز أوسكستس الرابع.وكانت الدول المجاورة للمدن البابوية قد استولت على بعض هذه المدن، فاستولى نابلي مثلاً على سورا Sora وأكويليا في عام 1467، استولت ميلان على تورلي في عام 1488.ولها كان أول واجبات الإسكندر هو أن يخضع هذه الولايات تحت حكم بابوي مركزي، يفرض عليها الضرائب، كما أخضع ملوك أسبانيا، وفرنسا، وإنجلترا السادة الإقطاعيين. وكانت هذه هي المهمة التي عهد بها إلى سيزاري بورجيا والتي أنجزها بسرعة وقسوة جعلت مكيفلي يعجب به ويدهش من مقدرته.
************************
و بالتأمل فى شخصية سيزاري بورجيا نجد مثال حى لشكل عصر النهضة و المثال الحى الذى كتب له ميكافييلى اهم كتبه و اعظم كتب السياسة و اكثر ما انكر الناس قراءتها
وجد الإسكندر أخيراً في هذا الشاب الجريء والمحارب السعيد القائد الذي ظل يبحث عنه زمناً طويلاً ليقود قوات الكنيسة المسلحة ويستعيد بها الولايات البابوية. وأمده لويس بثلاثمائة من حملة الرماح الفرنسيين، وجند أربعة آلاف من الغسقونيين والسويسريين، وألفين من المرتزقة الإيطاليين. وكان هذا جيشاً أقل مما يحتاج إليه للتغلب على اثني عشر من الحكام المستبدين، ولكن سيزاري كان تواقاً إلى هذه المغامرة.
جليل عظيم، وإنه ليبلغ من الجرأة حداً يبدو معه كل مشروع مهما عظم شأنه صغيراً في عينه. وهو يحرم نفسه من الراحة ليظفر بالمجد ويستحوذ على الأمصار، ولا يجد الخطر ولا التعب سبيلاً إلى نفسه.
لكن إيطاليا كانت مع ذلك لا تخلو من رجال في أماكن مختلفة منها يتمنون سقوطه. فالبندقية مثلاً، وإن كانت قد منحته مواطنيتها الفخرية، لم يكن يسرها أن تعود الولايات البابوية قوية كما كانت من قبل، وأن تسيطر على جزء كبير من شاطئ البحر الأدريادي. وامتعضت فلورنس وهي تفكر أن فورلي التي لا تبعد عن أرضها أكثر من ثمانية أميال كانت في يدي شاب عبقري في شئون السياسة والحرب مجرد من الضمير ولا يحسب حساباً للعواقب. وعرضت بيزا عليه أن يتولى أمرها؛ فرفض هذا العرض في أدب؛ ولكن من يدري، فقد يبدل خطته كما بدلها وهو في طريقه لكميرينو.
سيزاري بورجيا فنقول إنه بعد أن شفى شفاءً بطيئاً من المرض الذي قضى على حياة البابا، وجد نفسه محوطاً بما لا يقل عن عشرة أخطار لم يكن يتوقعها. ومن ذا الذي كان يتنبأ بأنه هو وأباه سيعجزان كلاهما عن العمل في وقت واحد. فبينا كان الأطباء يحمونه استرد آل كولنا المخلوعون من رومانيا، تشجعهم البندقية يطالبون باستعادة إماراتهم؛ وكان غوغاء روما الذين أفلت الآن زمامهم بعد أن مات الإسكندر يتحفزون لنهب الفاتيكان في أية لحظة من اللحظات. وينهبون الأموال التي يعتمد عليها سيزاري في أداء رواتب جنده. فلم ير سيزاري بداً من أن يرسل عدداً من الرجال المسلحين إلى الفاتيكان؛ وأرغم هؤلاء الكردنال كسانوفا بقوة السيف على أن يسلمهم ما في الخزانة من الأموال
ولعله حين طافت هذه الأعمال العظيمة برأسه قد راوده الحلم الذي راود بترارك ومكيفلي: وهو أن يهب إيطاليا، بالفتح إذا لزم الأمر، الوحدة التي تمكنها من أن تقف في وجه قوتي فرنسا وأسبانيا المرتكزتين . ولكن انتصاراته، وأساليبه، وقوته، وأعماله السرية الخفية، وهجماته السريعة التي لا يحصى لها عدد، جعلته سوط عذاب على إيطاليا بدل أن تجعله عاملاً على تحريرها. ذلك أن عيوبه الخلقية كانت سبباً في القضاء على ما أنجزه من الأعمال بقوته العقلية. وكانت مأساته الأساسية أنه لم يتعلم قط أن يحب.
******************
و ب يوليوس الثاني 1503 - 1513 و علاقته بالفن على يد رافائيل و مايكل انجلو و نتائج ذلك المبهرة بنقش حجرة التوقيعات و سقف سستيني يختم ديورانت رحلته الثالثة فى رحاب عصر النهضة الذهبى و لا يتبقى لنا سوى دراسة ادق فى المجلد الرابع للبابا ليو العاشر قبل تقييم الموقف العام و الانطلاق الى لوثر فى اصلاحه الدينى و لكننا كالعادة نتعجل الامر و نستبق مجلدين اثنين نتوقع كونهما مفيدين كعادتنا مع ديورانت
دينا نبيل
يونيو 2015
تأليف: ول ديورانت
ترجمه: محمد بدران
عدد الصفحات: 242 صفحة
اصدارات دار نوبليس
فى المجلد الثالث من رحلة عصر النهضة الطويلة و الحادى و الثلاثين من رحلة النهضة الاكثر طولا يتجول بنا ديورانت فى رحاب البابوية و علاقتها المتذبذبة الغريبة مع عصر النهضة الذهبى و اخلاقه المثيرة للتشكك
تركنا البابوية فى المجلد قبل السابق فى معركتها الحاسمه فى العودة الى روما بعد فترة الغياب تحت السيطرة الفرنسية فى افنيون ... أعاد جريجوري الحادي عشر البابوية إلى روما؛ ولكن هل تستطيع البابوية البقاء فيها؟ ... و كيف ستتعايش الكنيسة التى اغلب افرادها فرنسيين؟
من اول اجتماع كنسى ظهر ان الامر سيكون صعبا و مع محاصرة غوغاء روما للاجتماع جاء اختيار كبير أساقفة باري وتسمى باسم إربان السادس لمجرد كونه ايطالى , لكن الامر الذى خيل للبعض انه حسم كان قد تفاقم اكثر .. واجتمع الكرادلة الفرنسيون في أنانيي، ودبروا الثورة، فلما كان اليوم التاسع من أغسطس عام 1379 أصدروا منشوراً يعلنون فيه أن انتخاب إربان باطل لأنه تحت ضغط غوغاء روما، وانضم إليهم جميع الكرادلة الطليان، وأعلن المجمع أن ربرت الجنيفي هو البابا الحق. واتخذ ربرت مقامه في أفنيون وتسمى باسم كلمنت السابع...و انقسمت الكنيسة الكاثوليكية شطرا فى ايطاليا و شطر فى فرنسا و اصبحت ل"عروس المسيح" بابان لا واحد , كلا منهم يكفر الاخر و ينكر مسيحية و جدوى خدماته الدينية...وبلغت العداوة بين الطائفتين درجة لا تعادلها إلا العداوة في أشد الحروب مرارة وعنفاً، ولما أن ائتمر كثيرون من كرادلة إربان الجدد عليه ليقتلوه لأنه عاجز شديد الخطورة أمر بالقبض على سبعة منهم، وعذبهم، ثم أعدمهم
و تخيل عموم مسيحى العالم الغرب ان موت البابان سيصلح الامر فما كان الا بونيفاس التاسع اصبح البابا الايطالى الجديد و بدل بندكت الثالث البابا الفرنسى و استمر الشقاق .... و اقترح مصلحوا الدين ما قبل لوثر و جامعات المانيا ان يقام مجلس اكبر و اعم من الكنائس القديمة لحل الصراع و اصلاح الكنيسة وأعلن المجلس خلعهما، ونادى بكردنال ميلان بابا باسم اسكندر الخامس (1409). وطلب هذا المجلس إلى البابا. وكان هذا المجلس يرجو أن يقضي على الانشقاق البابوي؛ ولكن بندكت وجريجوري كلاهما رفضا أن يعترفا بسلطانه، فإن النتيجة لم تسفر إلاّ عن وجود ثلاثة بابوات بدلاً من اثنين.
و بكثير من المؤامرات و الرشاوى و السياسة انفرد البابا مارتن الخامس بالحكم سنه 1418...و بحكمه تماسكت الكنيسة لكنها نسيت سبب اقامة المجالس الكنيسة اصلا و تأجل الاصلاح الدينى الى لوثر و انتقال ما كان يمكن ان يحدث فى ايطاليا الى المانيا و لكن لذلك قول اخر فلا داعى للتسرع
****************************
أحس البابوات بوصفهم حكّاماً سياسيين أنهم مضطرّون إلى استخدام نفس الأساليب السياسية التي يستخدمها أندادهم الحكّام الزمنيون. فكانوا يوزعون- وأحياناً يبيعون- المناصب والرتب الكهنوتية إلى ذوي النفوذ، حتى القصَّر منهم، لكي يوفوا بما عليهم من الديون السياسية، أو يحققوا أغراضاً سياسية، أو يكافئوا أو يعينوا رجالاً من الأدباء أو الفنانين. وكانوا يزوجون أقاربهم في الأسر ذات القوة السياسية.
و يتعدد البابوات و تختلف افكارهم و ميولهم و دائما يتأجل الاصلاح الدينى لكن النهضة الفكرية و الفنية تستفاد و يضاف لرصيد الانسانية عصر مميز
من نقولاس الخامس بابا المؤلفين الانسانين و جامع التراث اليونانى رومانى و لو باموال الكنيسة , الى كلكستس الثالث الاسبانى مبتدئ محاباة الاقارب تلك السنه التى فجرت الموقف لاحقا و من احتفال الرومانين بموت كانتهاء حكم البرابرة و انتظرت بابا ايطالى , الذى لم يكن سوى بيوس الثاني التقى الذى حلم بضم سلطان الترك الى المسيحية و فشل فى حربه الصليبية المبتسرة لكن حظى القلوب بالتقى , ثم البابا بولس الثاني الذى خسر التاريخ بتشاجره مع مؤرخ اخد على عاتقه توصيل اسوء صفاته للمستقبل , سكستس الرابع المتوسع فى استخدام الاقارب قساً استعمارياً شديد الشكيمة يحب الفن و الحرب و السلطان
ثم إنوسنت الثامن اخر البابوات قبل مجئ بابوات النهضة الذى دارت فى حياته احد اعجب قصص التاريخ و تعقيدها
. وتفصيل ذلك أن بايزيد الثاني وجم ابني محمد الثاني أوقدا نار حرب داخلية بعد موت أبيهما (1481) في نزاعهما على عرش آل عثمان. ولمّا هزم جم في بروصة أراد أن ينجو من القتل بالاستسلام إلى فرسان القديس يوحنا في جزيرة رودس (1482). وأبقاه رئيس الفرسان بيير دو بسون عنده يهدد به بايزيد. وارتضى السلطان أن يؤدي إلى الفرسان 45.000 دوقة كل عام لإنفاقها على جم في الظاهر ولكنها في الحقيقة كانت إغراء لهم على ألاّ يشجعوا جم على المطالبة بعرش السلطنة العثمانية، وألاّ يتخذوه عوناً نافعاً لهم في شن حرب صليبية مسيحية على الأتراك. وأراد دوبسون أن يضمن سلامة هذا الأسير الذي يدر المال الكثير فبعثه ليقيم تحت حراسة الفرسان في فرنسا. وعرض كل من سلطان مصر، وفرديناند وإزبلا ملك أسبانيا وملكتها، وماتياس كرفينوس ملك المجر، وفيرانتي ملك نابلي، وإنوسنت نفسه، عرض كل واحد من هؤلاء مبالغ طائلة على أوبسون....وفاز البابا إذا رضى بأن ينقل جم إلى بلده ليكون فيها مشمولاً بعنايته. وفاز البابا بذلك لأنه وعد رئيس الفرسان بقلنسوة حمراء فضلاً عن الدوقات، وأنه ساعد شارل الثامن ملك فرنسا على أن يتزوج آن صاحبة بريطاني ويحصل بذلك على هذه المقاطعة لنفسه. وبناء على هذا سار "التركي العظيم" كما كن جم يسمى في ذلك الوقت، في الثالث عشر من شهر مارس عام 1489 في موكب فخم من الفرسان مخترقاً شوارع روما حتى وصل إلى قصر الفاتيكان حيث سجن سجناً يستمتع فيه بضروب الترف والمجاملة. وأراد بايزيد أن يضمن حسن مقاصد البابا فبعث إليه بمرتب ثلاث سنين نفقة لجم، ثم بعث إليه في عام 1492 رأس حربة أكد له أنه هو الذي نفذ في جنب المسيح. وشك بعض الكرادلة في هذا، ولكن البابا أعد العدة لنقل هذا الأثر من أتكونا إلى روما
تمر السنين و يموت البابا انوسنت و يمسك البابا اسكندر السادس و يختلف مع ملك فرنسا خلاف حاد ... يخلى البابا يفكر يلجأ ل بايزيد الثاني لمحاربة شارل ملك فرنسا
رد بايزيد على البابا فيه خلاف تاريخى شوية و شهادات متناقضة منها شهادة بتقول انه طلب من البابا يقتل اخوه الاسير عنده و لما توصل راسه عنده يبعت له 300 الف دوقية ... لكن كلام مش محقق
اى كان , لاحقا هينتصر شارل ملك فرنسا على البابا و هتكون من ضمن بنود الصلح -او الهزيمة بمعنى ادق- انه يسلم "جم" ل ملك فرنسا المنتصر .... و هتنتهى القصة العجيبة دى نهاية اقل عجبا لما يموت "جم" من نزلة شعبية نتيجة لتغيير الجو
***********************
ثم البابا اسكندر السادس وبدأ أعماله بداية حسنة. فقد حدثت في روما في الستة والثلاثين يوماً بين موت إنوسنت وتتويج الإسكندر مائتان وعشرون من حوادث الاغتيال التي عرفت. ولكن البابا الجديد ضرب المثل بأول قاتل قبض عليه؛ فقد شنق هذا المجرم، وشنق معه أخوه، وهدم بيته، وارتضت المدينة هذه القسوة، وأخفت الجريمة رأسها؛ وعاد النظام إلى روما، وأبتهجت إيطاليا كلها إذ وجدت يداً قوية تقبض على أزمة الشئون
وكان الإسكندر في ذلك الوقت يواجه المشاكل السياسية القائمة أمام بابوية تكتنفها القوى الإيطالية التي تأتمر بها من كل جانب. وكانت الولايات البابوية قد وقعت مرة أخرى في أيدي طغاة محليين، يدعون أنهم خدام الكنيسة ولكنهم انتهزوا الفرص التي أتاحها لم إنوسنت الثامن فاستردوا الاستقلال الفعلي الذي فقدوه هم وأسلافهم في عهد ألبرنوز أوسكستس الرابع.وكانت الدول المجاورة للمدن البابوية قد استولت على بعض هذه المدن، فاستولى نابلي مثلاً على سورا Sora وأكويليا في عام 1467، استولت ميلان على تورلي في عام 1488.ولها كان أول واجبات الإسكندر هو أن يخضع هذه الولايات تحت حكم بابوي مركزي، يفرض عليها الضرائب، كما أخضع ملوك أسبانيا، وفرنسا، وإنجلترا السادة الإقطاعيين. وكانت هذه هي المهمة التي عهد بها إلى سيزاري بورجيا والتي أنجزها بسرعة وقسوة جعلت مكيفلي يعجب به ويدهش من مقدرته.
************************
و بالتأمل فى شخصية سيزاري بورجيا نجد مثال حى لشكل عصر النهضة و المثال الحى الذى كتب له ميكافييلى اهم كتبه و اعظم كتب السياسة و اكثر ما انكر الناس قراءتها
وجد الإسكندر أخيراً في هذا الشاب الجريء والمحارب السعيد القائد الذي ظل يبحث عنه زمناً طويلاً ليقود قوات الكنيسة المسلحة ويستعيد بها الولايات البابوية. وأمده لويس بثلاثمائة من حملة الرماح الفرنسيين، وجند أربعة آلاف من الغسقونيين والسويسريين، وألفين من المرتزقة الإيطاليين. وكان هذا جيشاً أقل مما يحتاج إليه للتغلب على اثني عشر من الحكام المستبدين، ولكن سيزاري كان تواقاً إلى هذه المغامرة.
جليل عظيم، وإنه ليبلغ من الجرأة حداً يبدو معه كل مشروع مهما عظم شأنه صغيراً في عينه. وهو يحرم نفسه من الراحة ليظفر بالمجد ويستحوذ على الأمصار، ولا يجد الخطر ولا التعب سبيلاً إلى نفسه.
لكن إيطاليا كانت مع ذلك لا تخلو من رجال في أماكن مختلفة منها يتمنون سقوطه. فالبندقية مثلاً، وإن كانت قد منحته مواطنيتها الفخرية، لم يكن يسرها أن تعود الولايات البابوية قوية كما كانت من قبل، وأن تسيطر على جزء كبير من شاطئ البحر الأدريادي. وامتعضت فلورنس وهي تفكر أن فورلي التي لا تبعد عن أرضها أكثر من ثمانية أميال كانت في يدي شاب عبقري في شئون السياسة والحرب مجرد من الضمير ولا يحسب حساباً للعواقب. وعرضت بيزا عليه أن يتولى أمرها؛ فرفض هذا العرض في أدب؛ ولكن من يدري، فقد يبدل خطته كما بدلها وهو في طريقه لكميرينو.
سيزاري بورجيا فنقول إنه بعد أن شفى شفاءً بطيئاً من المرض الذي قضى على حياة البابا، وجد نفسه محوطاً بما لا يقل عن عشرة أخطار لم يكن يتوقعها. ومن ذا الذي كان يتنبأ بأنه هو وأباه سيعجزان كلاهما عن العمل في وقت واحد. فبينا كان الأطباء يحمونه استرد آل كولنا المخلوعون من رومانيا، تشجعهم البندقية يطالبون باستعادة إماراتهم؛ وكان غوغاء روما الذين أفلت الآن زمامهم بعد أن مات الإسكندر يتحفزون لنهب الفاتيكان في أية لحظة من اللحظات. وينهبون الأموال التي يعتمد عليها سيزاري في أداء رواتب جنده. فلم ير سيزاري بداً من أن يرسل عدداً من الرجال المسلحين إلى الفاتيكان؛ وأرغم هؤلاء الكردنال كسانوفا بقوة السيف على أن يسلمهم ما في الخزانة من الأموال
ولعله حين طافت هذه الأعمال العظيمة برأسه قد راوده الحلم الذي راود بترارك ومكيفلي: وهو أن يهب إيطاليا، بالفتح إذا لزم الأمر، الوحدة التي تمكنها من أن تقف في وجه قوتي فرنسا وأسبانيا المرتكزتين . ولكن انتصاراته، وأساليبه، وقوته، وأعماله السرية الخفية، وهجماته السريعة التي لا يحصى لها عدد، جعلته سوط عذاب على إيطاليا بدل أن تجعله عاملاً على تحريرها. ذلك أن عيوبه الخلقية كانت سبباً في القضاء على ما أنجزه من الأعمال بقوته العقلية. وكانت مأساته الأساسية أنه لم يتعلم قط أن يحب.
******************
و ب يوليوس الثاني 1503 - 1513 و علاقته بالفن على يد رافائيل و مايكل انجلو و نتائج ذلك المبهرة بنقش حجرة التوقيعات و سقف سستيني يختم ديورانت رحلته الثالثة فى رحاب عصر النهضة الذهبى و لا يتبقى لنا سوى دراسة ادق فى المجلد الرابع للبابا ليو العاشر قبل تقييم الموقف العام و الانطلاق الى لوثر فى اصلاحه الدينى و لكننا كالعادة نتعجل الامر و نستبق مجلدين اثنين نتوقع كونهما مفيدين كعادتنا مع ديورانت
دينا نبيل
يونيو 2015