اسم الكتاب: معنى الحياة,مقدمة قصيرة جدا
تأليف: تيرى ايجلتون
ترجمة: شيماء طه
عدد الصفحات: 104 صفحة
اصدارات:منشورات مؤسسة هنداوى بالتعاون مع سلسلة اكسفورد
التقييم: 5/3
ان كنت متوقع اجابة على سؤال عنوان الكتاب فابشرك بالخذلان..الكتاب لن يتضمن اجابة سؤال الابد عن فائدة و معنى الحياة و ربما ستكون قسوة منا ان توقعنا اجابة لسؤال بهذا الحجم فى كتاب لا يزيد عن المئه صفحة الا قليلا , لكنك فى المقابل ستقابلك وجبة دسمة على عادة سلسلة اكسفورد الشهيرة بالحديث "عن" السؤال و افكار من مروا به من قبلك
ربما ستجد مراحل البشرية عبر يونانيتها القديمة و التراجيديا ثم الى العصور الوسطى المؤمنة ثم الى قلق النهضة و الاصلاح الدينى و منه بالضرورة لتقلبات عصورنا الحديثه فى رحلتها الاطول على الاطلاق فى البحث عن اجابة السؤال او حتى التأكد و الجزم من صحة طرحه من الاصل
ربما بدلا من اجابة وافية ستجد من لم يدركوا الاجابة فتطول القائمة , الدين حين يحاول ان يجيب يتحول فى كل مرة تقريبا الى وجه اخر من الاصولية المتزمتة التى تخنق السؤال اكثر مما تجيب عليه , و حين تتحرر منه الروحانية تفرض نفسها كشئ دخيل و سرى لا عملى و مادى و فى استطاعة بنى البشر و هى لا تتعارض مع المادية الا اصطلاحا اما فى واقعها فتحتاج اليها و تدعمها حتى و ربما تستفاد منها , و الفلسفة جمدت الى خبرة تقنية فى اللغة و الاصطلاحات و انكب الفلاسفة يبحثون فى تراث الماضى بدل من انتاج اسئلة و اجابات احدث ,و الرياضة تتبنى موقف افيون الشعوب بعد تنحى الدين ,الفنانون يبحثون عن ذواتهم الضائعة اكثر مما ياخذون بايدينا و الفلاسفة تخلوا عن دور المرشد الهاد للحياة منذ عقود ,أصبح علم اللاهوت فاقدًا للثقة بفعل تسلل العلمانية إليه، وكذلك بفعل جرائم وحماقات الكنائس و المؤسسات الدينية الرسمية للاديان كلها
و نتجه دون ان ندرى الى لا ادرية جديدة فنتسأل ان كان السلطان عاريا و ان كان هنرى جيمس فى قصته اصاب كبد الحقيقة حين تساءل عن المقصد الخفى الذى يبحث عنه الجميع ان كان زائفا او ان كان اى مقصد يكفى الباحث الشغوف المتلهف و ان صنعته يداه , و توجهنا اللا ادرية الى السؤال عن جدوى السؤال عن الجدوى اصلا او ان كنا نحجم السؤال خشية فنبطق قول ماركس ان البشر لا يثيرون مثل هذه المسائل الا بالقدر الذى يستطيعون حله , او تثير فينا الرعب من السؤال نفسه كأنه قدر محتوم او حل لتعويذة سحرية ماذا لو كانت الحقيقة مدمرة للوجود الإنساني؟ ماذا لو كانت قوة ديونيسية مهلكة، كما كان يعتبرها نيتشه في بداياته؛ أو إرادة ضارية كما في تخمينات شوبنهاور الكئيبة؛ أو رغبة مجردة مفترسة عديمة الرحمة كما يرى فرويد؟
فكلما سُخِّرت العلوم الإنسانية لخدمة احتياجات الاقتصاد، ازداد تخليها عن دراسة وفحص القضايا والمسائل الجوهرية؛ ومن ثم هرع بائعو بطاقات التاروت، والعرافون، وأفاتارات أتلانتس، ومتخصصو تنقية الروح لشغل مكانها وهكذا أصبح معنى الحياة صناعة مربحة, فنجد انفسنا لم نقترب عبر 5 الاف عام من التاريخ المكتوب من اجابة السؤال و حل اللغز الاهم
فالحداثة هي الحقبة التي شهدت خلافًا بيننا فيما يتعلق بجميع القضايا الأخلاقية والسياسية الجوهرية. ومن ثم وجد في الحقبة الحديثة عدد كبير من المتنافسين والخصوم يتحاربون في حلبة معنى الحياة، دون أن يكون لدى أحدهم القدرة على توجيه ضربة قاضية للآخرين. وهذا يعني أن أي حل وحيد للمشكلة سوف يبدو حتمًا مثيرًا للريبة والشك، نظرًا لوجود عدد هائل من البدائل المغرية. وهكذا نجد أنفسنا هنا فيما يشبه الدائرة المفرغة.وما إن تبدأ المعتقدات التقليدية في الانهيار فى مواجهة أزمة تاريخية، يبدأ سؤال معنى الحياة في دفع نفسه إلى السطح.
و الحقيقة ان بالنسبة لكتاب مختصر فى سلسلة ترمى الى التكثيف فالكتاب يحوى صفحات طويلة فى اسهاب ممل احيانا و هو يخلط بشكل مؤلم للقارئ المتسرع على الاقل بين الفلسفة و عدم اللغة بشكل ينزع المتعة من الاثنين و هو يشير اكثر مما يتحدث و يقتبس اكثر مما يبدع و يتركنا فى منتصف الرحلة اكثر حيرة من حالنا فى البداية..هل تكون الحيرة عيبا؟ ام ميزة؟ حتى تلك سنختلف عليها ربما اقل قليلا من خلافنا الابدى عن معنى الحياة
دينا نبيل
يونيو 2015
تأليف: تيرى ايجلتون
ترجمة: شيماء طه
عدد الصفحات: 104 صفحة
اصدارات:منشورات مؤسسة هنداوى بالتعاون مع سلسلة اكسفورد
التقييم: 5/3
ان كنت متوقع اجابة على سؤال عنوان الكتاب فابشرك بالخذلان..الكتاب لن يتضمن اجابة سؤال الابد عن فائدة و معنى الحياة و ربما ستكون قسوة منا ان توقعنا اجابة لسؤال بهذا الحجم فى كتاب لا يزيد عن المئه صفحة الا قليلا , لكنك فى المقابل ستقابلك وجبة دسمة على عادة سلسلة اكسفورد الشهيرة بالحديث "عن" السؤال و افكار من مروا به من قبلك
ربما ستجد مراحل البشرية عبر يونانيتها القديمة و التراجيديا ثم الى العصور الوسطى المؤمنة ثم الى قلق النهضة و الاصلاح الدينى و منه بالضرورة لتقلبات عصورنا الحديثه فى رحلتها الاطول على الاطلاق فى البحث عن اجابة السؤال او حتى التأكد و الجزم من صحة طرحه من الاصل
ربما بدلا من اجابة وافية ستجد من لم يدركوا الاجابة فتطول القائمة , الدين حين يحاول ان يجيب يتحول فى كل مرة تقريبا الى وجه اخر من الاصولية المتزمتة التى تخنق السؤال اكثر مما تجيب عليه , و حين تتحرر منه الروحانية تفرض نفسها كشئ دخيل و سرى لا عملى و مادى و فى استطاعة بنى البشر و هى لا تتعارض مع المادية الا اصطلاحا اما فى واقعها فتحتاج اليها و تدعمها حتى و ربما تستفاد منها , و الفلسفة جمدت الى خبرة تقنية فى اللغة و الاصطلاحات و انكب الفلاسفة يبحثون فى تراث الماضى بدل من انتاج اسئلة و اجابات احدث ,و الرياضة تتبنى موقف افيون الشعوب بعد تنحى الدين ,الفنانون يبحثون عن ذواتهم الضائعة اكثر مما ياخذون بايدينا و الفلاسفة تخلوا عن دور المرشد الهاد للحياة منذ عقود ,أصبح علم اللاهوت فاقدًا للثقة بفعل تسلل العلمانية إليه، وكذلك بفعل جرائم وحماقات الكنائس و المؤسسات الدينية الرسمية للاديان كلها
و نتجه دون ان ندرى الى لا ادرية جديدة فنتسأل ان كان السلطان عاريا و ان كان هنرى جيمس فى قصته اصاب كبد الحقيقة حين تساءل عن المقصد الخفى الذى يبحث عنه الجميع ان كان زائفا او ان كان اى مقصد يكفى الباحث الشغوف المتلهف و ان صنعته يداه , و توجهنا اللا ادرية الى السؤال عن جدوى السؤال عن الجدوى اصلا او ان كنا نحجم السؤال خشية فنبطق قول ماركس ان البشر لا يثيرون مثل هذه المسائل الا بالقدر الذى يستطيعون حله , او تثير فينا الرعب من السؤال نفسه كأنه قدر محتوم او حل لتعويذة سحرية ماذا لو كانت الحقيقة مدمرة للوجود الإنساني؟ ماذا لو كانت قوة ديونيسية مهلكة، كما كان يعتبرها نيتشه في بداياته؛ أو إرادة ضارية كما في تخمينات شوبنهاور الكئيبة؛ أو رغبة مجردة مفترسة عديمة الرحمة كما يرى فرويد؟
فكلما سُخِّرت العلوم الإنسانية لخدمة احتياجات الاقتصاد، ازداد تخليها عن دراسة وفحص القضايا والمسائل الجوهرية؛ ومن ثم هرع بائعو بطاقات التاروت، والعرافون، وأفاتارات أتلانتس، ومتخصصو تنقية الروح لشغل مكانها وهكذا أصبح معنى الحياة صناعة مربحة, فنجد انفسنا لم نقترب عبر 5 الاف عام من التاريخ المكتوب من اجابة السؤال و حل اللغز الاهم
فالحداثة هي الحقبة التي شهدت خلافًا بيننا فيما يتعلق بجميع القضايا الأخلاقية والسياسية الجوهرية. ومن ثم وجد في الحقبة الحديثة عدد كبير من المتنافسين والخصوم يتحاربون في حلبة معنى الحياة، دون أن يكون لدى أحدهم القدرة على توجيه ضربة قاضية للآخرين. وهذا يعني أن أي حل وحيد للمشكلة سوف يبدو حتمًا مثيرًا للريبة والشك، نظرًا لوجود عدد هائل من البدائل المغرية. وهكذا نجد أنفسنا هنا فيما يشبه الدائرة المفرغة.وما إن تبدأ المعتقدات التقليدية في الانهيار فى مواجهة أزمة تاريخية، يبدأ سؤال معنى الحياة في دفع نفسه إلى السطح.
و الحقيقة ان بالنسبة لكتاب مختصر فى سلسلة ترمى الى التكثيف فالكتاب يحوى صفحات طويلة فى اسهاب ممل احيانا و هو يخلط بشكل مؤلم للقارئ المتسرع على الاقل بين الفلسفة و عدم اللغة بشكل ينزع المتعة من الاثنين و هو يشير اكثر مما يتحدث و يقتبس اكثر مما يبدع و يتركنا فى منتصف الرحلة اكثر حيرة من حالنا فى البداية..هل تكون الحيرة عيبا؟ ام ميزة؟ حتى تلك سنختلف عليها ربما اقل قليلا من خلافنا الابدى عن معنى الحياة
دينا نبيل
يونيو 2015
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....