الثلاثاء، 25 يونيو 2013

قصة عقل ل زكى نجيب محمود

زكى نجيب محمود شخص عبقرى...تستطيع ان تلخص كل صفحات الكتاب و افكاره
فى هذا الاستنتاج البسيط و المعقد فى ان واحد

كل جملة او قطعه فى الكتاب تتناول طوفان من الافكار...يأخذك معه فى رحلة فكرية من الطراز الاول و هو من ذلك النوع من الكتب التى تستطيع ان تقسم انك ازادت معرفة بعد انتهائك منه
******************************
فى الفصول الاولى يتناول نفسة كشاب غر و هو يتحدث عن نفسه بصيغة الغائب و يستعير لفظ "صاحبنا" من رواية الايام ل طه حسين فى وصف ذاته

و كأنى اقرأ تعريف لنفسى فى هذا الفصل: شاب متحمس لا يدع اقصوصه فضلا عن كتاب دول ان يقرؤه , يقرأ بكثافة و بتنوع و فى كل الاتجاهات الفكرية حتى المتناقض منها بلا كثير من التخطيط و بكثير من التأثر

شاب يقرأ للمتشائم فيتشائم..للمتفائل فيتفاءل..لليسارى فيميل تارة...و لليمين تارة مع الكتاب التالى

شاب يصل فى يوم ليقرر انه سيكون اتجاهه الفكرى له و له فقط "اتمنى ان أصل لتلك المرحلة يوما" ادعو لى
*****************************
ثم يأتى مرحلة النضوج الفكرى بكل فيها من أعمال تلخص مجهود دكتور زكى فى اثراء مجتمعنا بترجمه تضاف الى مكتبتنا العربية بكل زهو و فخر

فيأتى على عاتق الرجل مع احمد امين فى تعريف المصريين بالفلسفة و اصولها فى ترجمة اولى لاعظم كتبها و يتناولها تلخيصا و تبسيطا و شرحا فيكون بمثابة الجندى المجهول للمثقف المصرى فالرجل ببساطة هو واضع الترجمة الاولى لمصطلحات الفلسفة التى سيسير على دربها المترجمين من بعده
******************************
لكن ما ذهلنى حقا هو تحيزه و شرحه لمفهوم التجربية العلمية "الوضعية المنطقية" الصعب ..و هى نظرية تبدو معقدة بعض الشئ تتناول تقديم العقل و فصل العلم عن الفلسفة

و فى فصل رائع يتناول قضية العقل و العاطفة فى مجتمعنا العربى التى ينحاز فيها دكتور زكى ببساطة الى العقل...يدعو لذلك فى مجتمع وصل فيه مستوى العاطفة لان يصرح طبيب بان محاولات زرع القلوب فى المرضى كفر و قلب لموازين الطبيعه و سيفشل باذن الله , و يصرح عالم الفلك بان محاولات صعود القمر قد تؤدى لقلب مساره و حدوث الكارثة و غضب الله على الجميع
*******************************
لكن الفكرة الاجمل فى رأيى هى التفريق بين "المثقف" و "المثقف الثورى" و هو أمر كان من المهم كتابته وقت الكتابه فى الستينات لكن بشكل ما اكثر اهمية بكثير تلك الايام ...فسب المثقفين فابتعادهم عن الواقع وصل لحد كبير و ها هو دكتور زكى يفرق لنا بين النوعين ...طبعا ده جزء كبير هاحاول الخصه

يقول ابن عربى فى كتابه "ترجمان الاشواق" تفسير مغاير للحديث الرسول الشهير: "ما ابتلى احد من الانبياء بمثل ما ابتليت به" بان هذا الابتلاء هو رجوعه من حالة الرؤية -رؤية الحق- الى دنيا الناس ليخاطب فيهم من ضل

و يقول ولى من الصوفية هو عبد القدوس الجنجوهى : "صعد محمد النبى العربى الى السموات العلا ثم رجع الى الارض قسما بربى لو بلغت هذا المقام لما عدت ابدا

فيشبه دكتور زكى المثقف العادى كالولى الصوفى الذى يرى فى الوصول الى العلم غاية فى حد ذاته , و يصير الوصول الى المعرفة هو المنتهى ليستمتع بهذا النعيم وحده

بينما المثقف الثورى تماما كالانبياء لا يكتفى بالعلم او الدين بل لا يهدأ حتى يغير من حوله و ينشر ما رأه من خير الى مجتمعه و دنياه
*******************************
كتاب ممتع جدا رجعنى للقراءة بعد فترة انقطاع

0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....