الثلاثاء، 18 أبريل 2017

اسم الكتاب | دافنشي: دراسة تحليلية لذكريات طفل
تأليف:  سيجموند فرويد
ترجمة: الحسين خضيرى
عدد الصفحات: ١٧٠ صفحة
اصدارات الربيع العربي للنشر و التوزيع

عندما يتوفر كتاب بقلم فرويد و هو العبقرية في علم النفس و صاحب النظريات المثيرة للاهتمام علي الاقل يتحمس القارئ له ، و عندما يكون محل الحديث هو دافنشي العبقرى رسما و نحتا و علما و احلاما و المتجاوز لعصره البديع في حد ذاته يزداد حماس القارئ ، و عندما يهدى لنا عبد الرحمن الصواف غلافا فنيا كهذا الذى بين ايدينا يحسم الأمر.

و نحن نسعد قليلا ان تكون النسخة العربية للكتاب تحمل غلاف فنى كهذا علي غير عادتنا مع الكتب المترجمة ، نسعد بذلك حتى اننا نتجاوز مشكلة ان الكتاب مترجم من الانجليزية و ليس الالمانية. و نحن نعلم ان الترجمة خيانة و نعلم ان الترجمة عبر لغة وسيطة عمل اشد خيانة مما نحب. لكننا نتجاوز الامر سريعا عندما يبدأ فرويد في الكلام.

و قارئ كتب فرويد يعلم ماذا سيقرأه قبل ان يفتح الكتاب. و يدرك مسبقا رأي سيجموند في دافنشي العبقرى و كيف سيخضعه للتحليل النفسي فرويدى الهوى الذى لا ينتهى -غالبا- الا الي نهاية واحدة. قارئ كتب فرويد يدرك ان اي كان الشخص الذى يحلله منطق التحليل النفسي ينتهى به الامر الي كونه: مثليا ، عصابيا ، كابت شهوته للام ، احدهم او كلهم. و هنا دافنشي العزيز ليس استثناء.

ييروى دافنشي جملة بسيطة "أتى الي عقلي كذكرى مبكرة للغاية ، حين كنت في مهدى ، ساكنا ، أتانى نسر ، هبط الي ، فتح فمى بذيله و ضربنى عدة مرات بذيله علي شفتى" . و من تلك الجملة و الذكرى البعيدة يبدأ فرويد رحلته الملحمية في اثبات شذوذ دافنشي و رمزية ذيل النسر بممارسة الجنس الفموى ، و علاقة ام دافنشي بالحب المكبوت لها و تمثليها في ذهن الطفل بكائن خنثي يحمل قضيبه علي نهد انثوى. و نحن نتعجب من سرعة استنتاج فرويد لكل ذلك من جملة تبدو غامضة و ربما مشكوم فيها في تأريخ رجل اشتهر عنه الغموض و ربما اللاجنسية. الغريب في الأمر هو عدم تردد فرويد لاي وهله في تحليله هذا المتتالي و هو يبنى قناعات راسخة علي اسس واهية ثم يشيد فوقها ابراج تطول السحاب. و ديورانت في قصة حضارته الطويلة اشار الي مثلية دافنشي في رقة اكثر و في تلميح يليق بقلة معلوماتنا عن الرجل.

لكن الكتاب كله ليس بتلك السخافة، فهو احيانا يلمس اطراف من الحقيقة و يتأملها في حب و هدوء. و احيانا يتنصل فرويد لنظريته تلك التى اشبع ذراع العالم التواء ليتطابق معها في كل مرة و موقف و شخص يكون موضع الحديث. و نحن ندرك ان لا جنسية دافنشي غريبة و نوقشت -ربما أكثر مما يجب- كما شبعت ابتسامة الچيوكندا دراسة.

 ادرك من لم اتذكر اسمه ابدا اننا يجب ان نتعلم كل ما قاله فرويد لننساه لاحقا. و اصاب صديقي هذا القول ، و هو ما اعتاد جيلي علي فعله حين التهمنا كتب فرويد واحد تلو الاخر من تفسير احلامه الي سيكولوجيه جمهوره و تحاليل الانا و الانا العليا و موسي و التوحيد. التهمنا كل ما وقع تحت ايدينا لفرويد و احبناه ثم مارسنا لعبته المفضلة عليه و قتلنا جميعا ذلك الأب و تمردنا علي افكاره كلها.

دينا نبيل
ابريل ٢٠١٧






0 التعليقات:

إرسال تعليق

حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....