اسم الكتاب :رائحة الجوافة (حوار مع جابريل جرسيا ماركيز)
حاوره و اعده : بيلينيو أبولوا مندوزا
ترجمة: فكرى بكر محمود
عدد الصفحات: ١٤٠ صفحة
اصدارات دار أزمنة للنشر و التوزيع
التقييم: ٥/٣
نعرفه كاتب نصف خيالي ، نص واقعي ، كلي الجنون. نعرفه ماركيز الذى دوه دوخ نصف الدنيا و اجبر قراء اوروبا و امريكا علي السير الي الركبتين في نهر الامازون بحثا عن كنوز الواقعية السحرية.
نعرفه من سيرته المطولة في "عشت لأروى" التى وصلت ل٦٨٠ صفحة في ترجمتها العربية. و نعرف انه فيها كان مبتورا بلا نهاية اهتم كثيرا بنفسه طفلا في احضان جدته و نزهات جده و مراهقا يلبس بدلة ابيه معادة الخياطة و شابا يكتب ليعيش دون نشر ولا اموال. و نعرف انه قرر انهاء السيرة الطويلة تلك دون ان تظهر فيها زوجته او حياته ما بعد الشهرة.
لكن هنا في "رائحة الجوافة" الحوار المطول بين ماركيز و صديقه الكاتب بيلينيو أبولوا مندوزا نرى ماركيز ما بعد نوبل الذهبية اللامعة. نراه اب و زوج و مؤلف شهير لا يدخن ولا يعمل في الليل، نراه مالك لاربعة بيوت في اربعة دول تملأ خرائن كل منها ملابسه لعدم اثقاله بحقيبة ملابس ، نراه صديقا لرؤساء دول و زائرا للبابا ، نراه رجل واقعي يتلمس جنون الماضي ، نراه رجل توقف عن كتابة الرسائل المكتوبة للاصدقاء لعلمه ان منهم من يبعيها مقابل اجر مادى.
هل يعجبنا هذا الماركيز؟ لا ندرى لكنه واقعي حقيقي. هل توقف ماركيز عن الجنون؟ نقول لا لان الجرعة التى حازها في شبابه اكبر و اضخم من ان تنسي. هل يستطيع كاتب كاتبه اعماله العظيمة دون الحاجة المادية و الظروف الصعبة؟ يخبرنا ماركيز بنعم لكننا نعلم ان اعظم اعماله هى تلك المستخرجة من مناجم شقائه و ان "خريف البطريرك" الرائعة ما كانت لتخرج من مؤلف لا يهدده البرد و الجوع و الخوف من المستقبل.
و نلمس هنا كراهيته الشديدة ل"مئة عام من العزلة " اشد ماساته لامعة و التى اخبرنا من يفهم و يدرك ولا نذكر اسمه ان لا يجب ان يعيش محب للادب في العالم دون ان يقرأ سفر التكوين و مئة عام من العزلة. يكرهها لانها فتحت له باب الشهرة و النجاح و الاعتراف العالمى و انها اكسبت اعماله الاخرى بريق و اعتراف بدورهم. و يكرهها لان النقاد اشبعوها تشريح علي طاولاتهم الباردة. بينما نتلمس اعجابه الشخصي ب"خريف البطريرك" التى تعشقها كاتبة تلك السطور و تعدها فعلا رواية اعظم مما تبدو. ماركيز الذى يقسم اصدقائه في حقبة ما قبل "مئة عام من العزلة" كمجموعة جديرة بالثقة و حقبة ما بعدها و فيهم عين الشك دائما.
يشكو ماركيز من ان نقاد ك ارنستو فوكننج حلل تقسيم ماركيز للدوار المرأة كمرسخات للنظام و للرجال في اثارة الفوضي في اعماله الكبرى. يشكو من ان اكتشاف الحقيقة تلك منعه من كتابة شخصياته النسائية علي نفس التلقائية التى اعادتها.
يمكن ان نقول ان "رائحة الجوافة" هو عالم ماركيز في نجاحه و شهرته تماما كما ان "عشت لاروى" هى قصته في عالم البؤس البديع قبله. و يعلم الراسخون في حب ماركيز ان هناك كتب اخرى تجمع الاثنين معا ربما نعود لقراءتها يوما.
دينا نبيل
يناير ٢٠١٧
حاوره و اعده : بيلينيو أبولوا مندوزا
ترجمة: فكرى بكر محمود
عدد الصفحات: ١٤٠ صفحة
اصدارات دار أزمنة للنشر و التوزيع
التقييم: ٥/٣
نعرفه كاتب نصف خيالي ، نص واقعي ، كلي الجنون. نعرفه ماركيز الذى دوه دوخ نصف الدنيا و اجبر قراء اوروبا و امريكا علي السير الي الركبتين في نهر الامازون بحثا عن كنوز الواقعية السحرية.
نعرفه من سيرته المطولة في "عشت لأروى" التى وصلت ل٦٨٠ صفحة في ترجمتها العربية. و نعرف انه فيها كان مبتورا بلا نهاية اهتم كثيرا بنفسه طفلا في احضان جدته و نزهات جده و مراهقا يلبس بدلة ابيه معادة الخياطة و شابا يكتب ليعيش دون نشر ولا اموال. و نعرف انه قرر انهاء السيرة الطويلة تلك دون ان تظهر فيها زوجته او حياته ما بعد الشهرة.
لكن هنا في "رائحة الجوافة" الحوار المطول بين ماركيز و صديقه الكاتب بيلينيو أبولوا مندوزا نرى ماركيز ما بعد نوبل الذهبية اللامعة. نراه اب و زوج و مؤلف شهير لا يدخن ولا يعمل في الليل، نراه مالك لاربعة بيوت في اربعة دول تملأ خرائن كل منها ملابسه لعدم اثقاله بحقيبة ملابس ، نراه صديقا لرؤساء دول و زائرا للبابا ، نراه رجل واقعي يتلمس جنون الماضي ، نراه رجل توقف عن كتابة الرسائل المكتوبة للاصدقاء لعلمه ان منهم من يبعيها مقابل اجر مادى.
هل يعجبنا هذا الماركيز؟ لا ندرى لكنه واقعي حقيقي. هل توقف ماركيز عن الجنون؟ نقول لا لان الجرعة التى حازها في شبابه اكبر و اضخم من ان تنسي. هل يستطيع كاتب كاتبه اعماله العظيمة دون الحاجة المادية و الظروف الصعبة؟ يخبرنا ماركيز بنعم لكننا نعلم ان اعظم اعماله هى تلك المستخرجة من مناجم شقائه و ان "خريف البطريرك" الرائعة ما كانت لتخرج من مؤلف لا يهدده البرد و الجوع و الخوف من المستقبل.
و نلمس هنا كراهيته الشديدة ل"مئة عام من العزلة " اشد ماساته لامعة و التى اخبرنا من يفهم و يدرك ولا نذكر اسمه ان لا يجب ان يعيش محب للادب في العالم دون ان يقرأ سفر التكوين و مئة عام من العزلة. يكرهها لانها فتحت له باب الشهرة و النجاح و الاعتراف العالمى و انها اكسبت اعماله الاخرى بريق و اعتراف بدورهم. و يكرهها لان النقاد اشبعوها تشريح علي طاولاتهم الباردة. بينما نتلمس اعجابه الشخصي ب"خريف البطريرك" التى تعشقها كاتبة تلك السطور و تعدها فعلا رواية اعظم مما تبدو. ماركيز الذى يقسم اصدقائه في حقبة ما قبل "مئة عام من العزلة" كمجموعة جديرة بالثقة و حقبة ما بعدها و فيهم عين الشك دائما.
يشكو ماركيز من ان نقاد ك ارنستو فوكننج حلل تقسيم ماركيز للدوار المرأة كمرسخات للنظام و للرجال في اثارة الفوضي في اعماله الكبرى. يشكو من ان اكتشاف الحقيقة تلك منعه من كتابة شخصياته النسائية علي نفس التلقائية التى اعادتها.
يمكن ان نقول ان "رائحة الجوافة" هو عالم ماركيز في نجاحه و شهرته تماما كما ان "عشت لاروى" هى قصته في عالم البؤس البديع قبله. و يعلم الراسخون في حب ماركيز ان هناك كتب اخرى تجمع الاثنين معا ربما نعود لقراءتها يوما.
دينا نبيل
يناير ٢٠١٧
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....