يبدأ ككتاب تاريخى اكثر منه كتاب سياسى...يحكى التجربه الجزائريه فى مطلع القرن العشرين..بدايات نهضه و حماس ثورى..مجادلات هذا العصر و نقاشاته التى بدأت بريئه و لاجل المصلحه و انتهت كما انتهينا جميعا..يروى كيف افسدت الانتخابات و الاصوات الافكار و لوثت "الصناديق" الهمم و الحماس
اعيب عليه فقط احتقاره الواضح للحضارات الاخرى و الافكار المختلفه فهو يزدرى شعب الجزائر بشكل اراه منفرا...لمن تصنع النهضه؟ اذا كانت الاجابه : تصنع الاجابه للشعب..فوصف هذا الشعب بالوثنى و الجاهل و اتهامه لمجرد انه اراد حقوقه قبل اعطاء واجباته امر غريب فى نظرى
*********
فى الفصل الثانى المسمى "المستقبل"...يذكر المؤلف موقفين اختلف مع كلاهما معه
الاول رأيه-و رأى المؤلف الالمانى الذى نقل منه- ان اساس الحضاره هى الدين
كثير من الحضارات نشأت بلا دين و نجحت....و كثير من الحضارات تحصنت بالدين و فشلت..ليس العيب او الميزه هنا هى الدين -فى رأيى- و انما تكوين الشعب ذاته و رغبته فى "النهضه"...السعوديه الان تملك اموال لكنها لا تملك نهضه...و اليابان عديمه الدين تقريبا تتفوق على الجميع
لاحظ ان المؤلف اشترط وجود النهضه مع الانتاج و الواجبات الاجتماعيه
الثانى: رأيه -و المفكر الالمانى الذى نقل عنه- بان بعث مبدأ المسيحيه فى النفوس البكر هى من انبتت الحضاره الاوروبيه
و هنا اكتفى فقط بالاستنكار و يضيف فى جزء لاحق التوضيح بالاشاره الى فكره حضانه الاطفال فى فرنسا
و كأنه سمع صوت استنكارى...نعم لعل بدايات الاشياء كانت دينيه فى اوروبا لكنها لم تزدهر و تصل لمستواها الحالى الا بالانفصال..تعلل المؤلف انه لولا الاصول ما ظهرت الفروع و انه لولا قيم المسيحيه ما اخترع الراديو...فقط اكتفى برفض تلك النظرية
*************
فاما الحديث عن معادله النهضه و عناصره الثلاثه
و اولهما الانسان
و هنا تكمن مشكلتى الاساسيه مع الكتاب...فقد تحول "مشروع النهضه" كأى فكره يوتوبيا اى مدينه فاضله الى تلك الافه التاريخيه المسماه بالشموليه
تحول الكاتب-لاشعوريا اعتقد- الى الدعوه لمجتمع شمولى بحت...من حيث توجيه الثقافه و توجيه رأس المال و وصل الامر بمؤلفنا الكريم بالمطالبه بتغيير الزى بل و يخصص فصلا كاملا لتلك النقطه وحدها ضاربا المثل بروسيا و اليابان ...لكنه-و يا لرحمته- لم يحدد زى موحد بعد و ترك الامر للمناقشه..و كعاده اصحاب افكار اليوتوبيا قتلت الفرديه و الحفاظ على التنوع تحت عجلات "خدمة المجتمع" المزعومه
و جاء كالعادتى فصل المرأة تحت ميكروسكوبى الخاص فلم اجد به رأيا انتقده...ليس لاستملاحى الرأى بل لانى لم اجد به رأى اصلا...فهو دائما ممسك للعصايه من المنتصف..يتنقد نموذج المرأة الاوروبيه و ينتقد نموذج العربيه الخامله الملثمه لكنه لا يقدم حل ثالث...يمتنع عن الافصاح عن رأيه عن عمل المرأة...فهو يبحث مثلا عن رأى فى تعدد الزوجات لكنه ابدا لا يجيب
ينتقد السينما المصرية -خصوصا-و يراها نوعا من الهزل و ينتقد الغناء و الموسيقى المصريه لكنه لا يقدم بديلا عن شكل تلك السينما فى شروط نهضته
ثانيهما التراب
اختلف جزئيا فى تلك النقطه بالتحديد...كيف توصل ان "التراب" جزء اساسى من معادله النهضه؟؟..اليابان فيها نهضه اضعاف اضعاف اضعافنا و هى تقريبا مش بتزرع حاجه...و على النقيض بلاد امريكا الجنوبية تغرق فى الانحدار على الرغم من انها سله غلال...ربما كان الامر من منطلق من لا يملك قوته لا يملك حريته...لكن البلاد الزراعيه على الاقل فى عصرنا الحديث ليست من مصف الدوله الاولى...ربما صمم هذا "مشروع النهضه و شروطه" على دول بلاد العرب و لكن لتنذكر ان بلاد الخليج لا يتوفر بها مقومات واقعيه لنهضه زراعيه الا من بعض المحاولات المتفرقه
فاما عنصر الوقت فأوافقه عليه فلا يوجد سبب واقعى للاعتراض
*****************
و على العموم الكتاب صغير الحجم كثير الافكار..مزدحم بالاقتراحات...لا اعترض على مواربه الكاتب للافكار طيله الوقت فانا اعشق من يترك فرصه للتفكير لقارئه دون اجباره على تبنى افكار بعينها بالاجبار...كما انك تشعر بان الكاتب يفكر طيله الوقت تاركا لنفسه مساحه للتراجع و الاضافه و هو ما احترمه للغايه...لكنى اضيف ان الكتاب ادبى فى المصف الاول فليس به خطوات واضحه لل"نهضه"بل قواعد عامه اختلف مع معظمها
0 التعليقات:
إرسال تعليق
حلو؟؟ وحش؟؟ طب ساكت ليه ما تقول....